الحرب الأخرى في العراق: في الجغرافيا السياسية للصراع الإيراني-البريطاني

March 8th 2010 | كتبها

الحرب الأخرى في العراق: في الجغرافيا السياسية للصراع الإيراني-البريطاني

بقلم: محمد أبو النصر

ترجمة: إبراهيم علوش

[ملاحظة من المترجم: محمد أبو النصر كاتب وباحث يصدر تقرير المقاومة العراقية بالإنكليزية يومياً منذ سنتين تقريباً.  وقد نشرت وزارة الخارجية الأمريكية على موقعها على الإنترنت بيانين ضده شخصياً بسبب ذلك التقرير الذي يوصل أخبار المقاومة يومياً للناطقين بالإنكليزية كجزء من عملية كسر الحصار الإعلامي المضروب عليها.  ونلاحظ من دقة وتسلسل التفاصيل الواردة أدناه مدى اطلاعه على أخبار المقاومة العراقية.  وتجدون تقرير المقاومة العراقية بالإنكليزية يومياً على لائحة القومي العربي أو على موقع الصوت العربي الحر على الإنترنت.  وفي حوار خاص مع أخي محمد، سألته رأيه في أن يكون البريطانيون، كخبراء لا نظير لهم في علم وفن إثارة الصراعات الطائفية والاثنية، هم الذين قاموا بجريمة تفجيرات سامراء، وفي النهاية تبلور رده في المقالة الواردة أدناه عن المصلحة البريطانية بانفكاك جنوب العراق عن وسطه، والبقية والتفاصيل أدناه]

أثار التفجير الغامض والإجرامي لمرقد الإمام علي الهادي في سامراء الكثير من التكهنات حول هوية الطرف أو الأطراف التي تقف خلفه.

فقد أصدرت القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في 22 شباط / فبراير 2006، أي في نفس يوم التفجير، بياناً يقول بأن أمريكا وإيران وعميلهما نظام إبراهيم الجعفري الذي نصبه  الأمريكان هم الذين نفذ الهجوم.

وكما هو متوقع، ألقى النظام العميل من جهته باللائمة في هذه الجريمة على “الوهابيين” و”السلفيين”، والمقصود بالطبع تنظيم القاعدة عامةً والسنة خاصةً.   وأصابع الاتهام توجه هنا بطريقة تضمن إثارة عنف طائفي من النوع الضروري لتنفيذ المخطط الأمريكي-الصهيوني لتجزئة العراق، وهو المخطط الذي دعا له الكاتب لزلي غليبLeslie Gelb، المقرب من دوائر صنع القرار في واشنطن، في مقاله المعروف جيداً الذي يحمل عنوان “حل الثلاث دول” The Three-State Solution والذي نشر في صحيفة النيويورك تايمز في 26 تشرين ثاني / نوفمبر 2003.

وأصدر تنظيم القاعدة يوم الجمعة، الموافق في 24 شباط / فبراير 2006، بياناً ينكر ضمناً أية علاقة بالتفجير وينحى باللائمة على أمريكا وإيران والنظام العميل في بغداد.

ومن المؤكد أن المستفيد الأول من العنف الطائفي الذي أطلقه تفجير مرقد الإمامين هو الولايات المتحدة والعدو الصهيوني، وعلى المدى القصير، الأحزاب الطائفية الشيعية الحاكمة في العراق.

ولكننا لاحظنا أيضاً أن ثمة بلدٍ إمبريالي ذو تاريخٍ عريقٍ في إذكاء نيران العنف الطائفي حيثما حل – بلدٍ لم يذكره أحد في النقاش الدائر حتى الآن – وهو بريطانيا، حليف أمريكا الأساسي في احتلال العراق.

وليست لدينا أدلة جنائية قاطعة حول تورط لندن بتفجير مرقد الإمامين في سامراء، بل الكثير من المؤشرات الاستراتيجية والميدانية، خاصةً أن خبرة بريطانيا العريقة في حقل إدارة النزاعات الطائفية تجعل من الضروري أن نلقي بنظرة أكثر تفحصاً صوب أجندة لندن الخاصة في المنطقة.  ودراسة الأحداث الأخيرة تدل أننا كنا جميعاً مستغرقين بالتمعن في الصراع الرئيسي بين المقاومة العراقية والاحتلال الأمريكي، بينما كانت بريطانيا تستخدم قاعدتها في جنوب العراق لتصعيد منازلتها المتزايدة الجدية مع إيران، في صولاتٍ وجولات يمكن أن تكون لها انعكاسات خطيرة على مستقبل منطقة الخليج العربي بأسرها.

