ما بعد الحصار الاقتصادي: الشق المنحدر من قوس الهيمنة الغربية

August 29th 2020 | كتبها

إبراهيم علوش – طلقة تنوير 70

تنبع قدرة الدول الغربية عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، في فرض: أ – العقوبات، ب – الحظر ج – والحصار الاقتصادي، وكلٌ من هذه المصطلحات يمثل درجةً أشد من التضييق على كيان سياسي أو دولة ما، من مدى هيمنتها على الاقتصاد العالمي ومدى إمساكها بحلقاته المفصلية. إذ لا تعني أيٌ من تلك الإجراءات العقابية كثيراً إلا بمقدار ما يسيطر من يفرضها على محابس الحركة العابرة للحدود الدولية لـ: أ – السلع والخدمات، ب – رأس المال المالي، ج – والمعلومات والخبرات والتكنولوجيا، وإلا فإنه يعاقب نفسه، ويُخرِج اقتصاده من دورة التجارة والاستثمار وتطور العلم والتكنولوجيا في العالم، أكثر بكثير مما يعاقب غيره.

لوحة موازين القوى في الاقتصاد العالمي اليوم

الحال هو أن المنظومة الغربية عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، بمقدار ما تزايد لجوؤها لفرض العقوبات والحظر والحصار الاقتصادي في العقود الفائتة، لا سيما منذ انهيار منظومة الدول الاشتراكية، بمقدار ما راحت تدخل مرحلة الأفول اقتصادياً وتكنولوجياً وسياسياً وعسكرياً، وهو ما يزعزع الأساس المادي لقدرتها على فرض الإجراءات العقابية أصلاً. فالاقتصاد الأمريكي، كأكبر اقتصاد في العالم، بلغ حجمه عام 2017 ما يعادل 25% من الاقتصاد العالمي، لكنه كان 40% من الاقتصاد العالمي عام 1960، ولو تم تقييم حجم الاقتصاد الأمريكي بالنسبة للاقتصاد الصيني أو غيره بمعادل القوة الشرائية PPP، أي بما يستطيع أن يشتريه اليوان الصيني مثلاً في الصين، وليس في الولايات المتحدة بعد تحويله إلى دولار أمريكي بحسب سعر الصرف الرسمي، فإن الحجم الفعلي للاقتصاد الأمريكي بالنسبة للاقتصاد العالمي ينخفض إلى 15% عام 2019 (انظر مجلة “طلقة تنوير” 66 ص. 14)، وهو الرقم الذي يتوقع أن يشهد انخفاضاً تدريجياً خلال السنوات المقبلة.

كذلك نجد أن الصين باتت تتقدم دول العالم من حيث عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع بشأوٍ بعيد، تليها الولايات المتحدة ثم اليابان ثم كوريا الجنوبية (انظر مجلة “طلقة تنوير” 66 ص. 14)، ولعل تفوق الصين في تطوير تقنيات الجيل الخامس من الاتصالات دليلٌ نوعيٌ على تقدمها تكنولوجياً، كما أن حجم الاقتصاد الصيني كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إذ احتُسب بمعادل القوة الشرائية، فإنه بات يبلغ أكثر من 19% عام 2019، وهي نسبة من المتوقع أن تتصاعد.. أضف إلى ذلك أن الناتج المحلي الإجمالي للهند كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2019، معدلاً بحسب معادل القوة الشرائية، أي بحسب القوة الشرائية للروبية في الهند، بات يقارب 9%، وهكذا..

مرة أخرى، تم حساب هذه النسب بحسب معادل القوة الشرائية، بمعنى أننا لو أخذنا القيم الاسمية (بالأسعار الجارية وأسعار الصرف العالمية) للناتج المحلي الإجمالي، فإن النسب السابقة ستبدو أكبر قليلاً بالنسبة للولايات المتحدة، وأقل قليلاً بالنسبة للصين والهند، مع ثبات الاتجاهين الزمنيين، التصاعدي بالنسبة لحجم الناتج المحلي الإجمالي للصين والهند، والتنازلي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، حتى على صعيد القيم الاسمية للناتج المحلي الإجمالي لكلٍ من الصين والهند والولايات المتحدة.

