اصابع صهيونية خلف اغتيال العلامة البوطي..

March 22nd 2013 | كتبها


 

لا شك أن حقد التكفيريين الأعمى هو وحده ما يمكن أن يدفعهم للإفتاء بقتل علامة بمقام الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي الذي دافع عن خيار المقاومة، وتبنى التقارب بين المذاهب والأديان، وناظر السلفيين بالدين فتفوق، واشتبك مع الإخوان المسلمين سياسياً وعقائدياً.

 

غير أن الحاقد الذي يفتي، كما أفتى القرضاوي بقتل المدنيين والعلماء وغيرهم في حلقة برنامج “الشريعة والحياة” التي نشرتها الجزيرة على موقعها في 6/12/2012، والزومبي فاقد العقل والدين شبيه الإنسان الذي يفجر حقده في حلقة علم في مسجد الإيمان، تقف خلفهما بالضرورة مصالح واستراتيجيات سياسية تتجاوزهما وتوظفهما في سياقاتها.

 

ولعل أهم ما في عملية اغتيال البوطي سياسياً هي أنها تؤشر على مخطط استهداف رجال الدين السنة الذين يقفون علناً ضد المشروع التكفيري ومع نهج المقاومة، وضد المؤامرة على سورية، والبوطي ليس أي رجل دين، إنما علامة مجتهد مثّل مدرسة في الفكر الإسلامي المتنور تمثل نقيضاً لإسلام البترودولار الموظف أمريكياً، وبالتالي فإن استهدافه بالذات، ولم يكن الأول الذي استهدف في حياته أو عائلته أو أملاكه، ولا ننسى أبداً اغتيال نجل المفتي بدر الدين حسون في 2/10/2011، يعني شيئاً كثيراً في السياق السوري والإقليمي.

 

فتحويل الصراع إلى حرب طائفية يتطلب، فيما يتطلبه، التخلص من الرموز السنية التي يمكن أن تعطي الصراع بعداً وطنياً وقومياً لأنهم بما يمثلونه من رمزية ووزن معنوي وشرعي وجماهيري يقفون حجر عثرة بوجه تحويل الصراع إلى حرب أهلية ذات بعد طائفي.

 

أما مشروع الحرب الطائفية، لا في سورية وحدها، بل في عموم الإقليم، فهو مشروع صهيوني بالأساس، ولو باتت تتبناه جماعة البترودولار بصورة مباشرة اليوم.  فاغتيال البوطي يأتي في سياق إزالة العقبات أمام إعادة تعريف الصراع على أسس طائفية، مما يدل بأن العملية تم طبخها في مختبرات الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأن التكفيريين لم يكونوا سوى المتعهد الفرعي لها.

 

وهذا يعني تدمير نسيج المجتمع السوري، والعربي، بغض النظر عما يمكن أن يحدث أو أن لا يحدث في سورية من “حل سياسي” يبدو الآن أبعد وأبعد مع التصعيد السياسي والإجرامي الذي يمثل اغتيال البوطي أحد معالمه.

 

وكما كان يتطلب تحويل الصراع العربي-الصهيوني إلى “نزاع طائفي” محو دور القوى والشخصيات الوطنية والقومية واليسارية، فإن تحويل العدوان على سورية إلى حرب أهلية يتطلب التخلص من الشخصيات السنية (وغير السنية) البارزة والوازنة المناهضة للطائفية.

 

ومن هنا يحاول الإعلام الأصفر أن يستغبينا بتوجيه أصابع الاتهام للنظام السوري في عملية اغتيال البوطي.  لكن مثل هذا القول يخالف المصلحة الإستراتيجية للقيادة السورية بالتركيز على المفردات الوطنية والقومية للصراع، بدلاً من تحويله إلى حربٍ مذهبية تفقده دعم الكتلة الجماهيرية السورية، من كل الطوائف، التي ترفض الانجرار لمشروع تدمير سورية، والتي تمثل بيضة القبان في الصراع الدائر في سورية اليوم.

 

أما التكفيريون، فبعدما قتلوا البوطي، بعد أن كفروه وهدروا دمه، فإنهم يريدون الآن أن يذبحوه مرتين بتجيير دمه طائفياً، لكن البوطي الذي عُرف بمواقفه الوطنية والقومية النابذة للطائفية والفتنة على مدى عقود يعرف جيداً بأي “ذنبٍ” قُتل، ويجب أن لا يغيب عن أعيننا مثل هذا السجل الطويل والحافل للفقيد لحظةً واحدة.

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=629799623703943&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

الموضوعات المرتبطة

البنك الدولي: توقعات متشائمة لمعدلات نمو الاقتصاد دولياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت   صدر هذا الأسبوع تقرير البنك الدولي "آفاق الاقتصاد العالمي" Global Economic Prospects، حاملاً توقعات بمزيدٍ من الركود التضخمي دولياً في العام الجاري والذي يليه، مع [...]

هل يصلح الذهب بديلاً للدولار الأمريكي؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت أظهر تقرير أصدره "مجلس الذهب العالمي" في 5/5/2023 أن مشتريات المصارف المركزية من الذهب حول العالم بلغت رقماً قياسياً في الربع الأول من العام الجاري ينوف عن 228 طناً.  [...]

هل تطيح عملة بريكس الجديدة الدولار الأمريكي؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت صرحت نالدي باندور، وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، أن إنشاء عملة بريكس جديدة سيكون بنداً رئيسياً  في جدول أعمال قمة البريكس المقبلة، في جوهانسبرغ في 22 آب / أغسطس، [...]

استقلالية المصرف المركزي والدولار الأمريكي

  إبراهيم علوش – الميادين نت   يعد استقلال البنك المركزي عن الدولة، في النظرية الاقتصادية النيوكلاسيكية، أحد أهم شروط أهليته.  وتدفع المؤسسات الاقتصادية الدولية دوماً، ولا سيما صندوق [...]

حول الانتقال إلى بديل للدولار الأمريكي دولياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت   الدولار الأمريكي المتربع على رأس هرم المنظومة المالية الدولية اليوم، لو دامت لغيره لما آلت إليه.  ساد الجنيه الإسترليني قبله خلال معظم القرن الـ 19 والنصف [...]
2023 الصوت العربي الحر.