يا مال الشام يالله يا “مالي” – في غرب أفريقيا

January 17th 2013 | كتبها

لعل أجمل ما في التدخل الفرنسي الاستعماري القذر في دولة مالي، في غرب أفريقيا، أنه فضح ازدواجية بعض الإسلامويين والليبراليين:

فقد وقفوا مع التدخل الاستعماري المباشر في ليبيا، ويدينون اليوم تأخر شكله المباشر في سورية، لكنهم يقفون ضده في مالي!!!

وهم يدعون لإعطاء فرصة للحل السياسي في مالي… لكنهم يعارضون مجرد التلويح بالحل السياسي في سورية!

فجأة صاروا يخطبون ويعظون ضد… “التدخل الأجنبي”!!!  أهلاً! ويتحدثون عن النتائج الكارثية المتوقعة لمثل هذا التدخل…

لكن تذكروا: من أيد غزو ليبيا، لا يمكن أن يعارض غزو مالي، ليس فقط من حيث المبدأ، ولكن أيضاً لأن ليبيا القذافي كانت تشكل كابحاً للدور الفرنسي، وغير الفرنسي، في أفريقيا…

وليس هناك منافق أكبر ممن يتظاهر الآن بأنه يعارض التدخل الفرنسي في مالي بعد أن وافق على التدخل الأجنبي في ليبيا وسورية وأيده وتعاون معه أو برر له بأي شكل من الأشكال… فإذا كانت الحجة هي الطغيان، فليس هناك طغيان أكبر من معاقبة الناس على ما يأكلونه ويشربونه ويلبسونه.

وفي مالي يخاف الرجال أن يدخنوا سيجارة في الشارع في المناطق التي يسيطر عليها الإسلامويون، ومعظمهم ليسوا من الماليين، أو حتى من الأقلية العربية فيها… بل من خارج البلاد.  بالرغم من ذلك، ليس هناك أكثر حمقاً ممن يعتقد أن فرنسا تتدخل في مالي عسكريا دفاعاً عن الحريات الشخصية للماليين…

عموماً ها هي مالي… يا من تقافزتم كجراد العصور الوسطى من كل أقطار الأرض على الشام… فإذا كنتم ضد التدخل الأجنبي حقاً، لماذا لا تذهبون هناك لمجاهدته؟!

وها هي فرنسا تحاول تعزيز دورها في أفريقيا من الصومال إلى مالي، في محاولة لملء الفراغ الذي يتركه تقهقر الولايات المتحدة العالمي، خاصة على الاطراف…  فأين أنتم منها؟!

لكن التركيز الأمريكي على الوطن العربي سببه موقع الوطن العربي وثرواته ونفطه وغازه، وكونه عقدة جغرافيا سياسية تحقق الاحتواء الاستباقي لتصاعد النفوذ العالمي لدول البريكس، خاصة روسيا والصين… وفي تلك المعركة الأكثر أهمية بكثير، يجري توظيف الإسلامويين والليبراليين في معركة الولايات المتحدة وحلف الناتو والكيان الصهيوني من أجل إعادة صياغة المنطقة ك”شرق أوسط جديد”.

والعدو الأول للغرب يبقى العروبة، والإسلام المقترن بالعروبة، إسلام عبد الناصر وصدام حسين.  فالناتو لم تكن لديه مشكلة بدعم “الثوار” الأفغان ضد الاتحاد السوفييتي، ولا بالسماح لباكستان بامتلاك القنبلة النووية في خضم الحرب الباردة، ولا بالتدخل لتفكيك يوغوسلافيا بذريعة الدفاع عن مسلمي البوسنة، ولا بتوظيف الإسلامويين في معركة تفكيك العراق وسورية وليبيا… والإسلامويون، بدورهم، اثبتوا، من مصر إلى ليبيا إلى تونس، أنهم لا يصارعون من أجل تحرر وطني، بل من أجل السلطة.   وما صراعهم مع الفرنسيين اليوم إلا صراعٌ على النفوذ، ربما لمصلحة طرف استعماري أخر، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً.

 

إبراهيم علوش

 

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=591678464182726&id=100000217333066

 

الموضوعات المرتبطة

هل يقتصر الرد “الإسرائيلي” على 3 مسيرات صغيرة في أصفهان؟

إبراهيم علوش – الميادين نت ما أن كسرت إيران قواعد الاشتباك غير المعلنة بأكبرَ وابلٍ من الصواريخ والمسيرات يتلقاها الكيان الصهيوني دفعةً واحدةً في تاريخه، حتى انطلقت رشقةٌ موازية من [...]

خيارات الرد الإيراني من المنظور المعادي

  إبراهيم علوش – الميادين نت تتقاطع التقارير والمقالات الأمريكية و"الإسرائيلية" التي تتناول خيارات الرد الإيراني على استهداف القنصلية الإيرانية على أتوستراد المزة في دمشق، والمحاذية [...]

مدرج الطائرات الضخم في جزيرة عبد الكوري في أبعاده الصغرى والكبرى

  إبراهيم علوش – الميادين نت تبلغ مساحة جزيرة عبد الكوري، في أرخبيل سُقطرى اليمني، 133 كيلومتراً مربعاً فحسب، ويبلغ طولها 36 كيلومتراً، وعرضها، عند أوسع حيز فيها، 5 كيلومترات، أما عدد سكانها [...]

قراءة في قواعد الصراع على جبهة “إسرائيل” الشمالية

  إبراهيم علوش – الميادين نت ربما يظن بعض الذين ولدوا في العقدين أو العقود الثلاثة الفائتة أن الخطاب الذي يسوَّق ضد حزب الله في لبنان محلياً وعربياً، وخصوصاً منذ حرب صيف 2006، جديدُ المفردات [...]

الممر البحري بين قبرص وغزة وآباؤه الكثر

إبراهيم علوش- الميادين نت جرى تبني الممر البحري من قبرص إلى غزة رسمياً، والرصيف المؤقت والطريق الفولاذي العائم اللذين سيشيدهما الجيش الأمريكي خلال شهرين، في بيان مشترك نُشر في موقع [...]
2024 الصوت العربي الحر.