لحظة اقتصاد، أو سمها اقتصاداً سياسياً إن شئت…
ثمة تحولٌ جوهري يجري في العالم اليوم، وهو تحول مركز الثقل المصرفي العالمي من الولايات المتحدة للصين، وهذا التحول يجري تحت أنظارنا الآن، وهو يترافق مع بدء أفول الهيمنة الأمريكية (التي لا أقول أنها انتهت، أو أنها ستغادر بسلام)، مما يدفع الولايات المتحدة والغرب لشن حروب ناعمة، أو حروب جيل رابع، لتهديم قلاع خصومها من الداخل، ولكن كيف لها أن تفعل ذلك مع الصين؟!
ثمة جدولان مرافقان لهذا المنشور، الأول يُظهر أكبر عشر بنوك في العالم من حيث الملاءة المالية (كمية الاحتياطيات النقدية والأرباح المحتجزة والأسهم التي يملكها البنك)، أما الجدول الثاني فهو لأكبر عشر بنوك في العالم من حيث كمية الأصول (كل الأصول التي يملكها المصرف، وعلى رأسها القروض التي قدمها للأفراد والشركات والمغطاة عامة بضمانات يتملكها البنك إذا تعثر القرض وعجزت عن السداد).
وفي الحالتين، يُظهر الجدولان أن أكبر أربعة بنوك في العالم اليوم صينية، وللعلم، فإن الأول والرابع تملك الحكومة الصينية 70% من كلٍ منهما، وهذا يعني أن الملكية العامة المتهمة عامةً بالفساد والبيروقراطية إلخ… لم تمنع البنك الصيني، كما نرى،، من أن يتفوق على البنوك الغربية المملوكة ملكيةً خاصة. وإذا نظرنا إلى أكبر عشرة بنوك في العالم من حيث قيمة أصولها، سنجد الصين تحافظ على ترتيبها، وعلى بنوكها الأربعة في أكبر عشرة، وسنجد الولايات المتحدة تنزل من أربعة بنوك إلى بنكين من أكبر عشرة… لتدخل فرنسا ببنكين محلها.
ترامب يشن حملة الآن على القطاع المصرفي الصيني مطالباً الدولة الصينية بتغيير قوانينها وأنظمتها بما يسمح للبنوك الأمريكية التي تقهقرت خلف البنوك الصينية أن تخترقه، ولكنه لا يتعامل مع أطفال طبعاً. والصراع حامي الوطيس، وسيأخذ أشكالاً مختلفة، مصرفية واقتصادية وغير مصرفية واقتصادية.
العالم يتغير تحت أعيننا، وكتلة رأس المال المالي الصينية تصعد صعوداً أسياً، وهذا ستكون له انعكاسات سياسية، لا اقتصادية ومالية فحسب، ولذلك تحاول الولايات المتحدة منذ الآن أن تحاصر الصين ببيئة عالمية معادية من أمريكا الوسطى والجنوبية إلى جنوب شرق آسيا مروراً بالوطن العربي وآسيا الوسطى، كما أنها تلعب مع الصين ورقة “اضطهاد الإيغور” (الذين يمارس الآلاف منهم الإرهاب في شمال سورية بدعم تركي) والتيبت وغيرها.
أخيراً، حتى يتغير العالم، نرجو من الأخوة والرفاق في الصين الشعبية أن يؤسسوا “فيسبوك” عربي، إسوة بالفيسبوك الصيني، حتى يريحونا من ديكتاتورية فيسبوك الصهيونية، إذ لا يبدو أن هناك مشروعاً عربياً لتأسيس فيسبوك بديل قريباً، وشكراً 😊
إبراهيم علوش
للمشاركة على فيسبوك:
أكبر عشرة مصارف في العالم اليوم أول أربعة منها صينيةلحظة اقتصاد، أو سمها اقتصاداً سياسياً إن شئت…ثمة تحولٌ جوهري…
Geplaatst door إبراهيم علوش op Maandag 18 november 2019