وقبل الدخول في تحليل التطورات الأخيرة، قد يكون من المفيد أن نراجع الدور الجيو-استراتيجي الذي لعبته بريطانيا في الماضي في المنطقة.  فبريطانيا، قبل كل شيء، قوة استعمارية سابقة في العراق سبق واكتسبت خبرة طويلة في التعاطي مع القوى العشائرية والطائفية في ذلك البلد منذ جابهت قوى المقاومة العراقية في جنوب العراق خاصة في العشرينات.  ولكن العراق لم يكن موطئ قدم بريطانيا الأول في المنطقة.  فقبل الانتداب، والاحتلال البريطاني للعراق، منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كانت بريطانيا تعتبر جنوب إيران منطقة نفوذ خاصة بها.  أما روسيا القيصرية، منافس بريطانيا الاستراتيجي، فقد اعتبرت القوة الإمبريالية المهيمنة في شمال إيران.

وفي بدايات القرن العشرين، تمددت بريطانيا غرباً من إيران لتنتزع المزيد من السيطرة في المنطقة النفطية الناشئة في الطرف الشمالي من الخليج العربي.  فأرسلت بريطانيا العميل المشهور بيرسي كوكس Percy Cox ليعقد صفقةً مع زعماء القبائل وليقتطع الكويت مما كان سابقاً الجزء الجنوبي من العراق الذي يهيمن عليه العثمانيون.

ثم، خلال الحرب العالمية الأولى، وسعت القوات البريطانية من منطقة نفوذها أكثر عندما زحفت عبر وادي دجلة والفرات باتجاه جنوب العراق.  وعندما وقع اتفاق سايكس-بيكو المشئوم سراً بين بريطانيا وفرنسا وروسيا عام 1916، وضعت بريطانيا يدها على جنوب العراق موسعةً بذلك منطقة نفوذها من جنوب إيران والكويت إلى الغرب.  وحسب النسخة الأولى من اتفاقية سايكس-بيكو، فقد تركت بريطانيا الموصل وشمال العراق لفرنسا لأن بريطانيا كانت معنية برقعة الأرض الواسعة ما بين فلسطين وأفغانستان، وأقل اهتماماً بالنقاط الواقعة إلى الشمال من تلك المنطقة.  ولاحقاً فقط، بعد الحرب العالمية الأولى، أعاد البريطانيون والفرنسيون التفاوض فقايضوا شمال العراق مقابل وسط سوريا، فذهب شمال العراق للبريطانيين ووسط سوريا للفرنسيين، وكانت نتيجة ذلك بالطبع إخراج الأمير فيصل عنوةً من دمشق ووضعه على سدة العرش في بغداد.

والعبرة من سرد هذا “التاريخ القديم-الحديث” هي إيضاح تاريخ اهتمام وعلاقة بريطانيا بجنوب إيران وجنوب العراق والخليج العربي الغني بالنفط.  وعلى الرغم من أن لكل زمان دولة ورجال، من المؤكد أيضاً أن المصالح الجغرافية-السياسية تعود للظهور بطرقها الخاصة مرة تلو المرة في سياسات الدول، بغض النظر عن تغير الأنظمة والأيديولوجيات، وحتى تغير التحالفات مع أطراف ثالثة.

أما الآن وقد عادت بريطانيا إلى منطقة نفوذها السابقة في جنوب العراق، فإن السؤال المنطقي يصبح: ما الذي كانت تنشغل به بريطانيا هناك بالضبط، في الأشهر الأخيرة خاصة؟  ففي البداية، بدا البريطانيون كأنهم “أمريكيو الجنوب” فحسب، مجرد قوة محتلة “أخرى” في العراق.  ثم بدأ يظهر بشكل متزايد أن بريطانيا صارت تقدم أجندتها الخاصة في ذلك الجزء “الخاص بها” في العراق، دون أن تتكيف بشكل تام مع النمط الأمريكي أو أن تتعاون بشكلٍ كاملٍ مع القوات العراقية العميلة التي كانت تظهر كأنها صديقتها الحميمة قبل أقل من عام فقط.