لكن الحديث عن بداية أفول اقتصادي وسياسي وعسكري غربي عموماً، وأمريكي خصوصاً، لا يعني أن الموازين العالمية قد انقلبت بعد، إنما يمر عالمنا اليوم بمرحلة انتقالية حرجة، تؤذن بالتحول إلى التعددية القطبية، وبأفول الهيمنة الأمريكية، من دون أن يعني ذلك أن التحول قد تحقق، وأن الهيمنة الأمريكية انتهت. على العكس تماماً، تشتد الصراعات، أكثر ما تشتد، في مراحل الانتقال والتحول من نظام دولي إلى آخر، مع محاولة القوى السائدة التمسك بهيمنتها والدفاع عنها بأظافرها وأسنانها، ومحاولة القوى الصاعدة أن تطيح بتلك الهيمنة لتؤسس نظاماً بديلاً لا بد من أن يقود تعدد أقطابه وتمييع مركزيته الغربية عموماً، والأمريكية خصوصاً، إلى خلق شروطٍ أفضل لانفلات الأمم والشعوب من ربقة الهيمنة والسيطرة الإمبريالية، ولإعادة بناء علاقاتها على أسسٍ أكثر تكافؤاً، سوى أن العالم لما يصل بعد إلى مثل تلك المرحلة..

الواقع هو أن الهيمنة الأمريكية، بالرغم من ابتداء أفولها، وعلى الرغم من انحسار قدرتها على ممارسة الاحتلال العسكري المباشر والمطول، لما تزل تمتلك الكثير من الأوراق في جعبتها، فالولايات المتحدة الأمريكية وحدها ما تزال تمثل، بالأسعار الجارية، أكثر من 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2019، أي أنها ما تزال أكبر سوق في العالم، لا سيما أن واردتها من السلع والخدمات تبلغ أكثر من 15% من ناتجها المحلي الإجمالي المقدر بحوالي 22 ترليون دولار عام 2020، أي أن واردتها تبلغ حوالي 3 ترليون و370 مليار دولار، وهو ما يجعلها أكبر سوق للواردات الأجنبية في العالم، وبالتالي فإن إقفال السوق الأمريكية في وجه أي بلد أو شركة في العالم ما برح عقاباً قاسياً، بيد أنه لم يَعد بالقسوة ذاتها كما كان قبل عقد أو عقدين مثلاً، مع ازدياد حجم اقتصادات الدول الصاعدة مثل الصين (ثاني اقتصاد في العالم بالقيمة الاسمية) والهند (خامس اقتصاد في العالم) والبرازيل (تاسع اقتصاد في العالم) وواردتها التي تبلغ حوالي 19% من الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للصين، وحوالي 24% من الناتج المحلي الإجمالي للهند، وحوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي للبرازيل.

لكن المسألة لا تتعلق بالولايات المتحدة وحدها، بل بالمنظومة الغربية برمتها، والمقصود بالمنظومة الغربية هو الدول الغربية وتلك التي تدور في فلكها سياسياً واقتصادياً، ولو لم تقع في الغرب، وتنضوي تلك المنظومة رسمياً تحت مظلة “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” OECD countries التي تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وكولومبيا وتشيلي في القارة الأمريكية، وكل الدول الأوروبية الغربية، داخل السوق الأوروبية المشتركة وخارجها، والعديد من الدول الأوروبية الشرقية، بالإضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية، والكيان الصهيوني طبعاً وتركيا.

تلك هي الكتلة الاقتصادية-السياسية هي التي تمثل المنظومة الغربية فعلياً، وقد مثلت حوالي 62% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2018، وحوالي 72% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2008، وحوالي 82% منه عام 1998.. والعبرة واضحة: إن حجم كتلة الـOECD كنسبة من الحجم العالمي يتقلص، ويزيد ذلك التقلص بروزاً أن حجم تلك الكتلة الفعلي يصبح 42% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فحسب عام 2018 لو حسبناه بمعادل القوة الشرائية، والحبل على الجرار..

غير أن تلك المنظومة الغربية OECD ما تزال الكتلة المهيمنة اسمياً في الاقتصاد العالمي حتى اليوم، كما أنها ما تزال الكتلة الأكبر نسبياً في الاقتصاد العالمي من الناحية الفعلية مقارنةً بأي كتلة أخرى بالرغم من مسارها العام الهابط، باسثتناء كوريا الجنوبية التي تصعد بشكل صاروخي تتنافس فيه مع روسيا على موقع عاشر أكبر اقتصاد عالمي..

وإذا أخذنا مجموعة دول البريكس وحدها (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا) مثلاً، سنجد أن اقتصاداتها مثلت معاً 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2018 بالقيم الاسمية، و32% منه بحسب معادل القوة الشرائية، ونسوق هذه الإحصائية الدالة مع أن مقارنة الناتج الإجمالي لدول البريكس الخمس بمنظومة الدول الغربية الـ37 مجتمعة فيه شيءٌ من التعسف إن لم نأخذ بعين الاعتبار اقتصادات الدول الأخرى الصاعدة بقوة، كأندونيسيا مثلاً، أو الدول المنضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، مثل باكستان، أو دول الاتحاد الأوراسي مثل كازخستان وروسيا البيضاء (بيلاروس).

