لائحة القومي العربي: نحو إدانة شعبية عربية عارمة للاتفاق التطبيعي المشين بين الكيان الصهيوني والنظام الإماراتي

August 14th 2020 | كتبها

تم الإعلان رسمياً أمس عن اتفاق سيتم توقيعه بين النظام الإماراتي والكيان الصهيوني برعاية أمريكية يتضمن تطبيعاً كاملاً للعلاقات وتمثيلاً دبلوماسياً رسمياً وتبادلاً استثمارياً واتفاقيات في مجالاتٍ شتى من الثقافة إلى الاتصالات والطاقة والأمن.

أتى هذا الإعلان على خلفية تفاقم ظاهرة التطبيع الإماراتي تجارياً وأمنياً ورياضياً وسياسياً، لا سيما خلال السنوات الأخيرة التي تخللها توقيع معاهدة “عدم اعتداء” في نهاية عام 2019، ودعوة العدو الصهيوني للمشاركة في معرض أكسبو 2020 في الإمارات، ورحلات جوية علنية بين مطاري أبو ظبي وبن غوريون بذريعة “تقديم مساعدات طبية للفلسطينيين” تبين بعدها من خلال وسائل إعلام “إسرائيلية” أن النظام الإماراتي زود الكيان الصهيوني بحوالي 100 ألف جهاز لفحص فيروس كورونا!

يذكر أن النشيد “الوطني الإسرائيلي” عُزف، والعلم “الإسرائيلي” رُفع، خلال مباريات رياضة الجودو في تشرين أول/ أوكتوبر 2018 بحضور وزيرة الثقافة والرياضة “الإسرائيلية” آنذاك ميري ريغيف..

وكان الكيان الصهيوني قد افتتح بعثةً دبلوماسية رسميةً في أبو ظبي عام 2015 كجزء من وكالة الطاقة المتجددة الدولية، التي زارها وزير الطاقة “الإسرائيلي” في بداية عام 2016. وكان وزير البنية التحتية “الإسرائيلي” قد شارك في مؤتمر الطاقة المتجددة في أبو ظبي في 16/1/2010.

ليس صحيحاً إذاً أن الاتفاق الإماراتي-“الإسرائيلي” جاء لكي “تتوقف إسرائيل عن خطة ضم أراضٍ فلسطينية وفقاً لخطة ترامب للسلام”، كما ورد في النص العربي للبيان الأمريكي-الإماراتي-“الإسرائيلي” المشترك، للأسباب التالية:

أولاً، أن النص الإنكليزي للبيان المشترك يتحدث عن تعليق، وليس عن إيقاف، خطة الضم.

ثانياً، أن خطة الضم الصهيونية مغطاة بـ”خطة ترامب للسلام”، التي أثنى البيان المشترك على النظام الإماراتي لمشاركته في الإعلان عنها في البيت الأبيض في 28/1/2020، وعلى تصريحاته الداعمة لها.

ثالثاً، أن العلاقات التطبيعية بين الكيان الصهيوني والنظام الإماراتي تطورت وخرجت إلى العلن فيما كانت تجري عملية الضم والتهويد في فلسطين على الأرض، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي شكلت غطاءً سياسياً للضم والتهويد.. مثل كل تطبيع مع العدو الصهيوني حيثما وجد.

رابعاً، أن البيان المشترك يتحدث بوضوح عن ضرورة “زيادة التكامل الاقتصادي والتنسيق الأمني”، والتركيز هنا على “زيادة”، بمعنى أن العلاقات قائمة والمطلوب زيادتها، كما أن التركيز هنا على “تكامل” و”تنسيق”، بمعنى أن المطلوب ليس إقامة علاقات فحسب، بل إقامة تكامل وتنسيق، وهو ما يمثل درجة أعلى بكثير من العلاقات الدبلوماسية العادية (المدانة طبعاً بأية حال).

خامساً، أن تصريحات نتنياهو أكد في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام أمس أن خطة الضم لم تتغير، إنما تم تأجيلها.

من المهم أن نشدد هنا على أن السياق العام الذي أوصلنا إلى مثل هذه النقطة التي يعقد فيها النظام الإماراتي صلحاً منفرداً آخر لم يبدأ أمس، بل بدأ في سبعينيات القرن العشرين، قبل معاهدة كامب ديفيد، من خلال تبني الطروحات التسووية مع العدو الصهيوني عربياً وفلسطينياً، وهو ما تمخض عن كامب دايفيد و”معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية”، وأدخلنا في دهاليز أوسلو والتنسيق الأمني ووادي عربة وما أسفرت عنه أردنياً، وما “مبادرة السلام العربية لعام 2002” إلا محطة من محطات هذا النهج.. إنه نهج التسوية والاستسلام.. ونهج التخلي عن عروبة فلسطين كاملة.. من “مبدأ” الصلح والتفاوض والاعتراف إلى تفاصيل المعاهدات المنفردة.. ذلك هو المسار الذي شكل خلفية ما حدث بين النظام الإماراتي والعدو الصهيوني أمس، والذي يجب أن نسقطه كله جملةً وتفصيلا..

