إبراهيم علوش – الميادين نت
يسوق البعض الدمار الكبير الذي ألحقه الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة “حجةً” على المقاومة الفلسطينية بصورةٍ عامة، وعملية “طوفان الأقصى” بصورةٍ خاصة، في أنها منحت الكيان الصهيوني ذريعةً كي يهدم آلاف المباني السكنية وغير السكنية في قطاع غزة منهجياً، ولا سيما شماليه، الأمر الذي نتج عنه حرمان مئات آلاف الغزيين من السكن، ما حوّلهم إلى نازحين مجدداً.
لكن، فلنتوقف هنيهةً عند دلالات تعبير “ذريعة” في السياق الغزي، فهل هي “ذريعة” يعتد بها قانونياً أو سياسياً أو أخلاقياً مثلاً؟ كما يجب أن نسأل: “ذريعة” لدى من بالضبط؟ فهل هي ذريعة مقبولة لدى الغزيين مثلاً، أو الفلسطينيين، أو المواطنين العرب، أو المسلمين، أو مواطني جنوب الكرة الأرضية وشرقها، أو المواطنين الغربيين؟
حتى الغربيون أنفسهم تحركوا بقوة احتجاجاً على الدمار والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة، ولو لم يكونوا متضامنين مع المقاومة أو مؤمنين بتحرير فلسطين. أما سائر أهل الأرض، فلا حاجة إلى شرح موقفهم من هذه المسألة، بغض النظر عن طريقة تعاطي أنظمتهم أو حكامهم معها، لكنها كـ “ذريعة” ليست مقبولة لديهم، في أي حال.
ولا توجد “ذريعة” لهدم عشرات آلاف المنازل منهجياً إلا في “القانون الإسرائيلي”، وهي ذريعةٌ، مع حفظ الألقاب، مستمدةٌ من “لوائح الطوارئ الدفاعية” Defense Emergency Regulations التي سنها الاحتلال البريطاني في فلسطين عام 1945، بموجب قرار تنفيذي من الملك البريطاني بإمضاء هيئة مستشاريه الخاصين عام 1937، في مواجهة ثورة عام الـ 36 في فلسطين، والتي استمرت حتى عام 1939، بغرض الإجهاز عليها وعلى حاضنتها الاجتماعية.
تضمنت تلك اللوائح 147 بنداً أو قانوناً امتدت على مدى 41 صفحة نشرت في جريدة الانتداب البريطاني الرسمية Palestine Gazette، وكان من بين تلك القوانين ما يلي:
أ – إعطاء أي 3 ضباط حق إجراء محاكمات ميدانية للواقعين تحت الانتداب، من دون أي ضوابط على نوعية “الأدلة” التي يجوز أو لا يجوز سَوقها في تلك المحاكمات، ومن دون امتلاك المدانين فيها حق الاستئناف.
ب – منح ضباط الشرطة والضباط العسكريين حق تفتيش أي شخص أو مكان، ومصادرة أي غرض، على أساس الاشتباه في مخالفة أيٍ من التعليمات أو القوانين الـ 147 الواردة في لائحة الطوارئ.
ج – منح المفوض السامي، أو أي قائد عسكري عالي الرتبة، حق اعتقال أي شخص من دون محاكمة مدداً غير محدودة زمنياً، وهو “القانون” الذي يشكل أساس ممارسة الاعتقال الإداري التي يمارسها الاحتلال الصهيوني على نطاق واسع حتى اليوم.
د – إعطاء المفوض السامي أو أي قائد عسكري عالي الرتبة حق نفي أي شخص خارج فلسطين، ولو كان أجداده مولودين فيها منذ عهد الكنعانيين.