وعلى الرغم من أن الحجم الاقتصادي الفعلي لدول البريكس أكبر من حجمها الاسمي، ومن أن الحجم الاقتصادي الفعلي لدول المنظومة الغربية أصغر من حجمها الاسمي، ومن أن الغرب يغرُب، ومن أن الشرق والجنوب يشرقان، فإن الواقع هو أن تلك السيرورة لم تكمل نصفها الأول بعد، كما أن الغرب لن يقف مكتوف الأيدي ريثما تكتمل، ومن البديهي أن يلجأ لكل وسيلة قذرة، أو “ناعمة” أقذر، لعرقلتها، على ما نرى.

نقطة الانقلاب: اختراق الصين لمشروع العولمة الرأسمالية

فلنعترف أولاً أن صيرورة العولمة التي سادت التوقعات في نهاية الألفية الثانية، قبل أكثر من عشرين عاماً، بأنها ستنتهي إلى هيمنة إمبريالية شاملة على مقدرات الشعوب والأرض، لم تجرِ رياحها كما اشتهت سفن الغرب، وأن الصين تمكنت من اختراق مشروع العولمة الرأسمالية بجدارة، وأن تياراً يزداد قوةً في الدول الغربية، لعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبرز ممثليه، باتت تحركه ردة فعل حادة إزاء العولمة باتجاه النزعة الحمائية والتقوقع القومي انطلاقاً من فرضية انقلاب العولمة ضد الغرب ودوله.

لا يعني ذلك طبعاً أن العولمة، كما دفعت باتجاهها الشركات متعدية الحدود منذ عقود، وبما تمثله العولمة من تجاوزٍ لسيادة الدول ومن تفكيك للهوية القومية ومن استباحة لكل الحدود، كانت شيئاً رائعاً بالنسبة للشعوب والأمم… على العكس تماماً، إنه يعني أن من امتلك مشروعاً قومياً وقاعدة قومية يستند إليهما، ومن امتلك في الآن عينه رؤية عالمية تتيح له أن يكون جزءاً فاعلاً متفاعلاً مع الاقتصاد العالمي من دون أن يسمح للشركات متعدية الحدود أن تخترقه وتسيطر عليه وتخضعه، هو الذي تمكن من أن يواجه العولمة ويخضعها لشروطه، ومن أن يجعلها تعمل لمصلحته القومية ومن أن يقلبها على رأس من أطلقها عليه.

النموذج الصيني، أي نموذج الدولة المركزية والتخطيط الشامل الذي يعطي القطاع الخاص دوراً فاعلاً ومركزياً ضمن الخطة القومية العامة، هو النموذج الذي أثبت ذاته في مواجهة العولمة عموماً، وفي مواجهة الغرب خصوصاً، وهذا الدرس الأيديولوجي، وهو درس أيديولوجي قاسٍ في المحصلة، كيفما قلبنا الأمر، لكل من روج للخصخصة الشاملة وإلغاء دور الدولة في الاقتصاد وتسليم أعنته للشركات الأجنبية، هو الذي باتت جاذبيته العالمية ترعب عتاة الرأسمالية في الغرب حتى ممن ارتدّوا عن مقولة العولمة إلى حصون المركنتيلية والرأسمالية القومية السابقة للعولمة لأنه في جوهره درسٌ عمليٌ مناهضٌ للرأسمالية، سواءٌ كانت معولمة أم غير معولمة.

كما أن مثل هذا الدرس مهمٌ من الناحية العملية اليوم، لا من الناحية الأيديولوجية فحسب، لأن مواجهة الحروب الاقتصادية التي يشنها الغرب دفاعاً عن هيمنته يطرح بقوة أيضاً لا مسألة دور الدولة في الاقتصاد من الناحية النظرية فحسب، بل دور الدولة والتخطيط المركزي في مواجهة حروب الاقتصاد هنا والآن، إذ ليس من المنطقي أن نواجه الهجمة الغربية بأدواتٍ فشلت تنموياً في السلم، ومن المحتم بالتالي أن تفشل أكثر في تحقيق الأمن الاقتصادي في الحرب أو في تحقيق النصر في حروبٍ ذات طبيعة اقتصادية أساساً، ولهذا فإن تكريس دور الدولة في الاقتصاد، ودور التخطيط المركزي في توزيع الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الثالث (غير الربحي)، بات أحد أهم شروط مواجهة الحروب الاقتصادية التي تشنها الإمبريالية لإخضاع الأمم والشعوب المستقلة. وما سيسفر عنه ذلك هو فسيفساء من الأنظمة الاقتصادية-الاجتماعية التي تتراوح بين رأسمالية الدولة والاشتراكية، أما تفكيك الدولة وإحلال رأسمالية معولمة مفككة لا منتمية قومياً محلها فقد بات موضع تشكيكٍ كبير من حيث جدواه، ويمكن أن نقول إنه فقد بريقه على الأقل، وهو الدرس الذي رسخته أزمة وباء الكورونا أيضاً.

