ما قبل تطبيع حكام الخليج

October 30th 2018 | كتبها

لاحظوا أن السلطة الفلسطينية تتذرع دوماً بأنها وقعت المعاهدات مع العدو الصهيوني “لأن العرب تخلوا عن فلسطين”، ولاحظوا أن أنور السادات وقع كامب ديفيد بذريعة أن “العرب تخلوا عن مصر”، ولاحظوا أن الأردن الرسمي وقع وادي عربة بذريعة “أن الفلسطينيين وقعوا أوسلو، ولأن العرب تخلوا عن الأردن بعد حرب الخليج”، ولاحظوا أن أبواب التطبيع العالمي انفتحت على الكيان الصهيوني بعدما وقعت منظمة التحرير الفلسطينية (ومصر والأردن) معاهدات مع العدو الصهيوني، فلم تعد ثمة ضرورة أن يكونوا “ملكيين أكثر من الملك”، ولاحظوا أن ذلك تحول بدوره إلى ذريعة للقول: “يا وحدنا”، “العرب تخلوا عنا، والعالم… إذاً لا خيار إلا بالمزيد من التطبيع”، وأن ذلك هو بالضبط ما أدخل القضية الفلسطينية في مأزق، هو بالأساس مأزق الحلول التسووية، الذي اتخذ شكل “تسويات منفردة” مع العدو الصهيوني، كان أنور السادات في كامب ديفيد، ثم ياسر عرفات في أوسلو، هو الذي فتح بابها.

من يبحث عن الذرائع سيجدها، ومن يبحث عن جدوى المقاومة سيجدها. ولا مبرر لأي عربي للتطبيع مع العدو الصهيوني، ولا مبرر وطنياً أو قومياً لحكام الخليج أن يطبعوا، حتى من منظور مصلحة أقطارهم، فالتطبيع خيانة وطريقه مأزوم، كما نرى من تجربة عقود من التطبيع الرسمي العربي والفلسطيني مع العدو الصهيوني.

لكن من فتح باب التسويات المنفردة مع العدو، وقبل ذلك، من فتح باب النهج التسووي مع العدو الصهيوني، ابتداءً من النقاط العشر في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، هو الذي يتحمل المسؤولية المعنوية عن البحث القُطري المنفرد عن “حلول” مع العدو الصهيوني لكل نظام عربي على حدة، وصولاً لما يقوم به حكام الخليج اليوم، وإن ذلك المسار لا يضيع فلسطين فحسب، بل يضيع من يسير فيه أيضاً، ويضيع العرب.

ولاحظوا أن العراق هوجم وحوصر طوال 13 عاماً بين عامي 1990 و2003 ورفض أن يطبع، وأن سورية لا تزال تهاجم وتحاصر وهي ترفض أن تطبع مع العدو الصهيوني، وأن حزب الله وكل وطني شريف على الأرض العربية لا يخادع نفسه بالقول: “سأطبع مع العدو لأن (العرب تخلوا عن القضية)، ولأن (الفلسطينيين طبعوا)”، لأن العرب الحقيقيين هم الذين يقاومون، لا الذين يطبعون، ولأن قضية فلسطين ليست ملك هذا التنظيم أو ذلك النظام العربي، بل ملك الأمة العربية جمعاء، فممارسة المقاومة تعني ممارسة العروبة الحقة في زماننا الحاضر، وممارسة العروبة تعني التمسك بالقضية الفلسطينية، دفاعاً عن الذات، لا عن فلسطين. أما التطبيع الرسمي الخليجي، وعلينا دوماً أن نذكر بالفرق بين الأنظمة والشعب العربي، فهو مدان ومرفوض، لكن ثمة من فتح بابه منذ عقود… والأهم أن التطبيع هو خطاب التخلي عن العروبة، لا عن فلسطين وحدها. وممثلنا الشرعي الوحيد هو من يقاوم في الميدان. فالعربي هو المقاوم، والمقاوم هو العروبة، ولو لم يكن خطابه قومياً عربياً.

للمشاركة على فيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2399232220093999&set=a.306925965991312&type=3&theater

الموضوعات المرتبطة

اتحاد دول الساحل: 3 انقلابات محاصرة تقارع الغرب والتكفيريين

  إبراهيم علوش – الميادين نت يحتدم الصراع الدولي في كل أرجاء المعمورة، براً وبحراً وجواً وفضاءاً خارجياً، وتدور رحى هذا الصراع بالذات في جوارنا المباشر، مغاربياً وإسلامياً، على مسرح [...]

بنغلادش: انقلاب أمريكي بواجهة مدنية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت شخصت أحداث بنغلادش على شاشة الصراع الدولي بعد إطاحة رئيسة وزرائها، شيخة حسينة، في 5 آب / أغسطس الجاري وشحنها على متن طائرة عسكرية إلى الهند حيث قضت سنواتٍ من [...]

فنزويلا: الثورة البوليفارية تواجه “حراكاً ملوناً” جديداً

  إبراهيم علوش – الميادين نت فاضت وسائل الإعلام العالمية والعربية، في الأيام الفائتة، بتقارير عن تظاهرات واحتجاجات داخل فنزويلا وخارجها رفضاً لإعلان "المجلس الانتخابي الوطني" (CNE) في [...]

بوصلة الموقف في الساحة الفلسطينية: لماذا طوفان الأقصى؟

  إبراهيم علوش – الكاتب الفلسطيني *   كثر التشكيك في عملية "طوفان الأقصى" الفذة في بعض الدوائر فلسطينياً، وخصوصاً على خلفية الدمار الواسع والمجازر الوحشية التي أرتكبها العدو الصهيوني في [...]

سيناريوهات تصاعد الحرب الإقليمية واحتوائها

  إبراهيم علوش – الميادين نت مثّل الرد الإيراني المباشر على "إسرائيل" بالمسيرات والصواريخ، ليلة 13/14 نيسان / أبريل الفائت، على العدوان الصهيوني على السفارة الإيرانية في دمشق، تغييراً في [...]
2024 الصوت العربي الحر.