الكيماوي يدخل على خط الصراع في سورية

March 19th 2013 | كتبها


يمثل استخدام السلاح الكيماوي في خان العسل في ريف حلب اليوم من قبل الإرهابيين تطوراً خطيراً لا بد من التوقف عند ما يمثله إعلامياً وسياسياً وميدانياً.

 

فهذه الجريمة النكراء التي راح ضحيتها عشرات المدنيين والعسكريين السوريين تثبت أولاً أن كل الخطاب الغربي والصهيوني عن إمكانية استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في العام الماضي كان مقدمةً وغطاءً لاستخدامها ضد سورية.

 

ومن الملفت للنظر هنا أن وسائل الإعلام الغربية غطت الخبر الرهيب اليوم تحت عنوان: “اتهامات متبادلة بين المعارضة والنظام حول استخدام الأسلحة الكيماوية”!!!  وهو ما يدلل بأن الإعلام الغربي، والعربي التابع له، مصران على التغطية على هذه الجريمة.  ولنا أن نتخيل ما كان سيحدث لو كان الجيش العربي السوري هو البادئ باستخدام السلاح الكيماوي.

 

سياسياً، يهدف استخدام الأسلحة الكيماوية إلى تعديل ميزان القوى المائل حتى الآن لمصلحة الدولة السورية، خاصة بعدما عجز الإرهابيون عن تحقيق أي مكاسب تمكن سادتهم الغربيين والصهاينة من التفاوض مع القيادة السورية من موقع قوة… فإدخال السلاح الكيماوي على الخط  يعطيهم ورقة إضافية على طاولة المفاوضات.

 

ميدانياً، يدخل استخدام الأسلحة الكيماوية في سياق محاولة زعزعة معنويات قوى الخصم المتماسك والصامد منذ عامين تحت أقسى الظروف، مع فتح الباب لإمكانية استخدامه على نطاق أوسع في الميدان وضد المدنيين السوريين.

 

لكن مثل هذه الحسابات عند الإرهابيين وأسيادهم إنما تعكس إفلاسهم السياسي والميداني والأخلاقي، ومثل هذه الممارسات الوحشية، التي تعكس احتقارهم التقليدي للإنسان والحضارة وللدولة الوطنية، تكشفهم أكثر أمام الشعب السوري والرأي العام العربي، مما سيزيد الالتفاف حول القيادة السورية بالضرورة، كما أنها تعطي مشروعية أكبر للجيش العربي السوري في استخدام وسائل أكثر شدة مع الإرهابيين ومن يدعمهم.

 

والأهم أن حلفاء سورية، الدوليين منهم  بالأخص، سوف يرون الآن مدى خطورة التهاون مع الإرهابيين، وبأنهم ليسوا معنيين بأي حوار، بل بتدمير سورية، ولا يتورعون عن استخدام أي وسيلة لتحقيق ذلك، مهما بلغ تهورها وخطورتها على أمن المنطقة، وأن لا خيار الآن إلا دعم القيادة السورية حتى النهاية في معركتها دفاعاً عن الإنسانية في وجه أسلحة الدمار الشامل.

 

ولا ننسى أن أولئك الإرهابيين المستخدمين للكيماوي ليسوا سوى أدوات بأيدي الدول التي تحركهم وتمولهم وتسلحهم، وبالتالي فإن المسؤول الفعلي عن هذه الجريمة وما يتمخض عنها هو حكام تلك الدول وأجهزتها.  ولعل الجيش العربي السوري أرسل رسالة محمولة جواً عبر الفضاء اللبناني البارحة لكي يقول لدول الجوار التي يتسرب الإرهابيون (الكيماويون وغير الكيماويين) عبرها لسورية، أخيراً، أن من يلعب بالنار تحترق يداه…

 

وهنالك من يلعب بالنار الآن بعد أن أعمى الفشل والحقد بصيرته عما يمكن أن يحدث لاستقرار الإقليم وأمنه لو بدأ التراشق لا سمح الله بالأسلحة الكيماوية.  ومن يعتقد أن صواريخ الباتريوت يمكن أن تحميه لا يدرك أن ثمة طرق غير صاروخية لإيصال الأسلحة الكيماوية لأهدافها، واحذروا شر الأسد اذا غضب.

 

إبراهيم علوش

للمشاركة على الفيسبوك:

http://www.facebook.com/photo.php?fbid=628491097168129&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

الموضوعات المرتبطة

هل تنجح إجراءات ترامب في إبعاد الاقتصاد الأمريكي عن حافة الهاوية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت حذّر آخر تقرير لصندوق النقد الدولي من أن جولات رفع الرسوم الجمركية التي أطلق دونالد ترامب العنان لها أحدثت "صدمة سلبية كبرى" في الاقتصاد العالمي، وأن تصاعد [...]

سياسة رفع الرسوم الجمركية والردّة الجديدة على آدم سميث

  إبراهيم علوش – الميادين نت على هامش حملات رفع الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس ترامب، تهز عاصفة هوجاء أركان كليات الاقتصاد في الجامعات الغربية.  فما كاد أنصار المدرسة النيوكلاسيكية [...]

قراءة في العقل السياسي لدونالد ترامب واليمين الشعبوي

  إبراهيم علوش – الميادين نت في مستهل الألفية الثالثة، راحت العولمة، كظاهرة طاغية، تفرض وجودها في كل مناحي الحياة فعلياً.  وانزلق كثيرون ممن انكبوا على تحليلها إلى اختزالها في بعدٍ أحادي، [...]

قراءة في أبعاد اللعبة الدولية من سورية إلى أوكرانيا

  إبراهيم علوش – الميادين نت تداول محللون كثر، بعيد الانهيار الكبير في سورية، فكرة إجراء روسيا مقايضة بين أوكرانيا وسورية تتخلى بموجبها عن دعم الثانية في مقابل تسوية بشروطها في الأولى.  [...]

اليمن وغزة يشتعلان، وعين ترامب ونتنياهو على إيران

  إبراهيم علوش – الميادين نت   يشكل تصعيد العدوان الأمريكي على اليمن لغزاً حتى بالنسبة إلى المراقبين الأمريكيين، إذ يستخدم الرئيس ترامب الأدوات العسكرية المكلفة ذاتها في مواجهة حركة [...]
2025 الصوت العربي الحر.