منظومة “سويفت” SWIFT الغربية لتحويل الأموال وبدائلها الصاعدة

لعل إحدى مميزات الردة المتصاعدة في منظومة الدول الغربية عن مشروع العولمة ذاته، من منظورنا كشعوب، هو بدء تفكك قدرتها على العمل كمنظومة واحدة متماسكة، بمقدار ما يترسخ ارتداد الدول الغربية إلى قواقعها القومية، وبمقدار ما يترسخ اتجاه ترامب في سحب الولايات المتحدة من المنظمات والأحلاف الدولية.

لنلاحظ هنا مثلاً الخلاف الذي نشب بين فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع الإدارة الأمريكية بعد انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وكيف أنشأ الأوروبيون في مستهل عام 2019 منظومة “انستكس” Instex لعقد المقايضات مع إيران خارج نطاق منظومة “سويفت” SWIFT ومن دون التعامل بالدولار الأمريكي. وعلى الرغم من أن المنظومة الأوروبية البديلة لـ”سويفت” للتعامل مع إيران لم يتم تفعيلها بعد عامٍ من تأسيسها، بسبب التهديدات الأمريكية أساساً، حتى تاريخ 31/3/2020 عندما تم استعمالها لإرسال معدات طبية إلى إيران لمكافحة وباء الكورونا، فإن دولاً أوروبية عديدة انضمت لآلية “انستكس” خلال هذه الفترة، كما أن سابقة خطيرة كانت قد تأسست، في وقتٍ كان يشكو فيه الأوروبيون من أنهم لم يساندوا بعضهم بعضاً في مواجهة الوباء، وهي إقامة منظومة منافسة لـ”سويفت” فعلياً.

رب قائلٍ إن تأسيس الأوروبيين لآلية “انستكس” لا يعكس بالضرورة انشقاقاً أوروبياً عن الإدارة الأمريكية بمقدار ما يعكس خلافاً داخل النخبة الحاكمة الأمريكية ذاتها بين داعٍ ومعترضٍ على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ولعل هذا من العوامل التي سهلت قيام الأوروبيين بخطوة إنشاء منظومة “انستكس”، غير أن الخلاف حول الاتفاق النووي مع إيران يصغر مقارنةً بإضعاف هيمنة منظومة “سويفت” على حركة تحويل الأموال عبر الحدود.

منظومة “سويفت” بالمناسبة هي منظومة أوروبية بالأساس مقرها في بروكسل، بلجيكا، يقول موقعها على الإنترنت إن أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية حول العالم ترتبط بها، فهي بلا منازع الشبكة الأساسية لإيصال رسائل تحويل الأموال من مؤسسة مصرفية إلى أخرى، ولكن من الضروري الانتباه إلى أن “سويفت” هي مجرد شبكة اتصالات مالية ومصرفية، فهي تقوم بتوصيل أوامر تحويل الأموال من مؤسسة إلى أخرى، لكنها لا تحول الأموال بذاتها، وعلى الجهات المصرفية المرسِلة والمستقبِلة لأوامر التحويل والصرف أن تخلّص تلك الأوامر فيما بينها، فمنظومة “سويفت” لا تحتفظ بأموال لزبائنها، بل هي منظومة تواصل مصرفي عابر للحدود فحسب، وهي متصلة بمنظومة أخرى اسمها CHIPS هي التي تغربل أوامر التحويل والصرف وتمررها، بالدولار الأمريكي طبعاً، فمن المهم الانتباه إلى أن منظومة “سويفت” مرتبطة عضوياً بالتعامل بالدولار الأمريكي، وبالتالي مرتبطة بتكريس هيمنته على التعاملات الدولية.

