May 1st 2021 | كتبها
admin

نسرين عصام الصغير – طلقة تنوير 75
شهد الوطن العربي تجاربَ قوميةً عربيةً كثيرة، وكانت تقود تلك التجارب قياداتٌ كشفت معدنها القومي المواقف الصعبة والمؤامرات التي تحاك ضدها مثل محمد علي باشا وإبراهيم باشا وغيرهم كثر، لكنني هنا سأخصص الحديث عن تجربتين قوميتين عربيتين متميزتين استطاعتا أن تجعلا الشعب العربي يلتف حولهما، وهنا نقول الشعب العربي، أي الجماهير العادية الوطنية الوفية لقضايا الأمة، لا البعض المرتزق الممول، المنتظر للأوامر الخارجية لتنفيذها، ولا الأنظمة القُطرية بكل تأكيد.
سأبدأ بالرئيس جمال عبد الناصر الذي استطاع خلال ثمانية عشر عاماً أن يجعل ذكراه خالدةً بما أنجزه للوطن العربي في هذه الحقبة، نعم، لم تكن كلها سنواتٍ ورديةً، وقد كانت حافلة بالمؤامرات والحروب، لكن الرئيس عبد الناصر استطاع أن يجمع الشعب العربي من المحيط إلى الخليج إلى مشروعه القومي، وعندما قال لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض استمرت هذه المقولة قائمةً إلى يومنا هذا، وعندما قال ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وضع لنا ثابت المقاومة حتى التحرير، وعندما قال معركتنا معركة وجود لا معركة حدود، فهنا نكون أو لا نكون، وعلى دربه ماضون.
مرت الحقبة الناصرية بكثيرٍ من الأزمات ولكن أكبر أزماتها كانت بعد حرب عام ١٩٦٧، وعندما قدّم الرئيس عبد الناصر استقالته نزلت الجماهير في الشوارع من المحيط للخليج للمطالبة بعودة الزعيم لحكمه، انتصرت إرادة الشعب العربي لنكمل مسيرتنا للنصر، وفعلاً كان قراراً جماهيرياً حكيماً، وعاد الزعيم وبقي حتى أخذ الله أمانته، لا بل بقي بيننا حتى بعد أن أخذ الله أمانته.
بعد مرور أكثر من نصف قرن على رحيل جمال عبد الناصر، ما يزال الشعب العربي ينتظر قيادةً قوميةً يلتف من حولها، وخصوصاً بعد الهزائم التي سجلت علينا، والتي خلفت خسائر أكبر بكثير من حرب عام ١٩٦٧، ونتحدث هنا عن اتفاقيات الاستسلام التي وقعتها بعض الأنظمة العربية ككامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو، حتى منّ الله علينا بقائدٍ عظيمٍ كنا نحلم به، شابٌ قوميٌ عربيٌ حكم قطراً عربياً مركزياً اسمه الرئيس بشار الأسد، سرعان ما التف القوميون العروبيون من المحيط إلى الخليج من حوله، وفعلاً لم يتأخر الغرب والكيان الصهيوني في حياكة المؤامرات عليه حتى كشّر العدو عن أنيابه في “الربيع العربي” الذي لم يكن إلا ربيعاً عبرياً، وقد كانت مؤامرة كبيرة وواضحة فعلاً لكنْ رغم وضوحها إلا أن كثيراً من القوميين العرب انغش لفترة من الزمن في كذبة “الربيع العربي” لكن كان هناك نخبة بصيرتها بعيدة اكتشف المؤامرة من ليبيا قبل أن تنتقل إلى سورية (ابحث مثلاً عن مادة بعنوان “هل تريدون عراقاً آخر في ليبيا؟” نشرت في بداية آذار/ مارس 2011، وغيرها كثير على موقع “الصوت العربي الحر”).
