هراء تسووي وتطبيعي في مسودة الدستور الروسي الجديد

January 29th 2017 | كتبها

بالإضافة إلى نزع عروبة سورية، وتكريس نظام تمثيلي يقوم على المحاصصة الطائفية والمناطقية، يبدو أن مسودة الدستور الروسي الجديد مخترقة صهيونياً.  لاحظوا المادة الثامنة من ذلك الدستور كما تناولتها بعض وسائل الإعلام:

“تبني سورية علاقاتها مع دول أخرى على أساس حسن الجوار والأمن المتبادل وغيرها من المبادئ التي تقضي بها أحكام القانون الدولي… تنبذ سورية الحرب كنمط للإخلال باستقلال دول أخرى وكوسيلة لحل نزاعات دولية”.

أما “النزاع الدولي” الوحيد الذي يمكن أن تفكر سورية بحله عسكرياً، فهو احتلال الكيان الصهيوني لأجزاء من بلاد الشام (لا الجولان فحسب)، وهو الحق الطبيعي لأي شعب يخضع لاحتلال، أو حتى لمحاولة احتلال، كما تصدى الشعب الروسي البطل لحملة نابليون، وكما قدمت شعوب الاتحاد السوفياتي السابق 22 مليوناً من الشهداء للتصدي للغزو النازي، وكما تتمحور جل السياسات الروسية اليوم حول التصدي للغزو غير العسكري الذي تتعرض له روسيا من حلف الناتو منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

أما “الإخلال باستقلال دول أخرى” فالمقصود فيه هو مصادرة أي نزعة وحدوية يمكن أن تقودها سورية في بلاد الشام أو غيرها، أو أي نزعة بسماركية يمكن أن تتمخض عنها في المستقبل، بل المقصود فيها هو التراث الأموي نفسه.

أما إعلان الحرب في الدستور الجديد فمن صلاحيات مجلس النواب القائم على أساس المحاصصة الطائفية، مما يضمن أن لا يتفق أبداً…

فإذا كان نزع العروبة، وشطب الهوية الوطنية السورية واستبدالها بـ”الهواوي” أو “الهُوِي” الطائفية والمناطقية، وإقامة “سلام” مع العدو الصهيوني، مما رأيناه حتى الآن من مشروع الدستور الروسي، هو ثمن إيقاف الأزمة السورية، فإن ذلك يعني أن من فجروا الأزمة السورية يكونون قد حققوا أهدافهم، وأن سورية وأنصارها يكونون قد قدموا لهم مبتغاهم في الآستانة حيث فشلوا في الميدان.

إذا صح ما ورد عن مسودة الدستور الروسي الجديد، فإن ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه منذ بداية الأزمة وموجات “الربيع العربي” بأن الهدف الحقيقي هو: أ – تفكيك الدول العربية المركزية، ب – شطب العروبة، ج – فرض معاهدات “سلام” مع العدو الصهيوني وتحويله إلى جزء طبيعي من المنطقة.

الأهم هو ما يلي: يجب أن يدرك كل مواطن عربي أن المؤامرة، وهذه مؤامرة حقاً بالبنط العريض، هي على التيار القومي العربي وعلى الطرح القومي العربي.  ما نقوله في العروبة والوحدة وتحرير فلسطين ليس “لغة خشبية” أو “طرح بالٍ” كما يحاول أن يصوره البعض، بل هو بيت القصيد، والهدف الحقيقي لكل شيء تفعله قوى الهيمنة الخارجية (الأمريكية وغير الأمريكية) والرجعية العربية أنظمةً وحركات تكفيرية منذ محمد علي باشا في مصر في بداية القرن التاسع عشر.

إبراهيم علوش

للمشاركة على فيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1604413529575876&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=3&theater

 

الموضوعات المرتبطة

جوائز نوبل هذا العام سياسياً وأيديولوجياً

  إبراهيم علوش  - الميادين نت برزت، إعلامياً، 3 أسماء لدى الإعلان قبل نحو أسبوعين عن الفائزين بجائزة نوبل لعام 2025: ماريا كورينا ماشادو، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، لأنها زعيمة للحركة [...]

“الهوية اليهودية”: قومية أم دينية؟  

إبراهيم علوش – الميادين نت تاريخياً، نحا الخطاب المقاوم في فلسطين باتجاه تصنيف اليهود أتباعاً لديانة سماوية فحسب، لا مشكلة معهم جوهرياً بصفتهم تلك، وباتجاه تركيز بوصلة التناقض الرئيس نحو [...]

اليهودية، الصهيونية، ومسألة “إسرائيل الكبرى” عقائدياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت تقبع، بين جولات الصراع مع العدو الصهيوني، مسألة جوهرية، يتحرج كثيرون من الخوض فيها، على الرغم من أنها تمثل رافعة أيديولوجية لزعزعة استقرار المنطقة من المنظور [...]

“إسرائيل الكبرى” بين الجغرافيا السياسية والأيديولوجيا

  إبراهيم علوش ربما تبدو مقولة "إسرائيل الكبرى" شطحة أيديولوجية تعتنقها قوى وشخصيات متطرفة تتموضع في أقصى يمين الحركة الصهيونية، وربما تبدو تلك المقولة نبتاً شيطانياً يرعاه أمثال "الحزب [...]

المنظومة الليبرالية في الغرب في مواجهة “أزمة غزة” داخلياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان مهماً جداً الربط الذي أقامه المناضل جورج إبراهيم عبدالله، في حواره الخاص مع قناة الميادين في 3/8/2025، بين ظاهرة تصاعد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، [...]
2025 الصوت العربي الحر.