من فكرنا القومي الجذري: ما هو موقف القوميين الجذريين من الأممية؟

May 31st 2013 | كتبها

 


 

ثمة أنواع من القوميين.  فهنالك قوميون بالمعنى الاستعلائي، الذي ينفي حقوق ووجود الأمم الأخرى والذي يتخذ مواقف عنصرية وعدوانية ضد الأمم الأخرى، وهؤلاء نسميهم قوميين شوفينيين، والشوفينية مصطلح يعني التعصب القومي.

 

وهنالك بالمقابل قوميون جذريون، أو تقدميون، سمهم ما شئت، واولئك هم الذين تتوقف قوميتهم عند حدود أمتهم.  فهم قوميون لأنهم يعملون على توحيد بلادهم وتحريرها والنهوض بها، ولكنهم غير معنيين بالتحول إلى قوة استعمارية بديلة تضطهد الأمم الأخرى وتستعبدها. 

 

ونحن كلائحة قومي عربي من النوع الثاني… لأننا: أولاً، لا نعتبر العرق، أو الأصل العرقي، شرطاً من شروط تحقق القومية، كما يفعل القوميون الأوروبيون مثلاً الذين يجعلون الانتماء للعرق “الآري” أحد أهم عوامل وجود الأمة.  فنحن نعتبر العروبة انتماءً ثقافياً وحضارياً، ونعتبر أن شروط وجود الأمة هي الأرض واللغة والتاريخ المشتركة والسمات الثقافية المشتركة والمصالح المشتركة.

 

ونحن نعتبر، ثانياً، أن نضالنا القومي هو نضال للتخلص من قوى الهيمنة الخارجية، ولهذا ندعم نضالات كل الشعوب الساعية للتخلص من الهيمنة الإمبريالية والصهيونية، من أمريكا الجنوبية لشبه الجزيرة الكورية، ونعتبر أن انتصاراتها مكاسب لنا، وأن انتكاساتها تراجعٌ لنضالنا.  فهذا قاسمٌ مشترك كبير بيننا وبين كل الشعوب والحركات المناهضة للإمبريالية حول العالم، كما أنه مهمٌ جداً كنقطة مرجعية لأنه يضع حداً فاصلاً بين قوميي الأمم الإمبريالية، التي تمارس الاستعمار والهيمنة وتضطهد غيرها من الأمم، وبين القوميين في الأمم الخاضعة للاحتلال والهيمنة والاضطهاد… ولهذا نعتز مثلاً بالحس القومي التحرري للبوليفاريين في أمريكا اللاتينية، وندين الحس القومي الشوفيني للمؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

نحن قوميون أمميون إذن.  ونعتبر أن الأخوة بين الشعوب والأمم هي مستقبل العالم بعد إزالة الاضطهاد والاستغلال والإمبريالية، ولكننا لا نعتبر، كما يذهب الليبراليون، ويسير معهم في ذلك بعض اليساريين والإسلاميين للأسف، بأن البشرية توجد على شكل أفراد، وأن الهوية هي “إنسان”، بالمجرد، بشكل منقطع عن الانتماء القومي والحضاري، بل نعتبر أن الإنسان وجد على هذه الأرض على شكل متحد اجتماعي هو الأمة، ونحن ننتمي للأمة العربية، وغيرنا ينتمي للأمة الصينية أو الروسية أو غيرها.

 

ولنلاحظ هنا قول القرآن الكريم: “إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”، فهو لم يقل إنا جعلناكم فرادى لتعارفوا.  ومن هنا يمكن أن نشتق المنهج القومي من القرآن الكريم نفسه، ونختلف مع الرؤية الشيوعية التقليدية التي تعتبر الأمم حصيلة تطور المجتمع من الاقطاع للرأسمالية، بعد الثورة الصناعية وسيطرة الطبقة البرجوازية على السلطة في المجتمع الأوروبي، بل نعتبر أن القوميات موجودة منذ ما قبل البرجوازية، وأن ما فعلته البرجوازية الصناعية، في كل أمة أوروبية على حدة، هو تبني مشروع “الدولة القومية”، مما ساعد على تبلور صفات حداثية في الأمة، وسنعود لهذا في معالجة أخرى.

 

أبو ذر القومي

 

للمشاركة على الفيسبوك:

 

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=621888811156634&set=a.419967428015441.105198.419327771412740&type=1

 

الموضوعات المرتبطة

صورٌ من عالمٍ جديدٍ يتشكل

  إبراهيم علوش – الميادين نت   توالت أنباءٌ دوليةٌ مؤخراً، ربما تضيع دلالاتها الكبرى في زحمة الحدث المباشر محلياً وإقليمياً، لكنها ترسم بمجموعها صورةً لعالمٍ جديدٍ يتشكل من حولنا بسرعةٍ [...]

وثيقة كامبل بانرمان: حقيقة أم خيال؟

إبراهيم علوش – الميادين نت     ترد إحالاتٍ عربيةً، دورياً، من كتاب وباحثين عرب جادين ورصينين، إلى ما يسمونه "وثيقة كامبل بانرمان" لتفكيك الوطن العربي وإنشاء حاجز بشري غريب في قلبه، أي في [...]

كيف نقرأ انتفاضة العشائر العربية شرقي سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت     يمكن الجزم بأن صناع القرار في الولايات المتحدة لم يفاجأوا باندلاع الصراع شرقي سورية بين العشائر العربية من جهة، وبين ميليشيات "قسد" من جهةٍ أخرى، بدلالة أن [...]

استراتيجية الغرب في مواجهة بريكس

  إبراهيم علوش – الميادين نت   تناقلت وسائل الإعلام تصريحاً لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في 22/8/2023، أي يوم افتتاح قمة بريكس في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، قال فيه إن الولايات [...]

أزمة الديون العالمية: هل تقوض الدولار الأمريكي؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت     تتأجج مشكلة الديون العالمية، يوماً بعد يوم، كأنها صاروخٌ ذاتي الدفع يحلق عبر القارات بقوة دفعٍ مستقلةٍ عن هياكل المنصة التي أطلقته في فضاء الاقتصاد [...]
2023 الصوت العربي الحر.