كفى مراهنات خائبة/ ناجي علوش

October 21st 2010 | كتبها

السبيل 21/10/2010

 

هل بقي مجال للمراهنة على دور الولايات المتحدة في “عملية السلام” بين العرب و”إسرائيل”؟!

 

لنتذكر عندما أعلن قيام دولة “إسرائيل” سنة 1948 أن حكومة الولايات المتحدة كانت أول طرف يعترف بها.  والآن عند الإعلان عن يهودية دولة “إسرائيل” كانت الولايات المتحدة أول من يعترف بها.

 

وحين أنتج المجمع العسكري-الصناعي الأمريكي أحدث طائرة في العالم، كانت حكومة “إسرائيل” أول من يمتلكها.  وهكذا، فإن ل”إسرائيل” الأولوية في كل شيء.

 

وإذا درسنا موضوع المساعدات الأمريكية للخارج، ومنه “إسرائيل”، نجد أن الأخيرة صاحبة الحظ الأوفر من هذه المساعدات، فبلغت حوالي ثمانين مليار دولار فقط بين عامي 48 و74 حسب أستاذ أمريكي كتب كتاباً عن تلك المساعدات صدر بالعربية عن مركز دراسات الوحدة العربية…

 

وهنا يجب أن نتوقف قليلاً لنسأل كم سيتقاضى نتنياهو مقابل موافقته على المفاوضات المباشرة، حتى لو كانت بلا نتائج بالنسبة للعرب!  كم سيتقاضى من المساعدات الاقتصادية والعسكرية؟ وكم سيتقاضى من الضغوط على العرب لتنفيذ المخطط الأمريكي-الصهيوني، وهو ما سيبدأ بالظهور بعد توقف المفاوضات بلا نتائج طبعاً؟!

 

أعتقد أن الأمر بات واضحاً لا مراء فيه، فحكومة “إسرائيل” ما زالت تتقاضى مساعداتٍ وضغوطاً على العرب، منذ سنة 1948.

 

والآن، بعدما ظهر ما ظهر، ماذا سيفعل العرب؟  وماذا سيكون موقفهم؟  وما موقف القيادات  الفلسطينية والشعب الفلسطيني؟  هل بقي وهم يمكن المراهنة عليه؟!  وما هو هذا الوهم، والى متى يتجاهلون الحل الناجع المعروف وهو حل القوة والتوجه إلى القتال؟  إلى متى ننأى بأنفسنا عن الحل الناجع المعروف والمجرب؟

 

هل نخدع أنفسنا مرة ومرة، هل نتجاهل الحل الناجع المجرب مقابل أوهام؟  وهل نُحِل الأوهام مكان الحقائق؟!

 

والحقيقة أن الذين يروجون للحل الدولي هم العجزة أو عملاء الجهات الدولية المتلاعبة بمصير الشعوب، ومنها مصير شعبنا العربي عامة، والفلسطيني خاصة.

 

ولذلك فإن إعادة النظر بأحلام العجزة والمتآمرين باتت ضرورة ملحة، وعلينا أن ننجز ذلك قبل فوات الأوان، والصهيونية داءٌ وبلاءٌ ابتلي به شعبنا، لأنه لم ينتبه للمخططات الإمبريالية منذ أوائل القرن العشرين، منذ إطلاق وعد بلفور.   والذين لم يقتنعوا بقدرة شعبنا منذ البدء راهنوا على الحليف البريطاني، ثم طوروا مراهنتهم بعد الحرب العالمية الثانية، وما زالوا يراهنون على أوهام، وخزعبلات، وهم يرون أن مجرد استقبالهم في واشنطن هو خطوة على طريق النجاح.  وها هم يفطرون ويتغذون في واشنطن، ويقابلون الرئيس، ويتعشون مع وزيرة الخارجية دون إحراز أي تقدم، وسوف لن يحرزوا شيئاً، ما داموا يفكرون بهذه الطريقة العاجزة الخائبة.  وعلى شعبنا أن يعلمهم كيف يحترمون حقوقه.

