جاء اعتداء مجموعة بلطجية، هي خليطٌ من “لاجئين سوريين” ومتأسلمين أردنيين، بالهراوات والأسلحة البيضاء على مواطنين أردنيين كانوا ينتظرون بدء ندوة عن سوريا على مدخل مجمع النقابات المهنية في مدينة إربد، شمال الأردن، مساء يوم الأربعاء الموافق في 11/4/2012، ليؤشر على تطور لافت (هو للتخلف أقرب) في أنماط التعاطي المحلي الأردني مع الشأن السوري وفي احتمالات طوفان الغليان السوري إقليمياً.
وقد وقعت في ذلك الاعتداء الآثم إصابات عدة كانت إصابة حسين أبو راس ونور بني هاني هي الأكثر خطورة بينها، حيث دخل كلاهما مستشفى الأميرة بسمة في إربد، وكاد الشاب بني هاني أن يفقد حياته بعدما ضرب بقسوة بالأنابيب المعدنية والعصي حتى سقط مغشياً عليه في بركة من دمائه وسط صيحات التكبير، بعيداً جداً عن ساحات الصراع الحقيقية، ووسط زمجرة المعتدين المنبثقة من دياجير عوالم الظلام. وتعرض أبو راس للأمر نفسه، فلم يراعي المجرمون كبر سنه وشيب شعره، لولا إنقاذه في اللحظات الأخيرة…
وقد سبق أن حدثت بضع احتكاكات من قبلُ بين أنصار سوريا في الأردن، من جهة، وأنصار تحالف الناتو والبترودولار والانبعاث العثماني، من جهة أخرى. لكن ما جرى هذه المرة لم يكن احتكاكاً أو اشتباكاً، كما راق لبعض وسائل الإعلام الأردنية أن تسميه، بل كان اعتداءً إجرامياً مع سابق الإصرار والتصميم.
وقد جاء هذا الاعتداء بالتحديد بغرض منع محاضرة أو ندوة، وهو ما يكشف الأجندة الحقيقية لبعض القوى المتأسلمة، كمقدمة لما سيأتي من قمع وتصفيات للمعارضين لو أمسكوا بالحكم، كما نرى من التصفيات في ليبيا، ومن القمع في تونس وغيرها.
وقد جاء الاعتداء على مجمع النقابات كصرح لما يسميه البعض “مجتمعاً مدنياً”، وليس في أي مكان أخر، ليكشف حقيقة برنامج جماعة “حرية، حرية” تجاه “الحريات العامة في الدولة الإسلامية”، إذا اقتبسنا عنوان أحد كتب راشد الغنوشي.
أردنياً، جاءت مشاركة “لاجئين سوريين” في الاعتداء على مواطنين أردنيين أمام النقابات المهنية في إربد لتكشف اختراقاً كبيراً للأمن الوطني، خاصة لجهة إمكانية تحول مثل أولئك “اللآجئين” إلى احتياطي عسكري، لا ضد سوريا فحسب، بل في نقل ما يجري في سوريا من فتنة وتخريب إلى الأردن.
السؤال الحقيقي الآن هو: علام استند المعتدون، اللاجئون منهم بالأخص، إذا لم يحظوا بغطاء رسمي؟ وهل سيدفع أنصار سوريا فاتورة المساعدات الخليجية للأردن؟ هذا ما سيجيب عليه مدى جدية ملاحقة النظام في الاردن لمرتكبي الاعتداء، الاردنيون منهم قبل السوريين.
هذا الموضوع كتب بتاريخ Friday, April 13th, 2012 الساعة 7:50 pm في تصنيف مقالات سياسية واقتصادية. تستطيع الاشتراك لمتابعة الموضوع من خلال RSS 2.0 تغذية الموقع.
كما يمكنك اضافة رد, او تعقيب من موقعك.
إبراهيم علوش – الميادين نت
لا يمكن القول إن الضربة الكبيرة التي شنها الكيان الصهيوني على إيران فجر الجمعة كانت غير متوقعة، لا بسبب التهويل والتهديد المستمرين، فهذان كان يمكن تصريفهما في [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
على إيقاع هجمات متبادلة تزداد ضراوةً وعمقاً، يمكن وصف مفاوضات إسطنبول بين موسكو وكييف بأنها مسرحية تؤدى لعيون ترامب فحسب، بطلاها خصمان لدودان لا يطيق أحدهما [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
لم يستفز الاستراتيجيين الأمريكيين شيءٌ مثل مبادرة "صنع في الصين 2025"، وهي خطة عشرية أطلقت سنة 2015 أيضاً لتطوير عشرة قطاعات تصنيعية صينية، من بينها الذكاء [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
كثيراً ما يستفز "برود" الصين، في مواجهة التغول الأمريكي، أنصار التعددية القطبية ودعاة التحرر من الهيمنة الأمريكية حول العالم.
فالصين، ثاني أكبر اقتصاد [...]
إبراهيم علوش – الميادين نت
يصر تقرير في موقع "مجلس الأطلسي" (Atlantic Council)، في 13/5/2025، بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، بأن هدف الزيارة يتلخص بأمرين:
أ – عقد صفقات تجارية [...]