وفي 19 أيلول / سبتمبر 2005 اعتقلت قوات الشرطة العراقية العميلة جنديين بريطانيين كانا قد تنكرا كعراقيين في شوارع البصرة العربية المحتلة.  والظاهر أن هذين كانا يخططان عملية سرية ما في المدينة، ربما تكون سيارة ملغومة.  وبناءً على القواعد التي تحكم علاقة القوات العميلة بالاحتلال، كان يفترض أن يعاد البريطانيان المعتقلان للجيش البريطاني.  لكن الشرطة العميلة ترددت… وخوفاً من أن يسلم العميلان البريطانيان السريان لإحدى الميليشيات الشيعية، اقتحمت القوات العسكرية البريطانية سجن الشرطة العميلة واسترجعتهما.

وفي ليلة الجمعة الموافق في 7 تشرين أول / أوكتوبر 2005، نفذ البريطانيون بالتعاون مع الدنمركيين، حلفائهم المقربين، حملة اعتقالات في صفوف حلفائهم المفترضين في “قوات الأمن العراقية” العميلة في البصرة.  وكما أوضحنا وقتها في تقرير المقاومة العراقية Iraqi Resistance Report في اليوم التالي: “نقل مراسل مفكرة الإسلام عن مصادر طلبت أن لا يكشف النقاب عنها أن تلك القوات اعتقلت مدير التوزيع الكهربائي في المحافظة التي قالت أنه عضو في حركة سيد الشهداء ويرتبط بعلاقات وثيقة مع المخابرات الإيرانية.  ولم يتم التأكد من هذه الإدعاءات خاصة أن قوات الاحتلال البريطاني مارست تعتيماً إعلامياً كاملاً على حملة الاعتقالات الجماعية التي قامت بها.  وقد جاءت حملة التمشيط في الهارثة والقرنة وكرمة علي، وأقضية أخرى ربما، بعد حملة اعتقالات سابقة لضباط المخابرات والشرطة في الجهاز الأمني للنظام العميل في عملية تمشيط في منطقة المعقل شمال البصرة.  وقد اعتقل البريطانيون خمسة عشر “مشبوهاً” في تلك الحملة، حسب تقرير سابق لمفكرة الإسلام نشر عند الساعة العاشرة والعشر دقائق بتوقيت مكة يوم السبت صباحاً.  ومع أن الأسباب المحددة للاعتقالات ليست معروفة، فإن مصادر محلية أشارت إلى أن حملة الاعتقالات البريطانية جرت بينما كان يتم تداول اتهامات عديدة بأن إيران كانت تمول مجموعات شيعية في جنوب العراق للقيام بعمليات تخريب واغتيال بهدف زيادة الإحساس بتفاقم الإرهاب الطائفي، بحيث يبدو الطائفيون السنة كأنهم مدبروها”.

وفي 16 تشرين أول / أوكتوبر 2005 اتهمت إيران بريطانيا بتدبير تفجيرات بالقنابل في مدينة الأحواز العربية قرب الخليج العربي في المنطقة الجنوبية التي يسميها الإيرانيون “خوزستان” حيث توجد معظم احتياطيات إيران من النفط الخام.

وفي 26 كانون ثاني / يناير 2006، بعد تفجيرين آخرين في مدينة الأحواز، اتهم رئيس المخابرات الإيرانية بريطانيا بتدبيرهما، وصرح رجل الدين الشيعي غلام حسين محسني اجيهي، مسئول وزارة الاستخبارات والأمن: “ليس هناك شك أن بريطانيا من التيارات الخارجية التي كان لها ضلعٌ في تفجيرات الأحواز”.  وأضاف: “يسعى العدو الآن لأن يجعل المدن الحدودية الإيرانية غير آمنة بزرع بذور الشقاق بين المجموعات الأثنية والقبلية المختلفة في إيران”، حسب وسائل الإعلام.

ويوم الخميس، الموافق في 2 شباط / فبراير 2006، قام رجالٌ مسلحون يستقلون سيارة في البصرة بإطلاق النار على وقتل ضابطين في قسم المخابرات في الشرطة العميلة في جنوب غرب البصرة.  وقد نقل عن المراسل المحلي لمفكرة الإسلام وقتها أن عدداً من ضباط المخابرات في الشرطة العملية كانوا لا يزالون محتجزين من قبل قوات الاحتلال البريطانية بتهمة إعداد وتنفيذ عمليات إرهابية لمصلحة طهران.  أما المنطقة التي تم تنفيذ عملية الاغتيال فيها فقد كانت مسرحاً من قبل لعددٍ من الهجمات على الضباط العملاء ورجال الأمن التي لم يعلن مسئوليته عنها أي فصيل من فصائل المقاومة العراقية.

