… وهل المشروع القومي في متناول اليد؟

May 8th 2020 | كتبها

أرسل لي صديق، تعليقاً على ما نشرته أمس تحت عنوان “وجه الخطورة في الحديث عن الفضاء العربي-التركي-الإيراني”، وما أنهيت فيه من أن “الأولوية الأولى هي لمشروع النهوض القومي، وبعدها لكل حادث حديث…”، ما يلي:

“لكن يا دكتور كم من الوقت تعطي قبل قيام مشروع نهوض قومي بالوطن العربي، خصوصاً من بعد (الثورات) المدعومة من أمريكا وأوروبا واليهود..؟ حتى الحكومات العربية ليست أفضل حالاً من جماعة (الربيع العربي)، باستثناء سوريا”.

وحيث أن لدى البعض شعوراً باستحالة تحقيق مشروع نهوض قومي، وحيث أن مثل ذلك الشعور بالذات هو ما قد يدفعهم للبحث عن “حلول” أو “بدائل” أخرى للمشروع الذي لا بديل له، فإنني استأذنت مرسل الرسالة بأن أنشرها مع ردي عليها، وكان كما يلي:

كم من الوقت سيستغرق البدء بمشروع نهوض قومي؟ أرى بأن المسألة لا تتعلق بالوقت أو الزمن بحد ذاته.. فعندما يتوفر، أولاً، قدرٌ كافٍ من الوعي في الشارع العربي بمدى حاجتنا كأمة إلى مشروع قومي (وهو ما يسميه ياسين الحافظ “الوعي المطابِق”)، وعندما تتوفر، ثانياً، طلائع سياسية وفكرية وتنظيمية تنهض بدورها الريادي المتوخى في إطلاق مثل ذلك المشروع، فإن قيام المشروع القومي بحد ذاته يصبح مسالة أشهر، أو سنوات قليلة، وربما يستغرق أكثر من ذلك ليحقق أهدافه، لكنه يكون قد انطلق، ويصبح بمتناول اليد. ولذلك يعمل العدو على ضرب شروط قيام المشروع القومي، فهو يشتغل، أولاً، على ضرب الوعي القومي في الشارع، وهو يشتغل، ثانياً، على إجهاض أي حالة طليعية أو عزلها أو احتوائها أو رشوتها أو القضاء عليها…

إذاً انطلاق المشروع رهنٌ بتوفر شروط انطلاقه، وهي 1) عتبة دنيا من الوعي العام، و2) تكون طلائع بسمات من الكفاءة والإخلاص والالتزام تعمل على إطلاق مثل ذلك المشروع، وما من شك في أن هذين الشرطين متكاملان، وأن أحدهما يغذي الآخر، فالوعي العام القومي يدفع باتجاه فرز طلائع قومية من صفوف الشعب، والطلائع القومية تدفع باتجاه رفع سوية الوعي العام، ولكن العبرة هي أن هذه الشروط المحددة إن لم تتحقق، فإن طول الزمن أو قصره لا يعني شيئاً، والانتظار بحد ذاته لن يجعلها تتحقق، أما إذا تحققت تلك الشروط، فإن الزمن لن يكون مشكلة بحد ذاته أيضاً ما دام قطار المشروع القومي قد بدأ يسير.

فما الذي يتوجب القيام به من أجل: 1) رفع سوية الوعي القومي في الشارع العربي، و2) بلورة الطلائع المستعدة والقادرة على القيام بما يستلزمه مشروع نهوض قومي؟ هذا ما يجب أن يفكر فيه القوميون، بعيداً عن الهروب إلى “بدائل” لا تغني ولا تسمن، ولا “تفيد” إلا في تأخير العمل على المشروع الحقيقي الوحيد، المشروع القومي.

للمشاركة على فيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=274103467325080&set=a.108373647231397&type=3&theater

الموضوعات المرتبطة

لعبة “الشرطي السيئ، والشرطي الأسوأ” في الضربة الصهيو-أمريكية على إيران

  إبراهيم علوش – الميادين نت لا يمكن القول إن الضربة الكبيرة التي شنها الكيان الصهيوني على إيران فجر الجمعة كانت غير متوقعة، لا بسبب التهويل والتهديد المستمرين، فهذان كان يمكن تصريفهما في [...]

سيناريوهات حرب أوكرانيا بين الاستنزاف المطول والحل التفاوضي

  إبراهيم علوش – الميادين نت على إيقاع هجمات متبادلة تزداد ضراوةً وعمقاً، يمكن وصف مفاوضات إسطنبول بين موسكو وكييف بأنها مسرحية تؤدى لعيون ترامب فحسب، بطلاها خصمان لدودان لا يطيق أحدهما [...]

مفهوم “السياسة الصناعية” وموسم العودة إلى فريدريك لِست Friedrich List

  إبراهيم علوش – الميادين نت لم يستفز الاستراتيجيين الأمريكيين شيءٌ مثل مبادرة "صنع في الصين 2025"، وهي خطة عشرية أطلقت سنة 2015 أيضاً لتطوير عشرة قطاعات تصنيعية صينية، من بينها الذكاء [...]

الصراع الصيني-الأمريكي من أجل إعادة صياغة المنظومة الدولية

  إبراهيم علوش – الميادين نت كثيراً ما يستفز "برود" الصين، في مواجهة التغول الأمريكي، أنصار التعددية القطبية ودعاة التحرر من الهيمنة الأمريكية حول العالم. فالصين، ثاني أكبر اقتصاد [...]

حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين

  إبراهيم علوش – الميادين نت يصر تقرير في موقع "مجلس الأطلسي" (Atlantic Council)، في 13/5/2025، بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، بأن هدف الزيارة يتلخص بأمرين: أ – عقد صفقات تجارية [...]
2025 الصوت العربي الحر.