قامت هذه المؤامرة إذن باستهداف أكثر من قطر عربي، لكن التركيز هذه المرة كان على سورية شعباً وجيشاً وقيادة، وهو ما تحدثنا عنه في أعداد سابقة من مجلة “طلقة تنوير”، وقد كان فيها أيضاً أكثر من عددٍ مخصصٍ لما يسمى “الربيع العربي”، وهنا يجب أن نؤكد على المؤامرة على القيادة حيث قامت الدول الغربية والكيان الصهيوني وأدواته في بث الفتنة وتلفيق التهم الباطلة للسيد الرئيس بشار الأسد وتم تجييش وسائل الإعلام العربية والأجنبية لهذا الهدف مع اختلاف الوسائل وتطويرها المستمر، لكن اليوم وبعد أكثر من عشر سنوات ما يزال شرفاء العرب يلتفون حول القائد القومي العربي الحكيم الصلب الذكي الصابر بشار الأسد.
لقد مرت سورية خلال السنوات العشر الأخيرة بكثيرٍ من الأحداث، فلم تكن المعركة سهلةً، لكنْ في نهاية كل معركة كان النصر حليف الجيش العربي السوري من القصير لدير الزور، وحمص وحلب وتدمر كلها شاهدة على هذا النصر، ورغم هذه الانتصارات إلا أن الغرب لم يكلَ ولم يملَ في تطوير وسائله وأدواته وعلى رأسها الحركات الإسلاموية والتكفيرية التي تجتذب عناوينها المسلمين من العرب وغير العرب، ولكنْ من أهم المعارك السياسية التي خاضتها سورية والشعب السوري خلال الحرب هي الاستحقاق الرئاسي عام ٢٠١٤، ونحن اليوم على أعتاب استحقاقٍ رئاسيٍ جديدٍ بعد أقل من شهر، أي في ٢٦ آيار ٢٠٢١، وهنا يجب أن نؤكد على أنه لم يكنْ هناك من خيار للرئيس بشار الأسد سوى الترشح للرئاسة، وهو ليس بقرارٍ شخصيٍ أو فرديٍ بل قرارٌ جماهيري عربي، حيث أن مؤيدي الرئيس بشار الأسد ليسوا من الشعب العربي السوري وحده بل من جميع الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج إلى المهاجر، وهذا ليس تعبيراً عن مشاعر قومية بل نابعٌ من إيمانٍ بشخص الرئيس الذي لم يخذل الجماهير العربية يوماً من الأيام، فهو لم يكن رجل خطابات ولا رجل كلام، بل رجل الأقوال والأفعال، فهو من لقن الغرب والكيان الصهيوني دروساً قاسيةً، لا سيما في معنى السيادة والقومية، ولا أدري من أين أبدأ في عرض بعض تلك الدروس، لكن يمكن أن نختصرها كإجابةٍ على سؤالٍ واحد هو: لماذا نريد السيد الرئيس بشار الأسد؟
وفي بعض الإجابة على مثل ذلك السؤال نذكر…
-
الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري بقيادة القائد العام للقوات المسلحة الرئيس بشار الأسد في وجه الحرب الكونية على سورية.
-
الإدارة السياسية المحترفة لحرب الدفاع عن سورية، في مواجهة تحالفٍ دوليٍ وإقليميٍ وتكفيريٍ وليبراليٍ عابرٍ للقارات، رَسَمَ صورةَ ميزانِ قوىً غيرِ متكافئٍ على الإطلاق ما جعل كثيرين يتوهمون أن الدولة السورية قاب قوسين أو أدنى من السقوط خلال أسابيع، وقد تجلت في عملية قلب ذلك الميزان براعة الأداء السياسي لعقلٍ استراتيجيٍ مرهف يستند إلى أعصابٍ من فولاذٍ وقلبٍ من ذهب.
-
الإحاطة الشاملة بمسرح عملياتٍ واسعٍ وسائل ومتعدد الأبعاد، من السياسة إلى الاقتصاد إلى الإعلام إلى الميدان إلى وسائط التواصل الاجتماعي إلى القطاعات المختلفة في الدولة السورية، ومشاغلة العدو والتصدي له بالموارد المتاحة على قلتها وتضاءلها خلال الحرب، والتمكن من الإمساك بالمفاصل المركزية للصراع ولو بعد حين.
