الأزمة السورية والموقف الشعبي العربي/ ناجي علوش

April 2nd 2012 | كتبها


 

2/4/2012

 

من يشاهد وسائل الإعلام السورية ويسمع مشاركات المواطنين السوريين من دمشق إلى دير الزور، يلمس الآلام التي يحس بها المواطن السوري من الموقف السعودي-القطري بشأن تأييد ما يسمى المعارضة السورية والحض على تسليحها.  والمواطن السوري معه حق في ذلك، لأن الحض على التسليح، وبالتالي العمل على القتل والتخريب، أمرٌ مثيرٌ ومزعج، وعملٌ عدائيٌ لا يلمس المواطن سبباً له.  فما الذي دفع المملكة العربية السعودية وإمارة قطر إلى مثل هذا الموقف؟  هنالك سببان:

 

الأول هو الالتزام بالسياسة الأمريكية-الصهيونية، والثاني هو خشية دولة رجعية كالمملكة العربية السعودية من خطر الحياة المدنية الراقية الذي يسود في سورية والخشية من التطور الذي تشهده سورية. 

 

وعليه فإن السياسة السعودية-القطرية ليست عربية، بل سياسة مملاة من الخارج.  وهي سياسة ليست رئيسية، بل ثانوية، لأن قيادة الخط الرئيسي أمريكية-صهيونية، ولأن الدور العربي مجرد غطاء للسياسة الأمريكية، ولأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تتعامل مع العرب بوجهين: وجهٌ يضرب، ووجهٌ يماري ويداري.

 

ورغم ذلك، فإن غضب المواطنين السوريين محقٌ وفي مكانه، لأن العربي الصميم لا يقبل بدورٍ عربيٍ معادٍ حتى لو كان شكلياً أو جزئياً أو تآمرياً، ولأن العربي الصميم يريد من العربي أن يكون صادقاً وقومياً ومعادياً للأعداء، ومؤازراً للأصدقاء، وليس هذا موقف السعودية وقطر وبعض المتآمرين العرب الصغار، ممن يعادون من وراء الستار.

 

كما أن المواطن العربي السوري لا يلمس حماسة عربية لنصرته في أزمته، ويرى العرب الآخرين مجرد مناصرين من بعيد، بلا حماسة معتبرة ولا مواقف مؤثرة.

 

وهنالك كثيرٌ من العرب ممن يظهرون في وسائل الإعلام السورية ليدلوا بدلوهم في تأييد سورية، ولكن ذلك كله لا يوازن التأييد السياسي والمالي الذي يقدمه النظامان السعودي والقطري.

 

ولأن الدم السوري يسيل يومياً، فإن الموقف العربي الذي تعكسه بعض النخب في وسائل الإعلام السورية لا يوازن الموقف السعودي-القطري في التأثير، على الأقل حالياً.

 

وعلى المواطنين السوريين والعرب أن يفهموا حقيقتين:

 

الأولى أن شيوخ قطر وملوك المملكة العربية السعودية لا يمثلون العرب، ولا حتى في أقطارهم، بل هم يمثلون شريحة منعزلة، متواطئة مع الأجنبي، وتنهب ثروات شعبها وبلادها، أو تعيش على التسكع على أبواب القوى الإمبريالية، وعما قريب الصهيونية.

 

الثانية أن الرأي العام العربي الشعبي يتألم مما يجري في سورية، ويعبر عن ذلك بوسائل مختلفة منها:

 

1 – إرسال وفود للتضامن،

2 – الظهور على شاشات الفضائيات السورية وغيرها للتعبير عن موقفه.

 

لكن الرأي العام العربي لا يملك مالاً ولا سلاحاً ليسهم بهما، وهو يعاني من حكوماته ما يعانيه الشعب السوري مما يسمى المعارضة.

 

ولطمأنة الرأي العام العربي في سورية يجب أن نلجأ إلى ما يلي:

 

أولاً، زيادة عدد المتحدثين العرب في وسائل الإعلام السورية وغيرها من الكتاب والمحللين السياسيين وقادة الرأي المناصرين لسورية.

 

ثانياً، إصدار البيانات يومياً لاستنكار الموقف الرسمي القطري-السعودي.

 

ثالثاً، إخراج المظاهرات في المدن والعواصم العربية تأييداً لسورية.

 

وبذلك نطمئن الرأي العام السوري ونزيل شوائب الشعور بأن الرأي العام العربي ليس مع سورية.  ونحن بحاجة للقيام بذلك لأن سورية هي قلب العروبة وهي بحاجة إلى الاطمئنان.

الموضوعات المرتبطة

وثيقة كامبل بانرمان: حقيقة أم خيال؟

إبراهيم علوش – الميادين نت     ترد إحالاتٍ عربيةً، دورياً، من كتاب وباحثين عرب جادين ورصينين، إلى ما يسمونه "وثيقة كامبل بانرمان" لتفكيك الوطن العربي وإنشاء حاجز بشري غريب في قلبه، أي في [...]

كيف نقرأ انتفاضة العشائر العربية شرقي سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت     يمكن الجزم بأن صناع القرار في الولايات المتحدة لم يفاجأوا باندلاع الصراع شرقي سورية بين العشائر العربية من جهة، وبين ميليشيات "قسد" من جهةٍ أخرى، بدلالة أن [...]

استراتيجية الغرب في مواجهة بريكس

  إبراهيم علوش – الميادين نت   تناقلت وسائل الإعلام تصريحاً لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في 22/8/2023، أي يوم افتتاح قمة بريكس في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، قال فيه إن الولايات [...]

أزمة الديون العالمية: هل تقوض الدولار الأمريكي؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت     تتأجج مشكلة الديون العالمية، يوماً بعد يوم، كأنها صاروخٌ ذاتي الدفع يحلق عبر القارات بقوة دفعٍ مستقلةٍ عن هياكل المنصة التي أطلقته في فضاء الاقتصاد [...]

الدولار الأمريكي: إلى أين؟

    إبراهيم علوش – الميادين نت   ربما باتت حالة الدولار الأمريكي المؤشر الحيوي الأهم لصحة النظام الدولي القديم، نظام الأحادية القطبية الأمريكية، اقتصادياً وسياسياً.  وبناءً عليه، فإن [...]
2023 الصوت العربي الحر.