في الأزمات تكشف “الديموقراطية الأمريكية” عن لونها الحقيقي: سيف قانون لوغان يسلط فوق رأس جون كاري

June 7th 2019 | كتبها

سيف قانون لوغان لعام 1799 في الولايات المتحدة يسلط فوق رأس وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كاري بعد تحدثه مع محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، بضع دقائق في مؤتمر في ميونخ

انتقد وزيرُ الخارجيةُ الأمريكي الحالي مايك بومبيو وزيرَ الخارجية الأمريكي السابق في ظل إدارة أوباما جون كاري لتحدثه بضع دقائق مع محمد جواد ظريف على هامش مؤتمر الأمن في ميونخ في ألمانيا الشهر الفائت، واتبع دونالد ترامب ذلك بنقد مماثل لكاري مطالباً بمحاكمته بموجب قانون لوغان.

فما هو قانون لوغان الذي أقر كقانون في الولايات المتحدة عام 1799، في فترة توتر ونزاع بين الولايات المتحدة وفرنسا بعد قيام مواطن أمريكي اسمه جورج لوغان بإجراء مباحثات مع فرنسا في فترة نزاع بين الولايات المتحدة وفرنسا؟

قانون لوغان يجرّم إقامة أي أمريكي غير مخوّل أو مصرح له أن يمارس اتصالات دبلوماسية مع ممثلي دولة في حالة نزاع مع الولايات المتحدة، حتى لو لم يصل الأمر للعمالة أو الخيانة أو ممارسة أعمال لمصلحة تلك الدولة، فما يجرّمه قانون لوغان هو مجرد التواصل لأغراض إجراء محادثات وعلاقات مع ممثلي دولة في حالة نزاع مع حكومة الولايات المتحدة، وهذا مهم، فلو طُبق مثل هذا القانون في دولة مناهضة للولايات المتحدة اليوم، على حسن عبدالعظيم في سورية مثلاً بعد لقائه مع السفير الأمريكي، أو على غيره ممن يقيمون علاقات أو اتصالات مع دول غربية معادية، فرنسا مثلاً، لجُنت كل منظمات حقوق الإنسان والحيوان والباذنجان الغربية ولشنت وسائل الإعلام الغربية وتلك التابعة لها حملة شعواء ضد “الديكتاتورية” و”الاستبداد” و”استباحة الحريات” إلخ… لكن يحق للولايات المتحدة، التي سبق أن نشرنا قانونها الذي يفرض عقوبات شديدة على مجرد الدعوة لـ”تغيير النظام” أو “إسقاطه”، ما لا يحق لغيرها!

قانون لوغان موضع نقاش في الولايات المتحدة وهناك معارضة له باعتباره مخالفاً لحق التعبير الذي نص عليه التعديل الأول للدستور الأمريكي First Amendment لكنه لا يزال قانوناً ساري المفعول، وقد أدين بموجبه مزارع أمريكي من ولاية كنتاكي الأمريكي اسمه فرانسيس فلورينوي عام 1803 لأنه كتب رسالة (رسالة!) إلى صحيفة محلية دعا فيها إلى “ولايات متحدة” في ولايات الغرب الأمريكي متحالفة مع فرنسا! وفي عام 1853 اعتقل مواطن أمريكي اسمه جوناس ليفي ثم أفرج عنه بكفالة، بموجب قانون لوغان، لأنه تجرأ على كتابة رسالة لرئيس المكسيك في فترة نزاع مع المكسيك… ثم تم إسقاط القضية ضده.

ومع أن قانون لوغان نادراً ما تم الذهاب به إلى مرحلة الإدانة الرسمية أو تنفيذ العقوبة إذا وقعت إدانة، فإن بقي سيفاً مسلطاً فوق رأس كل أمريكي معارض يمارس اتصالات مع دول تعتبرها حكومة الولايات المتحدة معادية، من مناهضي حرب فيتنام في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، إلى وزير العدل الأمريكي الأسبق رمزي كلارك لتواصله مع إيران خلال أزمة الرهائن عام 1980، إلى غيرهم. والآن يتم تفعيله من إدارة ترامب ضد الدولة العميقة الأمريكية التي تحاول إحباط كل خطوة يقوم بها ترامب وإدارته لا سيما في السياسة الخارجية. فالمشكلة ليست مع جون كاري في الواقع، بل مع الدولة العميقة الأمريكية.

وللمزيد حول قانون لوغان، الساري المفعول منذ ما قبل عام 1800 و”خشبة” حتى اليوم، والخلاف المحتدم حول مدى دستوريته، إليكم هذا الرابط من مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي حصرياً Congressional Research Service، ورأيه القانوني في تلك المسألة.

انتبهوا بالأخص للفقرة الأولى في المادة التي تشير إلى أن عدداً من الأمريكيين تم سحب جوازات سفرهم، ومنعهم من السفر، بناء على قانون لوغان، وإلى محاكمة عسكرية واحدة على الأقل لعريف في سلاح الجو الأمريكي في فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي بناءً على ذلك القانون.

https://fas.org/sgp/crs/misc/LSB10058.pdf

إبراهيم علوش

 

للمشاركة على فيسبوك:

 

في الأزمات، تكشف "الديموقراطية الأمريكية" عن لونها الحقيقي:سيف قانون لوغان لعام 1799 في الولايات المتحدة يسلط فوق رأس…

Geplaatst door ‎إبراهيم علوش‎ op Vrijdag 7 juni 2019

الموضوعات المرتبطة

المنظومة الرسمية العربية في الميزان الغزاوي

  إبراهيم علوش – الميادين نت     كشفت المنظومة الرسمية العربية، مجدداً، عجزها عن الدفاع عن الأمن القومي العربي، حتى بأدنى سقفٍ ممكن، أو عن تواطئها عليه، أولاً، كمنظومة تجزئة، صممت كي تترك [...]

قراءة في استراتيجية الاحتلال العسكرية في غزة

  إبراهيم علوش  - الميادين نت     يقول المفكر العسكري الاستراتيجي كارل فون كلاوزفيتز في مرجعه الشهير "في الحرب" On War: "ليس هناك في الحياة، بصورةٍ عامة، ما هو أكثر أهميةً من إيجاد الزاوية [...]

معركة غزة الميدانية ما برحت في بداياتها

    إبراهيم علوش – الميادين نت لا خوف على غزة ومقاومتها إذا تمكن العدو الصهيوني من اختراقها برياً في بعض المواضع، ولا يجوز أن تنهار المعنويات حتى لو صدقت التقارير والخرائط والفيديوهات [...]

هل جاء تدمير مباني غزة رداً على “طوفان الأقصى”؟

    إبراهيم علوش – الميادين نت يسوق البعض الدمار الكبير الذي ألحقه الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة "حجةً" على المقاومة الفلسطينية بصورةٍ عامة، وعملية "طوفان الأقصى" بصورةٍ خاصة، في أنها منحت [...]

دفاعاً عن ثقافة المقاومة، ورداً على المشككين بالطوفان

  إبراهيم علوش – الميادين نت انطلق منذ الأيام الأولى لعملية "طوفان الأقصى" المبدعة وابلٌ من السهام المشككة في مشروعيتها مبدئياً ووجاهتها سياسياً.  وكان الغربيون والصهاينة أول من سارع إلى [...]
2023 الصوت العربي الحر.