 

ولذلك يجب إحداث عملية تغيير شاملة في بنية م.ت.ف والإتيان بكفاءات جديدة مؤمنة بالشعب وقدراته، ملتزمة بالوطن وحقوقه، حتى نخرج من هذا المأزق، قبل فوات الأوان.  إن المراهنة على واشنطن قد فشلت، ولن تعطي شيئاً.  وعلى شعبنا أن يرص صفوفه، وأن يحشد قواه، للعودة إلى جادة المقاومة والتحرير وعروبة كل فلسطين.

 

أما وقد فشلت المراهنة على “الحصان الأمريكي”، فماذا يبقى لنا؟  لا يبقى إلى العودة للمراهنة على الحل الصحيح، وهو المراهنة على الكفاح المسلح، وبنية المنظمة لا تسمح بذلك.  فهل يقبل المراهنون على الحل السياسي بالعودة إلى المربع الأول، وهو ما يقلب خط المنظمة رأساً على عقب؟!

 

إن التعود على المراهنات الواهية يجعلنا نعتقد أن المراهنين لن يغيروا خطهم، ولن يعودوا إلى الخيار الأساسي، خيار القتال، وهو خيار أوحد وأنجع من كل الخيارات.   فالذين تعودوا على المراهنات الخائبة يصعب عليهم أن يفكروا منطقياً، وأن يلتزموا بخط واضح ونهج قويم، لأن اعتياد الخلل يلغي المنطق السليم والموقف السليم، ويجعل المتعود على الخلل لا يستطيب الموقف السليم أو الالتزام الحكيم، ولذلك على الشعب أن يناضل ليمنعهم من اللعب بقضاياه وحقوقه، وليمنعهم من المراهنة على مصيره بمنطق مختل واتجاه معتل.

الموضوعات المرتبطة

قراءة في التمرد الكبير ضد “إسرائيل” والصهيونية في قاعدة ترامب الشعبوية

  إبراهيم علوش – الميادين نت تميد الأرض تحت قدمي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جراء الانقسام المتزايد بين تيارات اليمين الشعبوي في الولايات المتحدة بشأن الموقف الواجب اتخاذه من حرب [...]

المشروع الوحدوي في أمريكا اللاتينية: قوة مضادة للهيمنة الأمريكية والتوسع الترامبي

  إبراهيم حرشاوي – لائحة القومي العربي يشهد صعود القومية الأمريكية على النسق الترامبي، المبني على التوسع الاستراتيجي، والتفوق الحضاري، وإحياء مبدأ "المصير المحتوم"، إعادة تعريف لموقف [...]

أضواء على الخطة الأمريكية-الصهيونية لإعادة احتلال غزة واستعمارها

  إبراهيم علوش – الميادين نت في غزة، كما في لبنان، لم يكن وقف إطلاق النار، من الجانب الصهيوني، جدياً. أما قرار مجلس الأمن رقم 2803، المدعوم من الأنظمة العربية والمسلمة، فليس سوى غطاءٍ [...]

ما هي مؤشرات النصر الانتخابي لزهران ممداني في نيويورك؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت لعل أحد أهم إبداعات النخب الحاكمة في الأنظمة المسماة "ديموقراطية ليبرالية" هو قدرتها على تجديد مشروعيتها، واستعادة توازنها، في مواجهة أي تحولات كبرى قد تهز [...]

جوائز نوبل هذا العام سياسياً وأيديولوجياً

  إبراهيم علوش  - الميادين نت برزت، إعلامياً، 3 أسماء لدى الإعلان قبل نحو أسبوعين عن الفائزين بجائزة نوبل لعام 2025: ماريا كورينا ماشادو، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، لأنها زعيمة للحركة [...]
2025 الصوت العربي الحر.