هـ – منح سلطات الانتداب وممثليها صلاحيات موسعة في ممارسة الرقابة الإعلامية، وتعليق عمل المحاكم المدنية، ومصادرة الأملاك، وإغلاق المنشآت التجارية والصناعية، وفرض حظر التجول. وأسوق هذا البند بالذات لعناية المغرمين بديموقراطية الغرب وخطابه عن حقوق الإنسان والتعبير وما شابه، خصوصاً عندما يحاولون تصديره إلينا في معلبات المنظمات غير الحكومية المحفوظة في سوديوم التمويل الأجنبي.
و – أخيراً، وليس آخراً، إعطاء القادة العسكريين “حق” مصادرة أو هدم أي منزل أو مبنى أو أرض أو تجريف كل ما ينمو عليها، عندما “يقتنعون بصورةٍ كافية” أن ملاكها خالفوا أحد القوانين الـ 147 الواردة في لائحة الطوارئ، وهو القانون رقم 119 في لائحة الطوارئ البريطانية، والأساس “القانوني” الذي يستند إليه الاحتلال الصهيوني اليوم لتفجير منازل الفلسطينيين وعقاراتهم وهدمها ومصادرتها وتجريف أراضيهم.
ليس ما سبق، بالمناسبة، إلا لمحةً عامةً عن قوانين الطوارئ التي شرع الانتداب البريطاني (الديموقراطي الليبرالي؟) في فرضها عملياً عام 1937. لكنْ تجدر الإشارة، بخصوص البند الأخير بالذات، بند تفجير المنازل وهدمها، أو البند رقم 119، إلى أنه أعطى الغطاء “القانوني” للانتداب البريطاني لهدم أو تفجير 2000 منزل فلسطيني، بالإضافة إلى منزل يهودي واحد (لضرورات التورية وإظهار التوازن وعدم التحيز).
لا يتعلق الأمر بالمظالم التاريخية التي وقعت على الشعب العربي الفلسطيني فحسب، بل بواقع الاحتلال الصهيوني منذ نشأ، إذ إن الاحتلال تبنى لائحة الطوارئ البريطانية في جمعيته التأسيسية تحت عنوان “مرسوم القانون والإدارة لعام 1948″، والذي جُعِل جزءاً من القانون العام في كيان الاحتلال، ما عدا تلك البنود التي تخالف قوانين محددة في التشريعات “الإسرائيلية”، والمقصود طبعاً أن قوانين الطوارئ ستطبق على العرب فحسب، وبحسب المزاج، لا على اليهود.
أعلن الاحتلال البريطاني قبل نهاية الانتداب بيومين، أي في 12/5/1948، بطلان منظومة قوانين لائحة الطوارئ الدفاعية. لذلك، يقول بعض “القانونيين” إن استناد الاحتلال الصهيوني إليها غير مشروع.
ويرد الصهاينة أن إعلان بطلان اللائحة يبقى إعلامياً، لا رسمياً، لأنه لم يُنشر في الجريدة الرسمية للانتداب. لكنّ إعلان بطلان قوانين الطوارئ البريطانية جاء قبل يومين من انتهاء الانتداب، وبالتالي توقفت جريدته الرسمية عن الصدور. فلا حول ولا قوة إلا بالله إذاً.
بصراحة تامة استخف بمثل هذه النقاشات القانونية لأن الاحتلال البريطاني، الذي فوِض مندوبُه السامي وضع منظومة قوانين للإجهاز على ثورة الـ 36، بدأ بفرض تلك “القوانين” وتنفيذها كما يحلو له ولضباطه قبل أن تصدر في الجريدة الرسمية عام 1945. وبالتالي، فإن ما يحكم هو قانون القوة، أو شريعة المحتل، ولا يشذ المحتل الصهيوني في هذا عن المحتل البريطاني، بدلالة صدور لائحة الطوارئ رسمياً عام 1945، بعد القضاء على “ثورة الـ 36 – 39” بستة أعوام.