-
دعم القومية العربية على كافة الأصعدة، والدفاع عن عروبة سورية بالرغم من طعنات الأنظمة وبعض “القوميين” المزعومين، فعندما نستمع إليه نشعر بنشوة القومية مما يعيد لنا الروح، فنحن كأمة من دون القومية العربية جسدٌ بلا روح.
-
دعم المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية، والتمسك بخيار المقاومة، وإعطاء فرصة لمحور المقاومة لقلب ميزان القوى إقليمياً.
-
جعل سورية دولةً مكتفيةً ذاتياً لا تحمل قلقاً اقتصادياً قبل الحرب، ما جعلها دولة ذات سيادة لا تحتاج لأي دعم مادي مقابل قرار سياسي، وهو أحد أهم أسباب الحرب على سورية.
-
التطور العسكري الذي جعل من سورية رأس حربة في المعركة الحقيقية الكبيرة في وجه الكيان الصهيوني.
-
القدرة على توحيد الشعب العربي السوري باختلاف طوائفه، إذ حاول الغرب اللعب على هذا الوتر في الحرب على سورية، ولكنْ بحكمة الرئيس بشار الأسد استطاع أن يقلب السحر على الساحر وأن يوحد كل شرفاء سورية على حب أرض الوطن.
-
وأخيراً وليس آخراً، في زمن الانحطاط والركوع هذا، لم نجد إلا رئيساً عربياً واحداً قصف الكيان الصهيوني في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة هو السيد الرئيس بشار الأسد.
وبعد كل هذا أعتقد أنه لو قيض للشعب العربي أن يشارك في انتخاب الرئيس بشار الأسد لن يتأخر في هذا الواجب، لكن ليس بإمكاننا في ظل هذه التجزئة اللعينة إلا أن ندعم الرئيس الذي نحب من أقطارنا، الرئيس الذي نشعر معه بالأمن ونسير معه خطوةً من خطوات الألف ميل لتحقيق الحلم الكبير، حلم الوحدة والتحرير والنهضة، فالرئيس بشار الأسد قدم الكثير للحفاظ على كرامتنا وثبات موقفنا، ونحن من جهتنا لن نتوانى عن تقديم الدعم الكبير الذي يستحقه وأكثر، فكل الدعم للقائد القومي بشار الأسد أيها العروبيون.
للمشاركة على فيسبوك:
هذا الموضوع كتب بتاريخ Saturday, May 1st, 2021 الساعة 2:02 pm في تصنيف
مقالات سياسية واقتصادية. تستطيع الاشتراك لمتابعة الموضوع من خلال
RSS 2.0 تغذية الموقع.
كما يمكنك
اضافة رد, او
تعقيب من موقعك.
الموضوعات المرتبطة
إبراهيم علوش – الميادين نت
كفى بالمرء دليلاً على وجود نخبة عالمية متنفذة تُؤرجِحُ خيوط المشهد من خلف الستائر ومن أمامها أن يتزايدَ الانفتاحُ، دولياً وعربياً وإسلامياً، على النظام الجديد [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
على ضفتي سنة 2000، احتدم جدال في الساحة الفلسطينية، وبين المعنيين بالشأن الفلسطيني، بشأن العمليات الاستشهادية التي أثخنت الكيان الصهيوني رعباً وقتلى وجرحى. [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
لأن أي تحول جوهري في بنية المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، وبالتالي في توجهاتها، تنعكس ظلاله بالضرورة على مصفوفة العلاقات الدولية، وبالتالي على مسار [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
كان لافتاً ضغط ترامب على نتنياهو للقبول باتفاق وقف إطلاق نار في غزة. بات واضحاً أنه الاتفاق ذاته الذي عملت إدارة بايدن على صياغته في أيار / مايو الفائت، [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
يبدو أن هناك تواطؤاً سورياً عاماً، من جراء إرهاق الحصار ربما، ووطأة سنوات القتال، على تمرير "المرحلة الانتقالية"، ريثما تتضح معالم ما يسميه البعض "سوريا [...]