جك 200

January 17th 2014 | كتبها

 

 

بشار شخاترة

 

العنوان هو اختصار لـ”جماعة الكالوتي” كما سماهم الامن، وهم جماعة من الشباب الذين دأبوا منذ ثلاث سنوات ونصف على الوقوف على رصيف جامع الكالوتي اسبوعيا مساء كل خميس بالقرب من السفارة الصهيونية في عمان رفضا لوجود هذه السفارة ومطالبين بإعلان بطلان معاهدة وادي عربة مع الكيان الصهيوني، اما الرقم 200  فهو الاعتصام المئوي الثاني الذي سجلته جك في مسيرتها، ولا نذيع سرا اذ نقول ان الاعتصام يعمل تحت مظلة جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية.

 

ان الدلالة السياسية والنضالية التي يطرحها هذا الاعتصام تتعدى الروتين او المفهوم التقليدي للاعتصامات، فعندما تكون مناهضة الصهيونية من المحرمات وعندما يرتبط التغيير الحقيقي نحو العدالة وتحقيق مشاركة سياسية فعلية وما اصطلح عليه ( اصلاحا ) في الاردن بكسر حلقة التبعية نحو الغرب عموما والكيان الصهيوني خصوصا، والذي ربط الاردن بمعاهدة سياسية امنية اذا استمرت مفاعيلها تعمل، فان الاردن كدولة مهدد بالزوال ولكن ليس لصالح وحدة عربية ننشدها وانما لصالح تفريغ فلسطين من اهلها وتحقيق فكرة الخزان البشري والوعاء الوظيفي الحاضن لإفرازات قيام “اسرائيل” وبقائها.

 

والحال كذلك فان دلالة الاعتصام تتعدى العدد الذي يحضره من الناشطين الجكيين، وانما لا يفتأ ان يذكر الجميع بالانحطاط الذي تسير نحوه الامور في الاردن، ولا يقتصر هذا على الحكومة التي تتبنى المعاهدة وتسهل التطبيع مع الصهاينة، وانما يتعداه الى القوى السياسية في الساحة الاردنية والتي للان لم تتعاطى مع الاعتصام ومدلوله السياسي والاستراتيجي نحو التغيير الذي تطالب به تلك القوى، فمسألة الاولويات تسيطر على تفكيرهم متناسين ان الاولوية هي تحرير الوطن قبل الديموقراطية والانتخابات والتمثيل وغيره، فالحركة الوطنية الاردنية في خمسينات القرن الماضي كانت تخوض المعركة التي يفترض ان القوى تخوضها اليوم في مواجهة الحكم ولكن لم يغب عن بالها اولوية اسقاط المعاهدة البريطانية ورفض المساعدة المالية والعسكرية التي تترتب عليها وقد استطاعت ان تحقق ذلك.

 

باختصار تنبع أهمية اعتصام جك من: 1) موقعه، باعتباره الموقع الأكثر قرباً في الاردن من التناقض الرئيسي، 2) استمراريته، باعتباره نموذجاً للعمل المنهجي طويل النفس، غير المعتمد على ردود الفعل الانفعالية إزاء الأحداث، و3) رسالته، باعتبار إعلان بطلان معاهدة وادي عربة اساس التغيير في الاردن، 4) ربطه للبعد الوطني الأردني بالبعد القومي العربي…

 

وحول النقطة الأخيرة بالذات نقول ان جك بمضامينه الاردنية لا يقل اهمية عن مضمونه القومي، لان التلازم موجود اساسا فما هو وطني اردني بالضرورة قومي ايضا، والاصل ان المصلحة القومية لا تتعارض مع المصلحة الوطنية واذا تعارضت فالمصلحة ليست وطنية لان الوجود القومي اصيل اما الوجود الوطني ( القطري ) فطارئ دخيل، وبالعودة الى المضامين القومية فقد تطور خطاب جك الى طرح التداعيات القومية للقضية القومية المركزية وهي فلسطين على رصيف الاعتصام، فعندما تربط بين قوانين التهويد وبين مشاريع التصفية الجارية الى ابطال مثل احمد الدقامسة وسليمان خاطر وغيرها من العناوين لنؤكد اننا امام مشروع قومي كبير اختارت جك ان تحمل بعضا منه في مواجهة مشروع كبير ايضا صهيوني، لنجد دائما اننا نصل الى نفس المعضلة: الاحتلال والتجزئة والتلازم القائم بينهما.

 

في نهاية هذه العجالة اود ان اشير الى مفارقة العدد 200، فبالقدر الذي نواظب فيه على مراكمة عملنا والاصرار على الاستمرار الا انه في نفس الوقت لا نود ان نستمر ولا يسرنا ان نصل الى رقم اكبر من ذلك املا في تحقيق هدفنا اغلاق السفارة وانهاء كل ذيول المعاهدة وتحرير الاردن من التبعية للصهيونية .

 

للمشاركة على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=246710502164026&set=a.117281655106912.23229.117138758454535&type=1&stream_ref=10

 

الموضوعات المرتبطة

لعبة “الشرطي السيئ، والشرطي الأسوأ” في الضربة الصهيو-أمريكية على إيران

  إبراهيم علوش – الميادين نت لا يمكن القول إن الضربة الكبيرة التي شنها الكيان الصهيوني على إيران فجر الجمعة كانت غير متوقعة، لا بسبب التهويل والتهديد المستمرين، فهذان كان يمكن تصريفهما في [...]

سيناريوهات حرب أوكرانيا بين الاستنزاف المطول والحل التفاوضي

  إبراهيم علوش – الميادين نت على إيقاع هجمات متبادلة تزداد ضراوةً وعمقاً، يمكن وصف مفاوضات إسطنبول بين موسكو وكييف بأنها مسرحية تؤدى لعيون ترامب فحسب، بطلاها خصمان لدودان لا يطيق أحدهما [...]

مفهوم “السياسة الصناعية” وموسم العودة إلى فريدريك لِست Friedrich List

  إبراهيم علوش – الميادين نت لم يستفز الاستراتيجيين الأمريكيين شيءٌ مثل مبادرة "صنع في الصين 2025"، وهي خطة عشرية أطلقت سنة 2015 أيضاً لتطوير عشرة قطاعات تصنيعية صينية، من بينها الذكاء [...]

الصراع الصيني-الأمريكي من أجل إعادة صياغة المنظومة الدولية

  إبراهيم علوش – الميادين نت كثيراً ما يستفز "برود" الصين، في مواجهة التغول الأمريكي، أنصار التعددية القطبية ودعاة التحرر من الهيمنة الأمريكية حول العالم. فالصين، ثاني أكبر اقتصاد [...]

حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين

  إبراهيم علوش – الميادين نت يصر تقرير في موقع "مجلس الأطلسي" (Atlantic Council)، في 13/5/2025، بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، بأن هدف الزيارة يتلخص بأمرين: أ – عقد صفقات تجارية [...]
2025 الصوت العربي الحر.