ليعذرني القارئ الكريم على الاستطراد هنا، لكننا لسنا مضطرين، نحن العرب، لتبرئة أنفسنا من النازية والفاشية، لأن ما فعله مناهضو النازية والفاشية البريطانيون والفرنسيون في البلدان العربية، ما عدا ليبيا التي احتلها الإيطاليون، أسوأ كثيراً من أي شيء ينسب إلى النازية، ولعل الأصح تمزيق القناع الديموقراطي الليبرالي أو “الحضاري” الذي ما برحوا يغطون فيه ممارساتهم.
المهم، في عام 1967، بعد احتلال شرقي القدس بيومين فحسب، قرر الحاكم العسكري الصهيوني هدم حارة المغاربة استناداً إلى القانون 119 من لائحة الطوارئ البريطانية بذريعة أن الحكم الأردني في الضفة الغربية، أو المصري في غزة، لم يعلن بطلانها في الجريدة الرسمية، والبقية عندكم.
بحسب إحصاءات “اللجنة الإسرائيلية المناهضة لتفجير المنازل”، وهي هيئة “إسرائيلية” يقوم عليها “إسرائيليون”، بالتالي ليست مصدراً “متحيزاً” في عرف البعض، هدَمَ الصهاينة أكثر من 55 ألف منزل أو مبنى في فلسطين حتى عام 2022، الأمر الذي أدى إلى فقدان مئات الآلاف منازلهم. فهل حدث ذلك نتيجة “طوفان الأقصى” بأثرٍ رجعي؟ أم أنه سياسة منهجية ما برح الاحتلال ينتهجها بغض النظر عن أي ذريعة؟
لا بد من وضع الدمار الشامل الذي يتعرض له قطاع غزة اليوم في سياقه التاريخي إذاً، أي في سياق المشروع الصهيوني الإحلالي الاستيطاني، إذ إن تصوير حملة الهدم التي يمارسها الاحتلال في غزة كـ “ردة فعل” يضفي عليها المشروعية عن قصد أو غير قصد، كما أنه يخرجها من سياقها التاريخي والمنهجي الصهيوني، الأمر الذي يجعلها غير مفهومة حتى كـ “ردة فعل” مبالغ فيها فوق التصور، وهو ما يريده الاحتلال تماماً بعد هزيمته النكراء في “طوفان الأقصى”، إذ يحاول ترميم هيبته في أعيننا وإعادة إنتاجها على صورة غولٍ جامحٍ لا يوقفه شيءٌ عند حده. لكن هيهات!
يجري تدمير المنازل الفلسطينية في أراضينا المحتلة ضمن مجموعتين أساسيتين من الذرائع:
أ – البناء بدون ترخيص، في حين لا يُمنح الفلسطينيون تراخيص إلا فيما ندر، ويسمى هذا الهدم الإداري، وهدفه التهجير وتمهيد الطريق لتهويد الأرض.
ب – البناء الذي يتهم أحد ساكنيه أو ملاكه بصلةٍ ما بنشاطٍ عسكري، ويسمى هذا الهدم العقابي، وهدفه ثني المقاومين وكل من يفكر بالمقاومة عن ممارستها.
تصاعد الهدم العقابي في الضفة الغربية منذ انتفاضة عام 1987، انتفاضة الحجارة، وبلغ مئات المنازل كل عام. وفي عام 1988 مثلاً، جرى تفجير 423 منزلاً، من بين 510 منازل جرى هدمها (إذ يجري الهدم بالجرافات أحياناً) لأسباب “أمنية”، بالإضافة إلى 110 منازل جرى قصفها بصورةٍ شنيعة اشتباهاً بوجود مقاومين مختبئين فيها.
لكنّ الهدم الإداري بقي غالباً، مع هدم نحو 1500 منزل ذلك العام لعدم وجود ترخيص، والعبرة أن هدم المنازل لا يحتاج صهيونياً حتى إلى “ذريعة” أمنية، وكانت الحصيلة العامة تشريد 10000 طفل فقط، بحسب ما أورده الباحث جيمس غراف في الفصل الذي ساهم فيه في كتاب “مناظير فلسفية بشأن النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي” (2015)، بالإنكليزية، الصفحات 173-174.
