المحكمة الدولية في لبنان تلد فأراً..

August 19th 2020 | كتبها

بعد 15 عاماً، وحوالي مليار دولار، تمخضت المحكمة الدولية في لبنان فولدت فأراً.. وضاعت “الحئيئة” مجدداً..

تبنت المحكمة نظرية “القاتل المنفرد” للرئيس الحريري، وبرأت ثلاثة متهمين لديها، كما برأت ح ز ب الله والدولة السورية عملياً، وهو ما شكل صدمة كبيرة لقوى 14 آذار في لبنان..

ليست المحاكم الدولية محايدة أو مستقلة، وقد مثّلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أداة ابتزاز سياسي مملة على مدى 15 عاماً، وإذا كان توجيهها الاتهامات للحزب وسورية عشوائياً وبالجملة طوال تلك المدة قراراً سياسياً، فإن “تبرئتهما” هو قرار سياسي أيضاً..

على الرغم من ذلك، فإن قرار المحكمة بإدانة عضو واحدٍ في ح ز ب الله، هو سليم عياش، في قضية اغتيال الحريري يُبقي حبل الابتزاز قائماً، ويجعل الحزب “متهماً” في حال رفض تسليمه.. وبدلاً من أن تبدو المحكمة “معتدية”، باتهام الحزب بالجملة، أو سورية، فإنها تبدو هكذا “موضوعية”، وترمي الكرة في ملعب الحزب الذي سيبدو “متهماً” إذا رفض تسليم سليم..

لكن إلى ماذا استندت إدانة عياش من ناحية قانونية؟ وهل اعتمدت على أدلة ملموسة لا يرقى إليها الشك العقلاني؟ الحقيقة هي أن غياب أي دليل ثابت قانونياً لإدانة عياش (أنظر “الأخبار” اللبنانية في 19/8/2020 تحت عنوان “محكمة منتهية الصلاحية”) هو الذي يظهِر مدى خضوع المحكمة للحسابات الغربية-الصهيونية، فالبديل، وهو التبرئة الكاملة لمن اتهمتهم المحكمة باغتيال الحريري، هو بمثابة إعلان أنها كانت محكمة مسيسة منذ البداية..

مع ذلك، كان بإمكان المحكمة، مثل كل المحاكم الدولية، أن تصدر قراراً مسيساً بإدانة الدولة السورية والحزب، ولم تفعل، وهذا ذو دلالة سياسية بحد ذاته..

لكنْ إلى ماذا كانت ستقود إدانة الحزب و/أو سورية على مستوى لبنان والإقليم؟ وهل الطرف الصهيوني وحلفاؤه جاهزون لتفجير واسع النطاق، إن اقتصر على لبنان سوف ينهي أثر قوى 14 آذار نهائياً، وإن اتسع ليشمل المنطقة فإنه سيحدث دماراً شاملاً لن يكون الكيان الصهيوني بمنأى عنه أبداً؟

لقد فرض ميزان القوى وتوازن الردع ذاته إذاً.. والغرب “رمش”..

وما دام الأمر هكذا، من الأفضل الإبقاء على حبل الابتزاز الغربي قائماً، ولو تعسفياً، بعد أن استنفذت المحكمة أغراضها السياسية على مدى 15 عاماً..

ثم أن هناك تحقيق انفجار مرفأ بيروت الذي تشارك فيه جهات غربية.. ومن الضروري “تبرئة” الكيان الصهيوني منه.. بعد أن نجح البعض بتوظيفه لإسقاط حكومة حسان دياب.. وإن كانوا قد فشلوا في تعبئة اللبنانيين ضد المقاومة..

فلو ظلت لعبة التفجير قائمة، فإن الرد على تفجير مرفأ بيروت سيصبح أسهل، ولن يعود سبباً مباشراً في تفجير المنطقة.. ولكن بما أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قد برأت الحزب، وبما أن القوى الغربية من خلفها ستلعب دورها في تبرئة الكيان من تفجير مرفأ بيروت في “التحقيق”، لن يعود سهلاً على المقاومة أن ترد على التفجير من دون أدلة قاطعة، وعلى النقيض من نتائج “التحقيق” في تفجير مرفأ بيروت.. لأنها ستبدو “معتدية” آنذاك..

لننتظر نتائج “التحقيق” في تفجير مرفأ بيروت ونرى، لعل العدالة الآلهية تتحقق هذه المرة لتكشف التورط الصهيوني على الرغم من كل ما يدبره حماة الكيان الصهيوني من غربيين وعرب.. وفي النهاية، فإن هناك مقاومة وجهات وطنية في لبنان لن ترضى أن تضيع قضية تفجير المرفأ في الألاعيب التي تجري من تحت الطاولة أو خلف الستائر.. وكلنا ثقة بتلك الجهات.

إبراهيم علوش

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=357683778967048&set=a.108373647231397&type=3&theater

الموضوعات المرتبطة

الممر البحري بين قبرص وغزة وآباؤه الكثر

إبراهيم علوش- الميادين نت جرى تبني الممر البحري من قبرص إلى غزة رسمياً، والرصيف المؤقت والطريق الفولاذي العائم اللذين سيشيدهما الجيش الأمريكي خلال شهرين، في بيان مشترك نُشر في موقع [...]

عواصف البحرين الأحمر والعربي في سياق الصراع الدولي

  إبراهيم علوش – الميادين نت على الرغم من تأكيد صنعاء مراراً وتكراراً، في مستهل دخولها على خط نصرة غزة، أنها لا تستهدف سوى السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، ملكيةً أو وجهةً، فإن واشنطن، في [...]

قضية للنقاش في هوامش الخطاب الإعلامي المقاوم

  إبراهيم علوش – الميادين نت حقق الخطابُ المقاومُ، في مختلف تنويعاته، اختراقاتٍ حقيقيةً بموازاة عملية "طوفان الأقصى" التي شكلت رافعة مادية له، وشكل بدوره غطاءً وامتداداً إعلاميين لها، [...]

القرار الأولي لمحكمة العدل الدولية بشأن غزة في ميزان الصراع

  إبراهيم علوش – الميادين نت   كان من المفهوم تماماً أن ينفعل البعض تحمساً لرفع جنوب إفريقيا قضية ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية تتهمه فيها بممارسة الإبادة الجماعية في غزة، [...]

تمرد ولاية تكساس: هل تتفكك الولايات المتحدة الأمريكية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت ربما يبدو الخلاف بين ولاية تكساس، ممثلةً بحاكمها منذ عام 2015، غريغ آبوت، وبين الحكومة المركزية في واشنطن، ممثلةً بإدارة الرئيس جو بايدن، خلافاً جزئياً فحسب [...]
2024 الصوت العربي الحر.