لم توضع “مبادرة السلام العربية” عام 2002، قبيل العدوان على العراق وغزوه، وفي عز الحصار على العراق، إلا لتجميد الصراع مع العدو الصهيوني عربياً في لحظة فارقة، وقد كان العدو الصهيوني قد تجاهل تلك المبادرة وداس عليها.. وفي القمة العربية عام 2007 أسقطت الأنظمة العربية المبادرة بنفسها من خلال “تطويرها”، بحيث يتم الاتصال بـ”الإسرائيليين” على أوسع نطاق للترويج للمبادرة العربية (التي تنص على أنه لا تطبيع، أي لا تواصل واتصال، قبل موافقة “إسرائيل” على شروط المبادرة)، فيا للمهزلة!

وما تزال تلك المبادرة السخيفة مطروحة فيما يُضرب الحصار على سورية واليمن! فالوجه الآخر للتطبيع مع العدو الصهيوني هو مقاطعة بعضنا البعض، والعكس صحيح..

نُصِر على ربط التطبيع العام بالخاص، والتطبيع الكلي بالجزئي، لأن الاتفاق الإماراتي-الصهيوني له سياق، وهو سيشكل بذاته سياقاً لتطبيعٍ آخر، أكثر خساسةً دوماً، سيكبر ويخرج إلى حيز العلن مع انتقال نموذج “اتفاق إبراهام”، هذه التسمية التوراتية للاتفاق الإماراتي-الصهيوني التي تجعلنا جميعاً “أولاد عم” للمحتلين في فلسطين، إلى دولة خليجية أخرى، وربما إلى النظام المغربي الذي يتسارع تطبيعه أيضاً.. ومن ضمن السياق العام لا ننسى التطبيع الذي يتم الترويج له بغطاء ديني على طريقة محمد العيسى، والتطبيع الذي يتم الترويج له بطرق “شبابية” برعاية وتمويل غربيين عبر المنظمات غير الحكومية، ولا ننسى طبعاً التنسيق الأمني الذي ما تزال تمارسه السلطة الفلسطينية مع العدو الصهيوني ضد المقاومة بكل أشكالها. وذلك هو السياق العام، ولا يجوز أن نُدين أو نُسقِط الثمرة وأن نترك شجرة التطبيع الشيطانية التي أنبتتها.

فلنرفع الصوت عالياً ضد التطبيع بكل أشكاله الذي يمثل الاتفاق الإماراتي-الصهيوني آخر حلقة فيه فحسب.. وما من شكٍ في أن التطبيع التركي مع العدو الصهيوني يبقى الأوسع والأقدم والأسوأ في المنطقة، ونرفض أن تكون إدانتنا لنوعٍ من التطبيع تبريراً بأي شكلٍ لنوعٍ آخر منه، سواء كان إماراتياً أم قطرياً أم تركياً أم غيره.. وهذه نقطة لا بد من تثبيتها.

ولنطالب بإعادة توجيه البوصلة ضد العدو الصهيوني، إذ أن كل بوصلة لا تتجه للقدس مشبوهة، كما قال الشاعر مظفر النواب.. كما أن بديل توجيه العداء ضد أعداء الأمة هو الصراعات والفتن الداخلية، كما نرى.

ولننتبه إلى أن قضية مقاومة التطبيع هي قضية الشعب العربي أولاً، وأن الشعب شيء، والأنظمة شيءٌ آخر، ولا يجوز أن يؤخذ الشعب بجريرة الأنظمة، وللعلم، ثمة تيارات وشخصيات كثيرة مناهضة للتطبيع مع العدو الصهيوني في شبه الجزيرة العربية كما في غيرها..

إن الاختراقات التي يحققها الصهاينة اليوم على جبهة التطبيع تتطلب مقاومة شعبية عربية عارمة تقول إن العدو الصهيوني هو عدو الأمة العربية، وإن مقاومته ومقاومة التطبيع معه هو مسؤولية الأمة العربية مع كل الدعم لكل من يقاوم التطبيع ويتبنى خيار المقاومة سواءٌ كان عربياً أم غير عربي…

لنرفع الصوت عالياً.. لا للاتفاق الإماراتي-الصهيوني! لا لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني! نعم للمقاومة! نعم لعروبة فلسطين، كل فلسطين!

لائحة القومي العربي
14/8/2020

https://www.facebook.com/113702613388448/photos/a.114074450017931/298843578207683/?type=3&theater

الموضوعات المرتبطة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة     فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم [...]

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية وسورية

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية [...]

حديث في مصطلح “الوحدة الوطنية الفلسطينية” – فيديو

حديث في مصطلح "الوحدة الوطنية الفلسطينية" - [...]
2024 الصوت العربي الحر.