وبحسب مراجع “إسرائيلية”، بلغ عدد المنازل المهدمة بين أيلول / سبتمبر 2000، بداية انتفاضة الأقصى، ونهاية عام 2004 نحو 4100 منزل، دمر 628 منزلاً منها بذرائع “أمنية”، بعد اتهام أحد قاطنيها بصلة ما بـ “الإرهاب الفلسطيني”، الأمر الذي أدى إلى تشريد 3983 قاطناً فيها، ناهيك بقاطني المنازل المهدمة لأسبابٍ “إدارية”. وهكذا دواليك.
نحو فهم تاريخي لتدمير مباني قطاع غزة
الفكرة هنا أن هدم المنازل يجري لتحقيق هدفين مترابطين، يصب كلٌ منهما في خانة الهدف الآخر:
أ – إفراغ فلسطين من أهلها.
ب – رفع تكلفة العمل المقاوم.
نأتي الآن إلى زبدة الكلام: أمام وضعٍ بمثل هذه القسوة، ماذا بإمكان الفلسطينيين أن يفعلوا؟ وماذا بإمكان أي شعبٍ أن يفعل تحت احتلالٍ كهذا؟
بكل هدوء، ثمة 3 خيارات استراتيجية، على ما أراه:
أ – إما الرضوخ والإذعان، وهو طريق الاندثار والتبدد في “الأسرلة” أو العمالة ضمن فلسطين المحتلة، أو اللجوء والضياع والذوبان خارجها، وهو ما راهن عليه الاحتلال منذ البداية، فكم خيب الشعب الفلسطيني رهانه!
ب – وإما محاولة استرضاء الاحتلال كي “يمنحنا” حيزاً سياسياً صغيراً بشروطه، تحت عنوان “الكيانية الفلسطينية”، وبذل اقصى جهدنا في إقناعه بأننا لسنا خطراً عليه ولا نرغب بتحرير كل فلسطين، وبأننا نود بشدة التفاهم معه والتعايش إلى جانبه بـ”سلام”… وهو الطريق الذي اختارته قيادة م. ت. ف، وقد رأينا إلى أين وصل بعد 30 عاماً من توقيع اتفاقية أوسلو.
ج – وإما، المقاومة، على الرغم من تكلفتها العالية، والدعم الغربي للاحتلال، والتطبيع الرسمي العربي، ومنه الرسمي الفلسطيني، الذي يقدم غطاءً للاحتلال ومشروعيةً لممارساته.
إن فكرة المقاومة، بانتظار تراكم عوامل التحرير، هي رفع تكلفة الاحتلال كي لا يستقر بأرضنا ويتمدد فيها، وكي نخلق لأنفسنا بؤراً محررة عبر جغرافيا الوطن والوعي الجمعي ننطلق منها نحو التحرير الكامل.
أما فكرة تهديم المنازل بذرائع “عقابية” فهي لوضع المقاوِم الفرد أمام خيارين: ما دمتَ مضحياً بنفسك وحياتك، فإما عائلتك، وإما مقاومُتِك؛ إما المخبز أو الدكان أو الأرض أو الورشة التي يكسب منها أهلك لقمة عيشهم، وإما خُيارك المقاوم؛ إما أن يجوع من تحب ويتشرد، وإما أن تقاوم.
لكنّ المقاومة أتت رداً على الاحتلال والتهجير والقتل والمجازر، ولم يأتِ الاحتلال رداً على المقاومة. لسنا من ذهب إلى غيتوات اليهود في بولندا وروسيا وأوكرانيا كي نزاحمهم عليها، بل هم من أتوا إلى حيفا وعكا ويافا والقدس كي يقتلونا ويهجرونا ويحتلوا أرضنا ويهوّدوها.
