March 18th 2012 | كتبها
admin
د. إبراهيم علوش
16/3/2012
جاء اغتيال أمين عام “لجان المقاومة الشعبية” زهير القيسي والأسير المحرر محمود أحمد حنني في قطاع غزة، في 9/3/2012، ليعيد تذكير من نسوا من المصفقين لما يسمى “الربيع العربي” بأن العدو الصهيوني لا يزال موجوداً وعدوانياً، بالرغم من تأكيدات وتطمينات متكررة بأن فراشات “الربيع العربي” ستبقى تحوم حول الشأن الداخلي فحسب، وحول برنامج “الديموقراطية” الأمريكية، بعيداً عن قصص مناهضة التطبيع والتبعية وما شابه.
ولم يشفع لحماس في غزة أن قياداتها راحت تسير مع رياح “الربيع العربي” عبر “اتفاق المصالحة” مع سلطة أوسلو والإعلان عن القبول بدولة وهدنة مطووووووووووووووولة مع العدو الصهيوني، ونحو “المقاومة الشعبية السلمية”. فالكيان الصهيوني كرس تاريخياً معادلة الدم بالدم والدم اليهودي أغلى… فاغتيال القيسي عقوبةً له، أولاً، على دوره في التخطيط للعملية البطولية التي وقعت عبر سيناء في شهر آب 2011 المنصرم والتي قُتل فيها ثمانية صهاينة. أما استعراض القتل العلني، ثانياً، فرسالة ردعية وترهيبية لكل المقاومين، كما أنه تعبير عن القوة والسطوة اليهودية وقدرتها على القيام بكل ما تريده خارج أي قانون.
لكن اختيار توقيت ما بعد الانتخابات البرلمانية بمصر لاغتيال القيسي والحنني ليس مجرد اختبار للقبة الحديدية، وللترويج لها تجارياً، كما زعموا، بل هو اختبار سياسي لنظام ما بعد “الربيع العربي” في مصر وغيرها. فالتصعيد ضد غزة، وقصفها بالطائرات لأيام، وسقوط عشرات الشهداء، يكشف أن غزة تبقى بلا غطاء مصري، وهو ما عززته بالضرورة تجربة قطع الكهرباء عنها في أذهان الساسة الصهاينة.
وقد اقتصر الدور المصري على العمل لاتفاق للتهدئة، نفى رئيس الدائرة الأمنية-السياسية في وزارة الحرب الصهيونية، عاموس جلعاد، أنه تضمن تعهداً “إسرائيلياً” بوقف استهداف النشطاء والقادة الفلسطينيين … فغزة خاضت جولة أخرى وحدها، والكيان الصهيوني لن يقدم أي تعهدات وهو مرتاح بأن كامب ديفيد والسفارة والعلاقات التطبيعية لن تمس.
الحقيقة أن حماس ما كان من الممكن لها أن تفعل أكثر مما فعلته في ظل معادلة تقارب الحرب الباردة الجديدة بين الإسلاميين في مصر، وغير مصر، والأمريكان، سواء رغبت بالقيام بأكثر أم لا. و”الربيع العربي” يساوي تهميش التناقض مع العدو الصهيوني، وهي الرسالة التي كرسها التصعيد ضد غزة لدى الشارع العربي. أما الإسلاميون في البرلمان المصري، فكان بإمكانهم، وهم يملكون الأغلبية البرلمانية، وملايين الأنصار، أن يفعلوا أكثر بكثير من إصدار بيان تنفيسي لا يغني ولا يسمن.
هذا الموضوع كتب بتاريخ Sunday, March 18th, 2012 الساعة 8:21 pm في تصنيف
مقالات سياسية واقتصادية. تستطيع الاشتراك لمتابعة الموضوع من خلال
RSS 2.0 تغذية الموقع.
كما يمكنك
اضافة رد, او
تعقيب من موقعك.
الموضوعات المرتبطة
إبراهيم علوش – الميادين نت
في بيئة تتسم بالسيولة، وخصوصاً قابلية أجوائها للتحول سريعاً من تصاعد التوترات إلى عقد الاتفاقات، وبالعكس، كما في حالة وقف إطلاق النار في غزة مثلاً، أو [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
يقف الطرف الأمريكي-الصهيوني هذه الأيام حائراً أمام معضلة كبيرة: إذا كان محور المقاومة قد سُحِق فعلاً، وصولاً إلى إيران الشهر الفائت، كما يزعم ترامب [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
اندلع الجدال، غربياً، بشأن حجم الضرر الذي لحِق بالبرنامج النووي الإيراني، حتى قبل إعلان ترامب وقف إطلاق رسمياً صبيحة يوم 24/6/2025. وتصاعد ذلك الجدال بصورة أكبر [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
كثيراً ما ينتهي الخلاف عربياً بشأن الموقف من إيران، مع الذين يتخذون موقفاً "محايداً" منها، أو معادياً لها بصراحة، في ظل احتدام المعركة الضارية مع العدو [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
لا يمكن القول إن الضربة الكبيرة التي شنها الكيان الصهيوني على إيران فجر الجمعة كانت غير متوقعة، لا بسبب التهويل والتهديد المستمرين، فهذان كان يمكن تصريفهما في [...]