نتائج انتخابات الكنيست 2015

March 25th 2015 | كتبها

Zionist Elections2

أوباما يتلوى لأن نتنياهو عاد لرئاسة الحكومة أقوى مما كان، معززاً مواقعه، ولأن حلفاءه في المشهد السياسي الصهيوني تلقوا صفعةً لفحت وجهه أيضاً، ووجه حلفائه الرسميين العرب والفلسطينيين. فقد تمخضت نتائج انتخابات الكنيست العشرين في الكيان الصهيوني عن اكتساح الليكود وحلفائه في اليمن المتطرف لصناديق الاقتراع، مع حصول الليكود على ثلاثين مقعداً من مئة وعشرين، وحصول “المعسكر الصهيوني” على 24 مقعداً، وحصول الأحزاب اليمينية واليمنية المتطرفة مثل “يش عتيد” و”كلنا” و”البيت اليهودي” و”شاس” “يهودية التوراة المتحدة” و”إسرائيل بيتنا” على عشرات المقاعد الإضافية فيما بينها، وحلول “ميريتس” الذي يزعم اليسار في نهاية القائمة بأربعة مقاعد، مما يسقط حلم حلفاء أوباما، هرتسوغ وليفني، بالسيطرة بالسيطرة منفردين على الحكومة.

إن ما جرى يسقط رهان إدارة الرئيس أوباما وحلفائها العرب والفلسطينيين على استبدال حكومة اليمين واليمين المتطرف بحكومة أكثر اعتدالاً تكون أكثر تجاوباً مع مسرحيات “العملية السلمية” وأقل استفزازاً لمشاعر الشارع العربي فيما المطلوب أمريكياً حرف التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني نحو التناقضات العربية الداخلية. لذلك تمثل هذه النتائج ضربة لإدارة أوباما ومشروعها في الإقليم لإثارة “ثورات ناعمة” تفجر الوضع العربي الداخلي. كما أنها تمثل ضربة للرسميين العرب وللسلطة الفلسطينية الذين راهنوا على حكومة صهيونية اكثر استعداداً لتزويدهم أوراق تين يغطون بها استسلامهم وعلاقاتهم التطبيعية وتعاونهم الأمني مع العدو الصهيوني.

واضحٌ بالتأكيد أن “بديل” اليمين الصهيوني، أي فريق هرتسوغ-ليفني، ليس بديلاً له على الإطلاق، وتكفي نظرة واحدة على سجل كلٍ من هرتسوغ وليفني في مجال العمل الاستخباري في الكيان الصهيوني لنعرف أننا إزاء أعداء حقيقيين أنعم ملمساً وأكثر خطراً، بالضبط لأنهم على استعداد لتقديم تنازلات طفيفة تنقذ ماء وجه المطبعين العرب والفلسطينيين. وعلى كل حال، كل تاريخ الأحزاب اليسارية الصهيونية يشهد لها أنها لا تقل صهيونيةً وعداء للعرب عن اليمين الصهيوني، فلا فرق بين يمين ويسار في الكيان الصهيوني إلا بالوسائل، ولا فرق بين مستعمر ومستعمر لأرضنا إلا بنوع الأذى الذي يتسبب به لنا. لكن وضوح نتنياهو وحلفائه أفضل لنا لأنه يضيق هامش المناورة التسووية أمام الرسميين العرب والفلسطينيين، ويفرض عليهم أن يذعنوا بشكل غير مشروط أو أن يبقوا خارج اللعبة، والأمران أفضل لنا من صفقة قد يبدو فيها أن العدو الصهيوني قدم بعض أوراقه التي راكمها على مدى عقودٍ بالاحتلال والعدوان من أجل إنجاح عملية التسوية، لنعود بذلك إلى جو التسعينيات الرمادي عقب مرحلة توقيع المعاهدات.

بل بدأ الوهم بـ”تغيير إسرائيل من الداخل” يعم على وقع إنشاء “القائمة العربية المشتركة” بقوة دفع من منظمات أمريكية وأوروبية و”إسرائيلية” سعت لتوظيف الصوت العربي في مشروع إدارة أوباما للإطاحة بنتنياهو، وهو ما أدى بنسبة المشاركة العربية في انتخابات الكنيست للارتفاع من 56 بالمئة عام 2013 إلى 65 بالمئة عام 2015، وهو ما تبين الآن أنه وهمٌ في وهم، يهدف الترويج له لتحقيق أجندات السلطة الفلسطينية والأنظمة المطبعة والإدارة الأمريكية فحسب.