ربما يبدو الاستسلام لمشيئة المحتل خياراً فردياً “عقلانياً” من وجهة نظر فردية ضيقة أو انتهازية، لكنها، من وجهة نظر وطنية، انتحارٌ جمعي. لذلك، لا يسع المقاوم الذي يضعه الاحتلال أمام خيارين أحلاهما مر إلا أن يضع المحتلَ أمام خيارٍ واحدٍ لا رجعة عنه: إما فلسطين، وإما فلسطين.
تلك هي قصة غزة، فلا خيارات فعلياً، والبدائل كلها أسوأ، على رغم المجازر والدمار. أما التخلي عن خيار المقاومة فيعني تزكية خيار العمالة والضياع، أو خيار التفريط والسعي لإيجاد مساحة تقاطع سياسية مع المحتل، وكلاهما رأينا مآله، ولم يدفعنا إلى المرِّ إلا ما هو أمرّ.
بئس زمن نحتاج فيه إلى “تبرير” العمل المقاوِم. ليس هناك شعبٌ محتلٌ لم يدفع ثمناً غالياً من أجل تحرير بلاده. قدم الفيتناميون 2.5 مليون شهيد مقابل 58 ألف قتيل أمريكي، وقدم الجزائريون 1.5 مليون شهيد مقابل 90 ألف قتيل فرنسي، فهل هو كثيرٌ على فلسطين أن نقدم إليها 10 أو 20 ألف شهيد مقابل 1500 قتيل صهيوني، على الأقل، في معركة “طوفان الأقصى”؟!
كل أشكال المقاومة محبذة، وكلها محمودة، لكن سمو العنف المسلح في مواجهة الاحتلال الصهيوني لا يضارعه شيءٌ من قبلُ ومن بعدُ، وهو البوصلة التي تقودنا إلى مشروع التحرير. لا، لم يحرك الغزيين أحدٌ إلى غلاف غزة سوى معاناتهم، ولم يدفع محورَ المقاومة أحدٌ إلى معركة ثم رفض أن ينخرط فيها بكل قواه. إنها ظروف الشعب العربي الفلسطيني التي دفعته إلى المرِّ بسبب ما هو أمرّ منه، وكل من يعيشها يفهمني.
إن مشروع التحرير هو مشروع أمة، وخيراً فعل السيد حسن نصرالله إذ ألقى المسؤولية في حضن الشعب العربي، إذ إن منظومة التجزئة العربية لا يعول عليها، فإذا هبت جماهير الأمة العربية واقتحمت سفارات العدو، وزلزلت المطبعين، وزحفت الملايين العربية في اتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، ولم يعد عبء الانتقام مقتصراً على الجنوب والبقاع اللبنانيين، فإنني اتحدى القاصي والداني ألا يعلن حزب الله مشروع التحرير. قبل أن تسائل غيرك، إسأل نفسك كمواطنٍ عربيٍ: ماذا فعلت اليوم ضد الصهيونية؟ هل قاطعت؟ هل تظاهرت؟ هل زحفت نحو الحدود؟
ربما يقول البعض إن هذا كلامٌ “متطرف” لا قِبلَ لنا فيه، فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون. وإنني لن أجيب بالعروبة والإسلام، بل سأجيبُ بصفحة من الثقافة الأمريكية، حين أعلن باتريك هنري الحرب ضد الاحتلال البريطاني عشية حرب الاستقلال، في 23/3/1775، قبيل إعلان الثورة الأمريكية على بريطانيا، حين وقف في الكونغرس الأمريكي وقال:
“أخواننا ذهبوا إلى الميدان كي يقاتلوا، فلماذا نقف نحن هنا بلا فعل؟ ما الذي يرومه السادة الزملاء، وما الذي يتمنون الحصول عليه؟ وهل أصبحت الحياة غاليةً إلى هذه الدرجة، والسلام حلو المذاق إلى هذا الحد، ما يجعلنا نشتريهما بالعبودية والقيود؟! “لا سمح الله”! أنا لا أعرف أيَ دربٍ إلى السلام سيسلكه الآخرون، أما أنا، فأعطني الحرية أو أعطني الموت”.