وعندما اغتيل نائب مدير السجون في البصرة بعدها بثلاثة أيام، أي في 5 شباط / فبراير، لاحظ مراسل مفكرة الإسلام بأن اغتيالات مسئولي السلطة العميلة في المدينة كانت في حالة تصاعد خلال الأسبوعين السابقين.

وفي اليوم التالي تعرض مقر القوات البريطانية في فندق شط العرب في البصرة للقصف بالهاون.

ويوم الأحد، الموافق في 19 شباط / فبراير 2006، خرج عدد من الرجال المسلحين بمسدسات مزودة بكواتم صوت من سيارة في البصرة وأطلقوا النار حتى الموت على المسئول المحلي لقوات بدر عند كشك للطعام.

وفي اليوم الذي تلاه، أي يوم الاثنين الموافق في 20 شباط / فبراير 2006، أطلقت أربعة صواريخ على القاعدة البريطانية-الدنمركية المشتركة في منطقة البصرة، وكان ذلك على ما يبدو أول هجوم تتعرض له قوات الاحتلال في البصرة منذ قصف فندق شط العرب في 6 شباط كما جاء آنفاً.

ثم في يوم الثلاثاء الموافق في 21 شباط / فبراير 2006، تعرضت مجموعة من الجنود الدنمركيين العاملين انطلاقاً من القاعدة البريطانية في البصرة للهجوم، فاشتبكت مع المهاجمين في معركة نارية لم تسفر عن إصابات.

ثم، جاء يوم الأربعاء، الموافق في 22 شباط / فبراير 2006، وهو بالطبع يوم التفجير السيئ الصيت لمرقد الإمامين في سامراء.

وفي يوم الجمعة، الموافق في 24 شباط / فبراير 2006، تعرض “المقر الدائم” لقوات النخبة البريطانية المعروفة باسم “جرذان الصحراء” في مطار شط العرب في البصرة للقصف بقذيفتي هاون ثقيلتين من عيار 120 ملم تركتا عدداً من القتلى والجرحى في صفوف القوات البريطانية، حسب ما جاء في التقارير الإخبارية.

وفي اليوم نفسه، تعرضت القاعدة الاسكتلندية في معسكر أبو ناجي في مدينة العمارة في محافظة ميسان جنوبي العراق، على بعد ستين كيلومتراً فقط من الحدود الإيرانية، لقصف غير مألوف بعشرين قذيفة هاون، وهو معسكر نادراً ما تعرض للهجوم في الماضي، إذا كان قد تعرض على الإطلاق، من قبل المقاومة العراقية.

وكما هي الحال بالنسبة لكل العمليات السرية وحروب الظل، من الصعوبة بمكان أن يعرف المرء بالضبط وعلى وجه التأكيد ما الذي يجري بالضبط.  ولكن من الواضح أن إيران وبريطانيا تخوضان حربهما الصغيرة في العراق على هامش الحرب الأساسية التي يستعر أوارها بين المقاومة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكية-البريطانية.

فمنذ ربيع عام 2003 كثرت التكهنات عالمياً حول السبب الذي يدعو طوني بلير لأن يرهن نفسه لهذه الدرجة بحرب أمريكا على العراق، وهو السياسي القادم من حزب العمال البريطاني الذي تعارض قواعده بشكل عام المغامرات العسكرية الأجنبية!  ولا غرو بأن لندن تشاطر واشنطن أهدافها الإمبريالية والصهيونية في العراق، ولكن بما أنه كان من الواضح أن الولايات المتحدة كانت ستغزو العراق مع أو بدون الدعم الملموس لأتباعها في حلف الناتو، فقد كان يستطيع بلير أن يحذو حذو النهج النفعي للبلدان الغربية الأخرى التي انتقدت الولايات المتحدة في العلن بينما كانت تزودها سراً بالدعم الاستخباري.  أما بلير فأصر بعناد على وضع قوات بريطانية على أرض العراق… لماذا؟

فبينما كان محافظو أمريكا الجدد يدفعون باتجاه ما يسمى “حل الثلاث دول”، بحيث يقسم العراق إلى ثلاث دول، كردية، وسنية عربية، وشيعية عربية، فإن التواجد البريطاني الفعلي على أرض العراق، خاصةً جنوبه، سيضع لندن في موقعٍ يساعدها على إعادة السيطرة على المصالح النفطية التي أفردها أتفاق سايكس-بيكو لبريطانيا عام 1916.  فإن سيطر الجنود البريطانيون على جنوب العراق، وانفطر الجنوب إلى كيان منفصل، ستكون بريطانيا قد سيطرت على حقول النفط الجنوبية المربحة.