إن المشاركة في انتخابات الكنيست تصويتاً أو ترشحاً أو مشاركةً في تلك الهيئة هي تطبيع مرفوض ومدان مع العدو الصهيوني، ولم تثبت يوماً أنها تفيد بشيء سوى تقديم قناع “ديموقراطي” للكيان الصهيوني أمام العالم، وتجييش جماهيرنا العربية في الأرض المحتلة للانخراط في النظام السياسي الصهيوني والترويج لأوهام “تغيير إسرائيل من الداخل”. فالمشاركة بانتخابات الكنيست “أسرلة” للعقل الجمعي العربي الفلسطيني. وإذا كان هناك من سيعتبر أن حصول القائمة العربية المشتركة في انتخابات الكنيست العشرين على 13 مقعداً نصراً للعرب، بعد أن كان عدد نواب تلك القوائم أحد عشر نائباً، فإننا نذكر أن النواب العرب في الكنيست كانوا 14 وأكثر من قبل، إذا عددنا النواب “العرب” عن حزب الليكود وحزب العمل و”إسرائيل بيتنا” وكاديما عرباً… فليست العبرة أن يكون المرء عربي المولد، بل العبرة أن يكون عربي الانتماء، متمسكاً بعروبة فلسطين من النهر إلى البحر، ومن يستعد مجرد استعداد أن يقسم يمين الولاء لدولة “إسرائيل” وقوانينها، كما يجب أن يفعل كل عضو كنيست، لا يمكن أن يكون عربياً!

إن قائمة انتخابية تضم النائب اليهودي دوف حنين لا يمكن أن توصف بأنها قائمة عربية مشتركة، فعدد “العرب” الناجحين من تلك القائمة في انتخابات الكنيست العشرين ليس في الواقع 13 بل 12! ولسوف تكشف الأيام على كل حال أن التحالف الانتخابي الصرف الذي قام من أجل تخطي نسبة الحسم البالغة 3،25% من الأصوات ليس في الواقع تحالفاً سياسياً حتى لـ”تغيير إسرائيل من الداخل”، بل لدخول الكنيست فحسب.

لمناسبة فوز اليمين واليمين المتطرف في انتخابات الكنيست العشرين، نؤكد على موقفنا المبدئي في رفض المشاركة بالكنيست، ونضيف أن تلك المشاركة بات من الواضح أنها عبثية، سواء تشكلت حكومة يمين ويمين متطرف في الكيان الصهيوني، أو حكومة “وحدة وطنية” تضم نتنياهو وهرتسوغ، فالكنيست لم يصمم ليكون “أداة تغيير ثورية” للكيان الصهيوني، ولا حتى لتحويله إلى “دولة لكافة مواطنيها” ولا ليكون النواب العرب فيه لاعباً رئيسياً من خارج عباءة الأحزاب الصهيونية. واليهود، وإن اختلفوا فيما بينهم، لن يختلفوا علينا.

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القاضي رائد زعيتر، وذكرى عملية أحمد الدقامسة في الأغوار، نكرر أن برنامجنا في القضية الفلسطينية هو الميثاق القومي (1964) والميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل: فلسطين عربية من البحر إلى النهر، اليهود الذين غزوا فلسطين بعد بدء الحركة الصهيونية لا يعتبرون فلسطينيين، فلسطين تحرر بالكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية.

إبراهيم علوش

البناء 25/3/2015

للمشاركة على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1076756065674961&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1&theater

الموضوعات المرتبطة

المنظومة الرسمية العربية في الميزان الغزاوي

  إبراهيم علوش – الميادين نت     كشفت المنظومة الرسمية العربية، مجدداً، عجزها عن الدفاع عن الأمن القومي العربي، حتى بأدنى سقفٍ ممكن، أو عن تواطئها عليه، أولاً، كمنظومة تجزئة، صممت كي تترك [...]

قراءة في استراتيجية الاحتلال العسكرية في غزة

  إبراهيم علوش  - الميادين نت     يقول المفكر العسكري الاستراتيجي كارل فون كلاوزفيتز في مرجعه الشهير "في الحرب" On War: "ليس هناك في الحياة، بصورةٍ عامة، ما هو أكثر أهميةً من إيجاد الزاوية [...]

معركة غزة الميدانية ما برحت في بداياتها

    إبراهيم علوش – الميادين نت لا خوف على غزة ومقاومتها إذا تمكن العدو الصهيوني من اختراقها برياً في بعض المواضع، ولا يجوز أن تنهار المعنويات حتى لو صدقت التقارير والخرائط والفيديوهات [...]

هل جاء تدمير مباني غزة رداً على “طوفان الأقصى”؟

    إبراهيم علوش – الميادين نت يسوق البعض الدمار الكبير الذي ألحقه الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة "حجةً" على المقاومة الفلسطينية بصورةٍ عامة، وعملية "طوفان الأقصى" بصورةٍ خاصة، في أنها منحت [...]

دفاعاً عن ثقافة المقاومة، ورداً على المشككين بالطوفان

  إبراهيم علوش – الميادين نت انطلق منذ الأيام الأولى لعملية "طوفان الأقصى" المبدعة وابلٌ من السهام المشككة في مشروعيتها مبدئياً ووجاهتها سياسياً.  وكان الغربيون والصهاينة أول من سارع إلى [...]
2023 الصوت العربي الحر.