منظومة “سويفت” المالية أشبه بشبكة “فيسبوك” إذاً، أو “تويتر”، إلخ… في فضاء التواصل الاجتماعي، وهي شبكة أوروبية، لكن الأجهزة الأمنية الأمريكية تفرض سيطرتها عليها، وتسيطر الولايات المتحدة وحلفاؤها على مجلس إدارتها، وهو ما سبب احتكاكاً علنياً مع البرلمان الأوروبي في الأعوام 2009-2011. وقوة منظومة “سويفت”، مثل أي شبكة تواصل، تنبع من عدد المشتركين فيها، فقيمة شبكة “فيسبوك” مثلاً تنبع من وجود أكثر من مليارين و600 مليون مشترك فيها، وهو ما يعطي المشترك في “فيسبوك” إمكانية للوصول لعددٍ أكبر بكثير من الناس مما لو انضم إلى شبكة تواصل اجتماعي تضم بضعة آلاف من المشتركين فحسب على سبيل المثال… وكثرة عدد المشتركين هو بالضبط ما يجعل القيمة الرأسمالية لشركة “فيسبوك”، أي مجموع قيمة أسهمها في السوق المالي، أكثر من 666 مليار دولار عند لحظة كتابة هذه السطور، أي 256$ أمريكي تقريباً لكل مشترك، لو قسمنا قيمة الشركة على عدد مشتركيها، وهو ما يجب أن يتذكره من يتعرضون للحظر والعقوبات والحجب إلخ.. على فيسبوك، إذ أن كل واحد منا يضيف، بحسب سعر اليوم (القابل للتغير طبعاً) 256$ للقيمة الرأسمالية لشركة أخينا مارك…، فربما يبدو إنشاء حساب فيسبوك “مجانياً”، ولكن “ليس هناك من شيءٍ مجانيٍ في الحياة”، كما كان يحب أن يكرر أساتذتي في علم الاقتصاد.

تلك هي سمات الرأسمالية العابرة للحدود في مرحلتها الإلكترونية: استلال أرباح مهولة وسيطرة احتكارية ونفوذ سياسي في الفضاء الحقيقي استناداً للسيطرة على الفضاء الافتراضي برمجياً. كذلك الأمر بالنسبة لمنظومة “سويفت” لتحويل الأموال التي تزداد أهميتها بازدياد عدد المؤسسات المصرفية والمالية المتصلة بها، ولهذا يصبح إخراج أي مؤسسة مالية أو مصرفية من تلك المنظومة برمجياً يعادل “حظراً مالياً” يشابه الحظر الاجتماعي الذي يفرضه “فيسبوك” برمجياً على المخالفين لـ”معايير المجتمع” (الصهيونية)، والواقع هو أن قوة منظومة “سويفت”، مثل قوة “فيسبوك”، هي قوةٌ مستمدة من كثرة عدد المشتركين الذين يصبح كلٌ منهم كأنه منفيٌ من جنة عدن خارجها.

ثمة دول، مثل إيران وسورية، ومئات المصارف، محرومة من التعامل عبر منظومة “سويفت” برمجياً اليوم، وهذا يعني عدم إمكانية تحويل الأموال منها وإليها، مما يعيق التجارة والاستثمار فيها ويخنق اقتصادها، وبالتالي فإن إيجاد بديل عن “سويفت” بات استحقاقاً لا مندوحة عنه في زماننا المعاصر.. لا بد من بدائل إذاً، وحتى تنجح تلك البدائل، لا بد من أن تضم كثرة كبيرة، وحتى يحدث ذلك، لا بد من روافع كبرى لها، سياسية واقتصادية ومالية وثقافية، ولهذا فإن بدائل لشبكة “سويفت” بدأت تذر بقرنها على المسرح، ومنها:
1 – منظومة Ripple التي تأسست عام 2012، وهي منظومة أمريكية متخصصة بتحويل العملات الإلكترونية، ولكنها توسعت إلى ما هو أبعد منها مثل تحويل دقائق الهاتف النقال و”الأميال المجانية” للمسافرين جواً والمتاجرة بالسلع الأساسية commodities، والدافع لتأسيس مثل هذه المنظومة هو التطور التكنولوجي ذاته، الذي لم تعد “سويفت” تفي بحاجاته. وميزة هذه المنظومة أنها تستخدم برمجيات “المصدر المفتوح” Open Source، بما يتيح قدراً ما من تجاوز الرقابة تعمل الأجهزة الأمريكية بشكلٍ حثيثٍ على إغلاقه، كما أنها تستخدم عملات متعددة، ولا ترتبط بالدولار فحسب.
2 – منظومة Instex، وهي منظومة أوروبية تأسست عام 2019 متخصصة بالتعامل مع إيران بعملات غير الدولار، وهو تطور خطير، بغض النظر عن إيران، أثار حفيظة الولايات المتحدة بشدة، بسبب فتح قناة للتعامل بغير الدولار الأمريكي عالمياً، ومن خارج “سويفت”.
3 – منظومة CIPS الصينية، ومقرها في شنغهاي، وقد بدأت بشكلٍ تجريبي عام 2015، ثم توسعت لتشمل 47 بلداً ومنطقة، وهي تتعامل باليوان الصيني. وبالطريقة الصينية التقليدية الهادئة، تعاقدت المنظومة الصينية مع “سويفت” عام 2016 لتسهيل عملياتها! ولم تندفع المنظومة الصينية فوراً باتجاه تحويل رؤوس أموال كبرى عبرها.. ولعل ذلك أشعر “سويفت” ببعض الطمأنينة، حتى بدأ وضع بعض البنوك الصينية خارج “سويفت” بسبب تعاملها مع إيران أو كوريا الشمالية، وهنا بدأ تفعيل المنظومة الصينية بشكلٍ مدروسٍ وتدريجي على نطاق أوسع قليلاً، وبدأت “سويفت” تشعر ببعض الألم…
4 – منظومة SPFS الروسية، وقد بدأ تطويرها بعدما هددت الإدارة الأمريكية بحظر روسيا بأكملها من منظومة “سويفت” عام 2014 بعد أزمة شبه جزيرة القرم، ولم تنطلق فعلياً حتى نهاية عام 2017، وهي تعد أقل تطوراً من الناحية التقنية من منظومة “سويفت”، ولكن الروس أكثر وضوحاً ومباشرة ونشاطاً في الترويج لها كبديل لـ”سويفت”، وهم يسعون لربطها بالمنظومة الصينية، وبدول “البريكس” وإيران وتركيا.

