كلمة لروسيا وحولها

April 6th 2019 | كتبها

تقوم استراتيجية روسيا في مواجهتها مع الولايات المتحدة، فيما تقوم عليه، على مبدأ استقطاب حلفاء الولايات المتحدة إلى الصف الروسي (ألمانيا في أوروبا الغربية، تركيا وقطر والسعودية والكيان الصهيوني في منطقتنا…).

نفهم أن مثل هذا المسعى الروسي يأتي في سياق التناقض الرئيسي في عالمنا المعاصر اليوم بين منظومة الهيمنة الإمبريالية (وعلى رأسها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية) من جهة، وبين الدول والحركات المستقلة (من دول البريكس إلى فنزويلا وإيران وكوريا الديموقراطية…) من جهة أخرى.

ومن أجل تحقيق هذا المسعى، تقوم روسيا بتقديم جوائز وعروض وتنازلات لحلفاء الولايات المتحدة المستهدفين بالاستقطاب روسياً، من عروض الأس-400 إلى الغاز إلى غيرها.

إلى هنا، يمكن أن نناقش المسعى الروسي من حيث جدواه ونجاعته إلخ… ما دامت التنازلات والجوائز تُقدم من جيب روسيا نفسها.

أما حين يتعلق الأمر بتنازلات من جيب الأمة العربية، كما حدث في حالة تسليم رفات الجندي الصهيوني زكريا بومول، من دون مقابل من الأسرى العرب في سجون الاحتلال الصهيوني مثلاً، ومن دون علم الدولة السورية وموافقتها، فذلك شأنٌ آخر، حتى لو كانت روسيا قد حصلت على الرفات من العصابات المسلحة التي نبشت مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك إبان سيطرتها عليه، كما فهمنا من مصادر مختلفة في محور المقاومة، ضمن اتفاق تسوية معها.

لا ننكر ما يقدمه الحليف، وحريصون على التحالف، وحريصون على مناهضة الهيمنة الغربية، وهو جزءٌ لا يتجزأ من مشروعنا العربي بالأساس، لكننا كعرب لا يمكن أن نقبل التجاوز على السيادة والكرامة القومية من حليف أو غير حليف. حتى مسألة الوجود الإيراني في سورية هي مسألة قرار سيادي سوري، ومسألة اللجنة الدستورية قرار سيادي سوري، ومسألة الوجود الروسي في سورية قرار سيادي سوري.

ولا يفوتنا أن نذكّر الحلفاء والأصدقاء الروس الأعزاء أن الوجود الروسي في سورية هو الذي سمح لروسيا أن تزيد من وزنها الإقليمي والدولي (انظروا مثلاً المقالة المترجمة عن هآرتس في صحيفة “الغد” الأردنية اليوم عن نشوء نزوع خليجي لإقامة علاقات مع روسيا بسبب دورها في سورية بالذات، ولم يكن مثل ذلك النزوع موجوداً قبلها!).

باختصار، ليس من مصلحة الحلفاء الروس الأعزاء جداً أن يشعرونا أنهم يأخذوننا “على المضمون”، وعليهم أن يفهموا أن هناك امتعاضاً شديداً مما قاموا به مع جثمان زكريا بومول، وأنهم دفعوا ثمنه من رأسمالهم المعنوي في الشارع العربي عموماً والسوري خصوصاً.

لست مع الأخوة الأعزاء الذين حاولوا أن يطبطبوا على الموضوع في معسكرنا… لأن ذلك يشجع على التمادي. الرسالة برأيي المتواضع يجب أن تكون: حريصون جداً على التحالف، لكن الكرامة الوطنية أولاً… كذلك، العروبة وفلسطين خطوط حمر. ولا يحق لروسيا ما لا يحق لغيرها.

إبراهيم علوش

للمشاركة على فيسبوك:

كلمة لروسيا وحولهاتقوم استراتيجية روسيا في مواجهتها مع الولايات المتحدة، فيما تقوم عليه، على مبدأ استقطاب حلفاء…

Geplaatst door ‎إبراهيم علوش‎ op Zaterdag 6 april 2019

الموضوعات المرتبطة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة

فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم التي تبث من غزة     فيديو: إلى أين تتجه الأمور في غزة ؟ د. إبراهيم علوش في مقابلة مع فضائية القدس اليوم [...]

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية وسورية

فيديو: زيارة الرئيس الأسد إلى الصين واللجنة العربية [...]

حديث في مصطلح “الوحدة الوطنية الفلسطينية” – فيديو

حديث في مصطلح "الوحدة الوطنية الفلسطينية" - [...]
2024 الصوت العربي الحر.