حذار من مصطلح “الشرق الأوسط” المشبوه

February 4th 2013 | كتبها

هل سمعتم يوماً من يسمي أمريكا الشمالية “الغرب الأقصى”، أو أوروبا الغربية “الغرب الأوسط”؟!  فلماذا نقبل إذن أن يُسمى الوطن العربي “الشرق الأوسط”؟!

إن مصطلح “الشرق الأوسط”، أولاً، مثل مصطلح “الشرق الأدنى” و”الشرق الأقصى”، يكرس اعترافنا كمحكومين بنقطة مرجعية هي الغرب كمركز للعالم، أي أنه يكرس علاقة التبعية المتوارثة من عهود الاستعمار.

ومصطلح “الشرق الأوسط”، ثانياً، ينفي الهوية العربية عن بلادنا، ويصورها كتجمع عشوائي متنافر من الطوائف والأعراق والقبائل والإمارات المتناحرة التي لا يربطها رابط، أي أنه يهدف لنفي مفهوم العروبة.

وهو، بصفته تلك، ثالثاً، يجعل وجود الكيان الصهيوني، والاحتلالات الأخرى على أجزاءٍ من الوطن العربي، مثل الإسكندرون والأحواز وصحراء أوغادين وسبتة ومليلة، شيئاً طبيعياً.  فلو قلنا وطن عربي، فإن وجود “إسرائيل” لا يكون طبيعياً، أما لو قلنا “شرق أوسط”، فإن المنطقة برمتها تصبح برسم الصهينة والتفكيك.

ومصطلح “الشرق الأوسط”، رابعاً، يمهد لتفكيك الدول العربية المركزية وغير المركزية، ليس من أجل تأسيس دولة عربية واحدة، وهو ما يمثل أساس الحلم القومي، بل لإنتاج المزيد من الدويلات التي تحكمها الهيمنة الصهيونية والإمبريالية.

ونلاحظ أن القاسم المشترك في حراكات ما يسمى “الربيع العربي”، السلمية والعنيفة، هو الحفاظ على نظام التبعية للإمبريالية، والتأسيس للتبعية حيث يكون هناك أي حيز استقلالي، ووضع الأساس لتفكيك الدولة المركزية، وهو المشروع الذي بدأ في الصومال، ومن ثم في العراق عند غزوه.

ونلاحظ أن صناديق “الدعم”، والمؤسسات الدولية المتخصصة بمنطقتنا، كثيراً ما تحمل اسم “الشرق الأوسط”، أو “الشرق الأدنى”، الخ… والأدهى هو تسمية “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، التي توحي أن شمال أفريقيا ليس عربياً طبعاً.

وكل الأيدلوجيات الليبرالية والإسلاموية، بالتالي، التي تعمل على فك ارتباط الإنسان بالأرض، أي ضرب فكرة الوطن والأمة العربية لمصلحة الانتماء للطائفة والعرق والجهة، والتي تستهدف شق المواطن عن الوطن وتقويض الدولة، هي جزء من مشروع “الشرق الأوسط”.

لذلك يجب أن يرفض أي عربي شريف تسمية “الشرق الأوسط”، وأن يصر على تعبير الوطن العربي.

أما قصة لماذا الوطن العربي وليس العالم العربي، فتلك قصة أخرى تتطلب معالجة منفصلة.

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=605380726145833&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

الموضوعات المرتبطة

“الهوية اليهودية”: قومية أم دينية؟  

إبراهيم علوش – الميادين نت تاريخياً، نحا الخطاب المقاوم في فلسطين باتجاه تصنيف اليهود أتباعاً لديانة سماوية فحسب، لا مشكلة معهم جوهرياً بصفتهم تلك، وباتجاه تركيز بوصلة التناقض الرئيس نحو [...]

اليهودية، الصهيونية، ومسألة “إسرائيل الكبرى” عقائدياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت تقبع، بين جولات الصراع مع العدو الصهيوني، مسألة جوهرية، يتحرج كثيرون من الخوض فيها، على الرغم من أنها تمثل رافعة أيديولوجية لزعزعة استقرار المنطقة من المنظور [...]

“إسرائيل الكبرى” بين الجغرافيا السياسية والأيديولوجيا

  إبراهيم علوش ربما تبدو مقولة "إسرائيل الكبرى" شطحة أيديولوجية تعتنقها قوى وشخصيات متطرفة تتموضع في أقصى يمين الحركة الصهيونية، وربما تبدو تلك المقولة نبتاً شيطانياً يرعاه أمثال "الحزب [...]

المنظومة الليبرالية في الغرب في مواجهة “أزمة غزة” داخلياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان مهماً جداً الربط الذي أقامه المناضل جورج إبراهيم عبدالله، في حواره الخاص مع قناة الميادين في 3/8/2025، بين ظاهرة تصاعد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، [...]

ماذا يريد الكيان الصهيوني في سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت من بين مئات الأميال المربعة الجديدة التي احتلها الكيان الصهيوني جنوبي سورية منذ 8/12/2024، يبرز عالياً جبل الشيخ، على وجه الخصوص، أو جبل حرمون بحسب اسمه الكنعاني [...]
2025 الصوت العربي الحر.