نظرياً، لا يوجد شيء يمنع إقامة منظومة تحويل أموال بين مجموعة من الدول خارج نطاق منظومة الـ”سويفت” الغربية، ومع صيف عام 2019، بات يمر عبر المنظومتين الصينية والروسية عشرة بالمئة من التحويلات الدولية بحسب أحد المواقع الروسية، وهي نسبة لم يتم التأكد منها من مصادر أخرى، ولكن من المنطقي التوقع، مع ازدياد التناقض بين الحجم الاقتصادي للقوى الصاعدة دولياً وإقليمياً، من جهة، وبين منظومة العلاقات مثل “سويفت” (وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي) التي تكرس هيمنة الولايات المتحدة والدولار الأمريكي مؤسسياً، من جهةٍ أخرى، أن تنشأ مؤسسات جديدة، بديلة، للمؤسسات السائدة، تعبر عن تغير ميزان القوى الاقتصادي في عالمنا المعاصر، ومثل تلك المؤسسات، أو قنوات التبادل البديلة، ستجعل تدريجياً من محاولة الغرب فرض عقوبات أو حظر أو حصار على الدول التي لا تدور في فلكه أقل فأقل أثراً حتى تصبح تمريناً في المازوشية الاقتصادية بالنسبة إليه، وعندها سننتقل إلى معادلة تعددية القطبية…

حديدٌ عتيقٌ لكونٍ جديد

لكننا ما نزال نبعد كثيراً عن تلك النقطة، والقصة ليست قصة قرار أو إرادة سياسية فحسب، إذ أن تداخل الاقتصاد العالمي وحلقاته يجعل من “فك الارتباط” مع الغرب اقتصادياً ومالياً مدمراً حتى بالنسبة للدول ذات النزعة المستقلة، وهي النقطة التي يستغلها الغرب أصلاً لفرض العقوبات والحظر والعقوبات. ففوائض الصين التجارية السنوية مثلاً مع الولايات المتحدة والدول الغربية هي ما سمح لها أن تراكم رؤوس الأموال التي وظفتها في الإقلاع في مشروعها التنموي الكبير القائم على توزيع الأدوار بين القطاعين العام والخاص، وبين ما هو قومي وما هو دولي. ولنلاحظ أن احتياطيات العملة الصعبة لأول عشر دول في العالم في ربيع عام 2020 تتوزع كما يلي:
الصين 3.1 ترليون دولار
اليابان 1.37 ترليون دولار
سويسرا 848 مليار دولار
روسيا 567 مليار دولار
الهند 505 مليار دولار
تايوان (الصين الوطنية) 484.5 مليار دولار
المملكة العربية السعودية 448 مليار دولار
هونغ كونغ 442 مليار دولار
كوريا الجنوبية 407 مليار دولار
البرازيل 346 مليار دولار

وهو ما يكرس فكرة انتقال مركز الثقل الاقتصادي في العالم شرقاً وجنوباً، إذ لا نجد بين العشرة الأولى، باستثناء سويسرا، دولاً غربية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فتأتي في المرتبة 21 عالمياً من حيث احتياطياتها من العملات الأجنبية والذهب، بما يعادل 132 مليار دولار في آذار 2020، لأن الدولار الأمريكي هي عملة الاحتياطي العالمية الرئيسية، وهي تستطيع أن تطبع منه ما تشاء، وهذا من علامات هيمنتها العالمية، فهي ليست بحاجة للاحتفاظ بالكثير من الاحتياطيات، فيما يحتاج إليه الآخرون.. وهذا طبيعي، ما دام الدولار مهيمناً، وإلا فإنها في مشكلة كبيرة.

