سلاح الجو الصهيوني يهب لنصرة “الجيش الحر” وجبهة النصرة

February 1st 2013 | كتبها

اهدت “جك” مساء هذا الخميس، البارد والممطر، اعتصامها رقم 150، أمام السفارة الصهيونية في عمان، لسورية، وأعلنت وقوفها معها في وجه الغارة الصهيونية الجديدة عليها، باعتبارنا هنا، ببساطة، شاميين جنوبيين.

وقد ألمحت صحيفة الغارديان البريطانية في عددها الصادر في نفس يوم الخميس الموافق 31/1/2013، أن الطائرات الصهيونية التي هاجمت موقعاً (أو قافلة حسب زعمها) في ضواحي دمشق كانت تحوم منذ الثلاثاء فوق لبنان، مما يعني أن من المحتمل أنها لم تدخل المجال الجوي السوري مطلقاً، بما أن مدى بعض صواريخ جو-أرض يمكن أن يصل موقع الضربة بسهولة من “الحدود” اللبنانية-السورية.

وليس هناك عربي شريف يمكن أن يعترف بالحدود الوهمية بين الدول العربية، ولكن العبرة هي أن التردد في مهاجمة الطيران الصهيوني فوق الحدود اللبنانية أو بمحاذاتها، في الجو السياسي الراهن، ربما يكون قد أربك الدفاعات الجوية السورية التي كانت قادرة على تحري اقتراب طائرات تركية من نفس الفصيلة الأمريكية على مسافات أبعد من قبل، أو أعاقها عن ملاحقة تلك الطائرات أو ضربها داخل الحدود اللبنانية بعد الغارة!

العبرة الثانية هي التوقيت السياسي للهجوم الصهيوني، فيما بات من الواضح أن مشروع تقويض القيادة والدولة السورية، الممول والمدعوم من الخارج، يعاني سكرات الموت، وأن رعاته الدوليين وأدواته المحلية على وشك التخلي عنه.

فلو لم تكن أعصاب القيادة السورية باردة في زمن الشدة، ولو كانت رعناء أو هوجاء، لو ردت بهجومٍ مضادٍ من الطيران الحربي السوري مثلاً، فإن ذلك كان سيؤدي، في ظل عدم التكافؤ الرهيب بميزان القوى الجوية (الهجومية… وليس الدفاعية)، إلى معركة جوية تؤدي لتدمير سلاح الجو السوري مجاناً، كما حدث خلال حرب لبنان عام 82 مثلاً.  وعندها سيكون المستفيد الوحيد هو عصابات النصرة والجيش الحر، التي يشكل الطيران الحربي السوري عائقاً رئيسياً لاختراقاتها.

باختصار، اصيب الكيان الصهيوني بالهلع من علامات انهيار مشروع “إسقاط النظام” و”تنحية الرئيس” (وهما مشروع واحد بالطبع)، فقام بهذه المقامرة، المدعومة أمريكياً بشكل علني، كطلقة يائسة أخيرة لجر سورية لمعركة غير محسوبة، تمكن العدو الصهيوني من استخدام نقطة قوته، وهي التفوق الجوي والتكنولوجي… لتدمير سلاح الجو السوري.  وهو تكتيك يصب في خدمة العصابات التكفيرية، أي يصب في خدمة مشروع تفكيك سورية.

وعلى من يعيبون على سورية عدم الرد الفوري على هذه الغارة الصهيونية أن يتذكروا أن العدو الصهيوني تدخل سياسياً هنا، وليس فقط عسكرياً، لمساندة العصابات التكفيرية، وأن نسق التدخل الصهيوني المباشر استغل انشغال الجيش العربي السوري بمقارعة من يحاولون استنزافه منذ سنتين، ومن يهاجمون قواعده الجوية بشكل منهجي، لمصلحة العدو الصهيوني… فالخدمات هنا متبادلة، والعلاقة عضوية.

أخيراً، لا بد من التذكير أن أهم مبدأ في الإستراتيجية العسكرية هو استخدام نقاط قوتنا، ضد نقاط ضعف العدو، وان الحماقة هي السماح للعدو باستدراجنا لمعركة يستخدم فيها نقاط قوته ضد نقاط ضعفنا.

إذن سورية سترد، وهذا يمكن اعتباره مضموناً كإيداعٍ في حسابٍ مربوط، لكن ردها سيأخذ شكلاً غير مباشر، عبر المقاومات، كما جرت العادة، بناء على الفقرة السابقة، أما وقد تمخض “الربيع العربي” عن فقدان سورية لجزء مهم من أوراقها الفلسطينية، بسبب نقل حماس البندقية من كتفٍ إلى كتف، فإن شكل الرد ومكانه ربما يختلف قليلاً… ولربما يتضمن استدارجاً للصهاينة ليكشفوا عن نقطة ضعفٍ معينة، والاحتمالات كلها مفتوحة، واقتراحنا للصهاينة، بالإضافة لتوزيع كمامات الغاز، أن يوزعوا “حفاضات” بانتظار الرد السوري، فسورية لا تسكت على ضيم.

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=599274826756423&id=100000217333066

الموضوعات المرتبطة

هل يقتصر الرد “الإسرائيلي” على 3 مسيرات صغيرة في أصفهان؟

إبراهيم علوش – الميادين نت ما أن كسرت إيران قواعد الاشتباك غير المعلنة بأكبرَ وابلٍ من الصواريخ والمسيرات يتلقاها الكيان الصهيوني دفعةً واحدةً في تاريخه، حتى انطلقت رشقةٌ موازية من [...]

خيارات الرد الإيراني من المنظور المعادي

  إبراهيم علوش – الميادين نت تتقاطع التقارير والمقالات الأمريكية و"الإسرائيلية" التي تتناول خيارات الرد الإيراني على استهداف القنصلية الإيرانية على أتوستراد المزة في دمشق، والمحاذية [...]

مدرج الطائرات الضخم في جزيرة عبد الكوري في أبعاده الصغرى والكبرى

  إبراهيم علوش – الميادين نت تبلغ مساحة جزيرة عبد الكوري، في أرخبيل سُقطرى اليمني، 133 كيلومتراً مربعاً فحسب، ويبلغ طولها 36 كيلومتراً، وعرضها، عند أوسع حيز فيها، 5 كيلومترات، أما عدد سكانها [...]

قراءة في قواعد الصراع على جبهة “إسرائيل” الشمالية

  إبراهيم علوش – الميادين نت ربما يظن بعض الذين ولدوا في العقدين أو العقود الثلاثة الفائتة أن الخطاب الذي يسوَّق ضد حزب الله في لبنان محلياً وعربياً، وخصوصاً منذ حرب صيف 2006، جديدُ المفردات [...]

الممر البحري بين قبرص وغزة وآباؤه الكثر

إبراهيم علوش- الميادين نت جرى تبني الممر البحري من قبرص إلى غزة رسمياً، والرصيف المؤقت والطريق الفولاذي العائم اللذين سيشيدهما الجيش الأمريكي خلال شهرين، في بيان مشترك نُشر في موقع [...]
2024 الصوت العربي الحر.