بيد أن إيران أيضاً لها مخططاتٌ في جنوب العراق ويبدو أن صراع المصالح هذا قد اتسع إلى مستوى معركة صراع نفوذ إقليمي بينما تحاول بريطانيا أن تمد يدها داخل الحدود الإيرانية  لتتحدى طهران بشأن  المناطق الغنية بالنفط على طول الشاطئ الشمالي الشرقي للخليج العربي.

وفي مواجهة التحدي البريطاني، سعت إيران لطلب العون من منافس بريطانيا الجغرافي-السياسي القديم: روسيا!  وهكذا عادت “أيام زمان” عندما كان الشاه الإيراني يحاول أن يعزز موقفه بموازنة المصالح البريطانية إزاء المصالح الروسية، أو موازنة الروسية بالبريطانية… ومؤخراً، تمكنت طهران من الحصول على زيادة أساسية في الدعم العسكري والتقني الروسي في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر وبداية تشرين أول/ أوكتوبر 2005.

وفي محاولة لممارسة الضغط الدبلوماسي لفرض العقوبات على إيران، ومنعها من استيراد المزيد من الأسلحة، اصطفت بريطانيا مع “إسرائيل” والولايات المتحدة ضد إيران بسبب مخططات الأخيرة لتطوير برنامجها للطاقة النووية.  من جهتها، أمنت إيران المساعدة من روسيا، ومن الصين، حليفة روسيا.

أما أن تكون بريطانيا، أو حتى إيران، متورطة في تفجير سامراء، فأمر يستحيل الجزم فيه بناءً على المعلومات المتوفرة.  ولكن الواضح، بينما كانت أمريكا والمقاومة العراقية ملتحمتين في صراعهما اللدود والحاسم استراتيجياً، أن بريطانيا كانت تسعى خلف أهدافها الخاصة في الخليج العربي بالتحديد لمنازعة إيران على الهيمنة في واحدة من أكثر بقاع العالم قيمةً من الناحيتين الاقتصادية والإستراتيجية.  ومع أن هذا يبقى تناقضاً ثانوياً مقارنةً بالتناقض ما بين أمريكا والأمة العربية، فإن معركة بريطانيا مع إيران تبقى ذات عواقب وخيمة بالنسبة لنا أيضاً… في الحالتين.

باختصار، بريطانيا اليوم لها مصلحة مباشرة بانفكاك جنوب العراق.

الموضوعات المرتبطة

طلقة تـنوير 92: غزة وقضية فلسطين: أين مشروعنا؟

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 آذار 2024     محتويات العدد:    قراءة في أزمة العمل الوطني الفلسطيني / إبراهيم علوش    غزة: المعركة التي رسمت معالم المستقبل / [...]

طلقة تـنوير 91: الرواية الفلسطينية تنتصر/ نحو حركة شعبية عربية منظمة

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 كانون الثاني 2024        محور انتصار الرواية الفلسطينية في الصراع: - جيل طوفان الأقصى/ نسرين عصام الصغير - استهداف الصحفيين في غزة، [...]

طلــقــة تــنويــر 90: ما بعد الطوفان عربياً

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 تشرين الثاني 2023 - الطوفان المقدس: غرب كاذب عاجز، ومقاومة منتصرة / كريمة الروبي   - بين حرب السويس وطوفان الأقصى / بشار شخاترة   - طوفانٌ يعمّ من [...]

طلــقــة تــنويــر 89: الهوية العربية في الميزان

  المجلة الثقافية للائحة القومي العربي - عدد 1 تشرين الأول 2023 محتويات العدد:   - مكانة الهوُية بين الثقافة والعقيدة: قراءة نظرية / إبراهيم علوش   - الهوية العربية بين الواقع والتحديات / ميادة [...]

هل القومية فكرة أوروبية مستوردة؟

  إبراهيم علوش – طلقة تنوير 88   تشيع جهالةٌ في خطاب بعض الذين لا يعرفون التراث العربي-الإسلامي حق المعرفة مفادها أن الفكرة القومية عموماً، والقومية العربية خصوصاً، ذات مصدر أوروبي مستحدث [...]
2024 الصوت العربي الحر.