تمثل نسبة الدولار الأمريكي، بالمقابل، من مجموع احتياطيات العملة الأجنبية في الصين معلومة سرية، تم تقديرها عام 2014 بأنها تقارب الثلثين، وفي صيف العام 2019 كان من المؤكد أن الصين تملك 1.1 ترليون دولار من أذونات الخزينة والسندات الحكومية الأمريكية، أي أنها أكبر دائنٍ في العالم للولايات المتحدة الأمريكية، ولا يضارعها في ذلك إلا اليابان، وبالتالي يمثل انهيار الاقتصاد الأمريكي كارثة كبيرة بالنسبة للصين، حتى أنها حذرة جداً في التخلص من الدولارات الأمريكية بحوزتها حتى لا تنخفض قيمتها فجأة فتنخفض بذلك قيمة احتياطياتها من العملة الصعبة، ومع كل جهودها لتحويل دولاراتها إلى أصولٍ أخرى، لا سيما الذهب، فإن ما تملكه من الذهب يفترض أنه ألفا طن فحسب، لكن مراقبين يتكهنون بأنه 30 ألف طن، أي أكبر احتياطيٍ في العالم قاطبةً إذا صح هذا الكلام، ومع الصين، لا يمكن أن يكون المرء متأكداً.

أما ما هو مؤكد فهو أن رأس المال المالي الدولي، المسيطر على الاستثمار والتجارة والاقتصاد الدولي، بات في أغلبه آسيوياً، صينياً بالتحديد، وقبل 7 أشهر نشرت تقريراً بعنوان “أكبر عشرة بنوك في العالم عام 2019 ثمة أربعة صينية في طليعتها” على الرابط التالي:
http://www.freearabvoice.org/?p=6228

واليوم، بعد سبعة أشهر، ازدادت أصول تلك البنوك الصينية وعززت مواقعها، وإذا نظرنا إلى بعض أصول تلك البنوك، مثل بنك الصين الصناعي والتجاري، الذي حل في المرتبة الأولى عالمياً، نجد أنها 4.3 ترليون دولار، وبنك الإنشاءات الصيني تبلغ أصوله 3.8 ترليون دولار، وبنك الصين الزراعي تبلغ أصوله 3.7 ترليون دولار، وبنك الصين المحدود تبلغ أصوله 3.4 ترليون دولار (من الواضح أنه ليس “محدوداً” جداً). ويأتي البنك الأمريكي JP Morgan Chase في المرتبة الخامسة بأصول تبلغ 3.1 ترليون دولار، والبنك البريطاني HSBC في المرتبة السادسة بأصولٍ تبلغ 2.9 ترليون دولار، ومجموعة ميتسوبيشي اليابانية في المرتبة السابعة بأصولٍ تقارب 2.9 ترليون دولار، وBank of America في المرتبة الثامنة بأصولٍ تبلغ 2.6 ترليون دولار، وبنك BNP Paribus الفرنسي في المرتبة التاسعة بأصولٍ تبلغ 2.4 ترليون دولار، وبنك Credit Agricole الفرنسي في المرتبة العاشرة بأصول تقارب 2 ترليون دولار.

فليس من المنطق بشيء أن يفرض البنك الصغير على الكبير قيوداً حول عملياته المصرفية وتحويلاته، ولذلك فإن منطق الأمور يؤول إلى أفول منظومة “سويفت” وصعود المنظومات البديلة. لكن الصينيين ليسوا من النوع المتسرع. فإن كانوا في صدارة البنوك العالمية، فإن أول عشرين مصرفاً في العالم، بعد المواقع الأربعة الأولى التي تحتلها الصين، ما تزال أمريكية أو أوروبية أو يابانية، وأول مئة مصرف في العالم عام 2020 لا تملك الصين إلا 18 منها، وبقيتها أمريكية أو أوروبية أو يابانية، وما عدا ذلك فإن 6 منها كورية جنوبية، و4 برازيلية، و3 سنغافورية، وواحد هندي، وواحد روسي، وواحد تايواني.

