مسيرات العودة وتشويش تهمة “الموت العبثي” الضالة

May 11th 2018 | كتبها

الحمقى والمغفلون، والمشبوهون والمُخْتَرَقون، والذين يزعمون أن مسيرات العودة إلى فلسطين “موتٌ عبثيٌ” لشبابنا الذين يتحدون بأجسادهم الحدود الوهمية التي وضعها الاحتلال بين أجزاء فلسطين، أولئك إما أنهم لا يدركون أو لا يريدون أن يدركوا أن مسيرات العودة ما كان لها أن تتخذ مثل هذا الزخم السياسي الذي تتخذه لولا مشاركة شعبنا المكثفة فيها، والمشاركة الشعبية قرار جمعيٌ، وشعبنا الذي خاض المعارك في ظل موازين قوى غير متكآفئة ضد الحركة الصهيونية منذ نهايات القرن التاسع عشر لا يلعب، ولا يلقي بنفسه إلى التهلكة، ولا تسيّره قرارات الفصائل والتنظيمات، فهو ليس قطيعاً، بل أثبت أنه أكثر طليعيةً من قياداته منذ أكثر من قرن، فهو شعبٌ يعرفُ متى يُقدِم ومتى يُحجم، فمشاركته في مسيرات العودة ليست يأساً أو انتحاراً، إنما هي حياةٌ لفلسطين وقضيتها في وقتٍ اعتقد فيه الصهاينة والأمريكان أنهم همشوا القضية الفلسطينية وحجّموها، وأنهم فرضوا معادلاتٍ سياسيةً تضع فلسطين في الزاوية، بين نظامٍ رسميٍ عربيٍ يتوخى التحالف مع الكيان الصهيوني، وبين مشهدٍ سياسيٍ عربي تمزقه التناقضات الطائفية والعِرقية والجهوية، وسلطة فلسطينية تعيش على المساعدات الخارجية مقابل ممارسة التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني ضد المقاومة بكل أشكالها، وصراعٍ إقليميٍ تورطت فيه حركة “حماس” على حساب فلسطين مما عزلها وعزل قطاع غزة سياسياً، ومعادلاتِ ردعٍ جعلت من العمل العسكري انطلاقاً من غزة ذريعةً صهيونية لممارسة العقاب الجمعي ضد شعبنا، فيما كان بإمكان “حماس” أن تتبنى معادلة نقيضة مثل “اتفاق نيسان 1996″ في لبنان الذي حيّد المدنيين، في مثل هذه الظروف، قام شعبنا بكسر المعادلات التي فرضها مثل هذا الظرف السياسي القاهر، والتي كان الاستسلام لها سيؤدي إلى كوارث تقود للمزيد من التفريط والاستسلام فوق ما قدمته السلطة الفلسطينية، وهي الظروف التي دفعت ترامب لإصدار إعلاناته المعروفة عن اعتبار القدس عاصمةً للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها، فمسيرات العودة تتحدى الإدارة الأمريكية و”صفقة القرن” وتقول أن من ظن أنه سيؤسس “وطناً بديلاً” في سيناء أو في غيرها، سيجد أننا نتجه شرقاً باتجاه الوطن المحتل نحو القرى والبلدات التي تم تهجيرنا منها، وتقول أن فلسطين، كل فلسطين، عربية، وأننا لا نقبل بديلاً عن فلسطين إلا فلسطين، وتقول أننا لا نقبل حالة الشلل السياسي التي فُرضت على القضية الفلسطينية بفعل أعدائها ومن يزعمون أنهم قائمون عليها، وأننا نقول “لا” لكل المشاريع التي تضيع فلسطين، وأننا ملتزمون بحقنا التاريخي بأرض فلسطين كاملة، وأننا نقول هذا كشعبٍ، نقوله معاً، ومستعدون أن نمهر كلامنا بالدماء.

مسيرات العودة ليست بديلاً عن العمل العسكري ضد الاحتلال، إنما يعبر مسارها عن تأكيد على عروبة فلسطين التاريخية، وبالتالي فإنها تقدم سنداً معنوياً للعمل العسكري ضد الاحتلال، فهي تتمةٌ طبيعية للمبادرات الشعبية الفلسطينية الأخرى، فهي تتمة للمسيرة الشعبية الفلسطينية التي انطلقت عبر الجولان المحتل في 5 حزيران عام 2011، وهي تتمةٌ لعمليات الطعن والدهس وإلقاء الحجارة في القدس والضفة الغربية، وهي تتمة للعمل المسلح ضد العدو الصهيوني، ومن يزعم أن شهداء مسيرات العودة عبر غزة وغيرها ماتوا موتاً عبثياً، سوف يزعم بأن شهداء كل العمل المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني يموتون موتاً عبثياً، وبأن كل شهداء حركات التحرر في العالم ماتوا موتاً عبثياً، وبأن شهداء يوم الأرض عام 1976 ماتوا موتاً عبثياً، وبأن شهداء الانتفاضات الفلسطينية المتتالية ماتوا موتاً عبثياً، أما نحن فنقول بأنهم ماتوا لتحيا القضية، وأنهم في مثل الظرف الراهن الذي تعيشه القضية الفلسطينية اليوم تحديداً، يموتون لتظل فلسطين، ولتنتصر، وبأنهم ذهبوا لكي يبنوا لنا وطناً، وبأن وجوههم ستُطِلُ يومَ النصرِ في عكا وفي حيفا وبئر السبع واللطرون، وفي أفقٍ فسيحٍ من كروم التين والزيتون.

للمشاركة على فيسبوك:

 

مسيرات العودة وتشويش تهمة "الموت العبثي" الضالةالحمقى والمغفلون، والمشبوهون والمُخْتَرَقون، والذين يزعمون أن مسيرات…

Geplaatst door ‎لائحة القومي العربي/ الصفحة الرسمية‎ op vrijdag 11 mei 2018

الموضوعات المرتبطة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة     فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم [...]

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية وسورية

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية [...]

حديث في مصطلح “الوحدة الوطنية الفلسطينية” – فيديو

حديث في مصطلح "الوحدة الوطنية الفلسطينية" - [...]
2024 الصوت العربي الحر.