هل الاقتصاد السوري اقتصاد نيوليبرالي؟

January 29th 2021 | كتبها

د. إبراهيم علوش

أثار الحوار حول الليبرالية الحديثة بعد خطاب الرئيس الأسد في جامع العثمان تساؤلات مشروعة لدى البعض حول الليبرالية الاقتصادية، وما إذا كانت سورية تسير في ركابها، ولماذا لم يتم توجيه النقد إليها أيضاً؟

من الواجب أولاً البدء بتعريف ما تعنيه النيوليبرالية الاقتصادية في أي دولة عالم ثالث، لنرى بعدها إن كانت تنطبق على سورية أم لا… ويمكن أن ننظر حولنا لنماذج الأردن ولبنان مثلاً أو لأي نموذج تريدون من أمريكا اللاتينية إلى غيرها:

١) هل يملي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية العالمية برامجها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية على صانع القرار في سورية، كما تفعل في غيرها؟

٢) هل الدولة مكبلة بدين عام خرافي لا مجال لسداده إلا بالمزيد من القروض، وبيع مؤسسات القطاع العام للشركات الغربية التي تصبح مسيطرة على الماء والكهرباء والاتصالات إلخ…؟

٣) هل الشركات الغربية العابرة للحدود تحكم وترسم في الاقتصاد وتتعامل مع سوق البلد وموارده وقوته العاملة كشبه مستعمرة اقتصادية؟

٤) هل يتلقى المصرف المركزي السوري قراراته وتعليماته حول سعر الصرف والفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؟

٥) هل يمثل القطاع العام حيزاً ضئيلاً من الاقتصاد، وهل القوة العاملة في القطاع العام ومؤسساته تمثل نسبة ضئيلة من القوة العاملة؟

٦) هل تم تفكيك دولة الرعاية الاجتماعية من تعليم وصحة وخدمات عامة لمصلحة شركات خاصة أجنبية تستبيح المواطن؟

٧) هل القطاع الخاص كمبرادوري، أي يرتبط بالخارج، ويعمل وسيطاً له بالداخل، أم أنه مرتبط بدورة اقتصادية محلية وإقليمية ويسهم برفع مستوى الناتج المحلي الإجمالي من خلال الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمات في سورية؟

إن مجرد وجود قطاع خاص محلي، وزيادة دوره الاقتصادي، ليس بحد ذاته دليلاً على النيوليبرالية، فالنيوليبرالية الاقتصادية شكل محدد، متطرف، من النظام الرأسمالي، لا شكله الوحيد، وهناك نماذج رأسمالية الدولة ورأسمالية الرفاه وغيرها… تعاديها النيوليبرالية الاقتصادية في الغرب ذاته.

إذاً وجود قطاع خاص منتج ووطني، لا طفيلي ومرتبط بالخارج، هو نقيض للنيوليبرالية في الواقع… واعلموا أن الشركات التي يسيطر عليها الجيش في مصر مثلاً تجعل نيوليبراليي العالم يستشيطون حنقاً، مع أن باقي الاقتصاد المصري تنطبق عليه شروط النيوليبرالية.

باختصار، أحد أهداف الحرب على سورية هو إخضاعها للمنظومة النيوليبرالية، وهو الأمر الذي لم يحدث بعد، ولن يحدث إلا إذا فقدت سورية سيادتها وقرارها الوطني في الاقتصاد وفي غيره.

الاقتصاد السوري ما برح اقتصاداً مختلطاً، والأهم أنه غير تابع، وغير مندمج بمنظومة العولمة التي تسيطر عليها الشركات الغربية الكبرى والمؤسسات الاقتصادية الدولية.

ولا يلغي ذلك أن هناك قوى فاعلة داخل سورية وخارجها تسعى وتتمنى دفع سورية إلى حضن النيوليبرالية الاقتصادية بالتوازي مع التطبيع مع العدو الصهيوني والعودة إلى عهد الانتداب.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=4409792715704596&id=100000217333066

 

الموضوعات المرتبطة

ماذا تعني دعوة القوى الدولية لـ”حماية الأقليات” السورية؟

إبراهيم علوش – الميادين نت كفى بالمرء دليلاً على وجود نخبة عالمية متنفذة تُؤرجِحُ خيوط المشهد من خلف الستائر ومن أمامها أن يتزايدَ الانفتاحُ، دولياً وعربياً وإسلامياً، على النظام الجديد [...]

هل طوفان الأقصى “مؤامرة” على محور المقاومة؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت على ضفتي سنة 2000، احتدم جدال في الساحة الفلسطينية، وبين المعنيين بالشأن الفلسطيني، بشأن العمليات الاستشهادية التي أثخنت الكيان الصهيوني رعباً وقتلى وجرحى.  [...]

ترامب يجابه الدولة العميقة على صعيدي المساعدات الخارجية وأوكرانيا

  إبراهيم علوش – الميادين نت لأن أي تحول جوهري في بنية المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، وبالتالي في توجهاتها، تنعكس ظلاله بالضرورة على مصفوفة العلاقات الدولية، وبالتالي على مسار [...]

هل يصمد وقف إطلاق النار في غزة؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان لافتاً ضغط ترامب على نتنياهو للقبول باتفاق وقف إطلاق نار في غزة.  بات واضحاً أنه الاتفاق ذاته الذي عملت إدارة بايدن على صياغته في أيار / مايو الفائت، [...]

مسألة هوية “سوريا الجديدة”: برميل بارود برسم الانفجار

  إبراهيم علوش – الميادين نت يبدو أن هناك تواطؤاً سورياً عاماً، من جراء إرهاق الحصار ربما، ووطأة سنوات القتال، على تمرير "المرحلة الانتقالية"، ريثما تتضح معالم ما يسميه البعض "سوريا [...]
2025 الصوت العربي الحر.