في معركة الأهرامات (إمبابة) عام 1798، خلال الحملة الفرنسية على مصر، واجه 20 ألف جندي فرنسي 60 ألفاً من المماليك والعثمانيين، وسقط في المعركة 300 فرنسي بين قتيل وجريح، وسقط، بحسب أقل التقديرات، 6000 عثماني ومملوك (الجبرتي)، وبحسب بعض التقديرات 9000.. واحتل نابليون مصر.
كان من نتائج تلك المعركة إدراك ذوي العقول أن ثمة فارقاً حضارياً مع الغرب انعكس في ميادين القتال، وأن ذلك يقتضي استيعاب دروس الحداثة وتعريبها (ولا نقول تغريبها)، وأن تلك المعركة لا تُفسر بمجرياتها الميدانية، بل تفسر بذلك الفارق الحضاري الذي انعكس في الفروق في أنواع الأسلحة وطرق التنظيم العسكري والإداري في ساحة الحرب، لا بل في طريقة التفكير والحياة والإنتاج، فمن ساحة تلك المعركة كانت الانطلاقة الأولى لمشروع النهضة العربية الحديثة التي طال استحقاقها في ظل التخثر العثماني الممتد قروناً مظلمة.
محاولة محمد علي باشا في مصر للانطلاق بمشروع النهوض المصري ثم القومي العربي في النصف الأول من القرن التاسع عشر كان انعكاساً مباشراً لتلك المعركة بعدها بسنواتٍ قليلة، ومن يحاول أن يعيدنا اليوم إلى الهراء العثماني والمملوكي، أو إلى تقديس مثل ذلك الهراء تحت عناوين ليبرالية “ما بعد حداثية” مثل “التعدد الثقافي” ورفض “المركزية الأوروبية” وما شابه، أو تحت عناوين إسلاموية سلفية أو غير سلفية، فإنما يهدف لإحباط المشروع النهضوي العربي ولإبقاء الأمة العربية في ربقة التخلف، بغض النظر عن طريقة الصياغة، حتى لو تغطت بخطاب “مقاوِم” للهيمنة اللغربية ظاهرياً.
ولنتذكر مقولة نابليون الشهيرة بعد معركة إمبابة: لا شك عندي في أن مملوكاً واحداً يتغلب على جندي فرنسي واحد، وأن عشرة مماليك قد يتعادلون مع عشرة جنود فرنسيين، أما مئة فرنسي فسوف يتغلبون على مئة مملوك، وأن ألف فرنسي من المؤكد أن يتغلبوا على عشرة آلاف مملوك…
العبرة بالتنظيم الاجتماعي.. وبالتالي العسكري، وهذا نتاج حضاري.
لا مشروع إلا مشروع النهوض القومي… فإما هو أو العدم.
د. إبراهيم علوش
للمشاركة على فيسبوك:
في معركة الأهرامات (إمبابة) عام 1798، خلال الحملة الفرنسية على مصر، واجه 20 ألف جندي فرنسي 60 ألفاً من المماليك…
Geplaatst door إبراهيم علوش op Zaterdag 9 mei 2020