وإذا اعتبرنا أن سنغافورة وتايوان وكوريا الجنوبية تدور في الفلك الغربي، فإن ذلك يعني أن 75% من بنوك العالم من أول 100 بنك في العالم تدور في الفلك الغربي، ولو جمعنا قيمة أصول تلك البنوك، سنجدها أكبر من أصول البنوك الصينية الأربعة الأولى مجتمعة بكثير. وفي الواقع، لو جمعنا قيمة أصول البنوك التي تدور في الفلك الغربي من المرتبة 5 حتى المرتبة 20 فحسب سنجدها أكبر من أصول البنوك الصينية الأربعة الأولى. وهذا يعني أن ميزان رأس المال المالي الدولي ما يزال يميل لمصلحة البنوك التي تدور في الفلك الغربي حتى اللحظة، وإن كان هذا ليس الاتجاه الصاعد. لذلك فإن تأخير المواجهة، من المنظور الصيني، هو الخيار الحصيف من المنظور الاستراتيجي، حتى لو كان عامل الوقت عاملاً ضاغطاً بشدة عند الدول المحاصرة مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وإيران وسورية وغيرها. الأمر الجيد، من منظور الدول المحاصرة، هو أن الإدارة الأمريكية اختارت تصعيد المواجهة مع الصين وروسيا وحلفائهما من البوابة الاقتصادية بالذات، وبمقدار ما ستحاول الصين امتصاص تلك الهجمة، فإن الغرب مصممٌ على أن لا يتركها تبني ذاتها بهدوء كما فعلت في العقود الأخيرة.

لكن لا يمكن ترك الأمور رهناً بما تقرره الصين وروسيا فحسب، مع كل الاحترام والتقدير، إذ لا بد من أن تنخرط الدول المحاصرة، والدول الحريصة على استقلالها، في تأسيس منظومة تحويل مالية خاصة بها أسوةً بـ”سويفت” وما يعادلها، وبعملات غير الدولار الأمريكي، ولا بد لها من أن تُنشئ إطاراً للتبادل التجاري والنشاط الاستثماري خارج إطار الهيمنة الغربية يمكن أن يشكل نواةً لنظام اقتصادي دولي بديل، كما كان فيديل كاسترو يدعو دوماً، سوف يحفز الصين وروسيا في المحصلة على إعطاء تلك الدول وزناً أكبر في حساباتهما، ويساعد الدول المحاصرة والحريصة على استقلالها على التحرر من بعض الاعتبارات الدولية/ الغربية التي تضطر الصين وروسيا إلى مراعاتها بحكم حاجتهما إلى إبقاء الخيوط ممدودة مع الغرب، فيما الدول المحاصرة تجاوزت تلك المرحلة بأمدٍ بعيد، ولذلك فإن عليها أن تفكر بخطوات أكثر جذريةً بوتيرة أسرع لأنها في حالة صدامٍ مباشر مع الغرب بجميع الأحوال.

للمشاركة على فيسبوك:

 

ما بعد الحصار الاقتصادي: الشق المنحدر من قوس الهيمنة الغربيةإبراهيم علوش – طلقة تنوير 70تنبع قدرة الدول الغربية…

Geplaatst door ‎إبراهيم علوش‎ op Vrijdag 28 augustus 2020

الموضوعات المرتبطة

طلقة تـنوير 92: غزة وقضية فلسطين: أين مشروعنا؟

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 آذار 2024     محتويات العدد:    قراءة في أزمة العمل الوطني الفلسطيني / إبراهيم علوش    غزة: المعركة التي رسمت معالم المستقبل / [...]

طلقة تـنوير 91: الرواية الفلسطينية تنتصر/ نحو حركة شعبية عربية منظمة

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 كانون الثاني 2024        محور انتصار الرواية الفلسطينية في الصراع: - جيل طوفان الأقصى/ نسرين عصام الصغير - استهداف الصحفيين في غزة، [...]

طلــقــة تــنويــر 90: ما بعد الطوفان عربياً

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 تشرين الثاني 2023 - الطوفان المقدس: غرب كاذب عاجز، ومقاومة منتصرة / كريمة الروبي   - بين حرب السويس وطوفان الأقصى / بشار شخاترة   - طوفانٌ يعمّ من [...]

طلــقــة تــنويــر 89: الهوية العربية في الميزان

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 تشرين الأول 2023 محتويات العدد:   - مكانة الهوُية بين الثقافة والعقيدة: قراءة نظرية / إبراهيم علوش   - الهوية العربية بين الواقع والتحديات / ميادة [...]

هل القومية فكرة أوروبية مستوردة؟

  إبراهيم علوش – طلقة تنوير 88   تشيع جهالةٌ في خطاب بعض الذين لا يعرفون التراث العربي-الإسلامي حق المعرفة مفادها أن الفكرة القومية عموماً، والقومية العربية خصوصاً، ذات مصدر أوروبي مستحدث [...]
2024 الصوت العربي الحر.