مرسي عازفاً ثانوياً في جوقة أوباما…

June 16th 2013 | كتبها

 

من المؤكد أن الرئيس بشار الأسد، والقيادة السورية عامة، لن يذرفوا دموعاً لأن فرع حركة الإخوان المسلمين في مصر قرر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية السورية.  ومن المؤكد أن مثل ذلك القرار لم يشكل صدمة أو مفاجأة للقيادة السورية.  على العكس من ذلك، لو كان مرسي يتمتع بحد أدنى من الذكاء والحكمة والقرار المستقل لدعا لحوار سياسي في سورية، ولأعلن استعداده للتوسط فيه، مما كان سيترك له موطئ قدم في المرحلة القادمة في سورية، ومما كان سيملكه زمام المبادرة، ويترك له ولمصر خيارات سياسية أوسع اقليمياً، ومما كان سيجعله لاعباً بحجم مصر بدلاً من أن يكون بيدقاً صغيراً بحجم قطر!

 

لكنه اختار أن يقدم ورقة غير مؤثرة وثانوية لأوباما عشية لقائه ببوتين توحي للحظة زائلة، لا أكثر، بأن سورية محاصرة عربياً ومعزولة، ما دامت أكبر دولة عربية قد قررت قطع العلاقات معها، وكأن العلاقات كانت عادية قبلها، وكأن من قام بقطع العلاقات مع سورية هو روسيا أو إيران مثلاً… أو الزعيم جمال عبد الناصر!

 

لقد اختار مرسي أن يكون قارعاً ثانوياً للدف في المولد الأمريكي، و”رقاصة” هرمة على طاولة أوباما تحاول أن تغيظ سورية وحلفاءها بحركاتها الفجة، فجعل من نفسه مهزلة اقليمية ودولية.

 

مرسي متوتر، فقد أراد الهروب من استحقاق داخلي في مصر هو 30 يونيو/حزيران، وهو يرى بأم عينه ما جرى لأردوغان من جراء استحقاق ساحة تقسيم، وأراد الهروب من انحسار دور مصر الإفريقي، مما يهدد مصر بالعطش، وأراد الهروب من فضيحة استمرارية كامب ديفيد وتواجد السفارة الصهيونية في القاهرة في ظل حكم المرشد الإخواني في مصر، فتصنع “المبادرة” بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية! 

 

حتى الجرذ يهاجم من يحاصره في الزاوية، إلا مرسي فقد “هرب” لتقديم خدمة للمعلم أوباما، فقطع العلاقات مع سورية، وطالب بمنطقة حظر جوي فوقها، والثانية تحديداً هي المؤشر أنه يعرف تماماً أنه يصب في طاحونة أوباما مباشرة: فمن سيفرض منطقة الحظر الجوي يا مرسي؟  وعبر أية دولة يا ترى؟  ومن الذي اقترح مثل هذا الاقتراح من قبل يا مرسي؟ 

 

وبالطبع لا يتحدث مرسي عن “هوى”، فهو ليس إلا لسان حال جماعة الإخوان المسلمين التي تظهر ألوانها التابعة للإمبريالية أكثر وأكثر يوماً بعد يوم.  وأهمية ما يجري، بالرغم من كل شيء، أنه يسرع  بعملية فرز الألوان في المشهد السياسي العربي.

 

إبراهيم علوش

 

للمشاركة على الفيسبوك:

 

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=672831352734103&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

 

الموضوعات المرتبطة

“إسرائيل الكبرى” بين الجغرافيا السياسية والأيديولوجيا

  إبراهيم علوش ربما تبدو مقولة "إسرائيل الكبرى" شطحة أيديولوجية تعتنقها قوى وشخصيات متطرفة تتموضع في أقصى يمين الحركة الصهيونية، وربما تبدو تلك المقولة نبتاً شيطانياً يرعاه أمثال "الحزب [...]

المنظومة الليبرالية في الغرب في مواجهة “أزمة غزة” داخلياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان مهماً جداً الربط الذي أقامه المناضل جورج إبراهيم عبدالله، في حواره الخاص مع قناة الميادين في 3/8/2025، بين ظاهرة تصاعد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، [...]

ماذا يريد الكيان الصهيوني في سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت من بين مئات الأميال المربعة الجديدة التي احتلها الكيان الصهيوني جنوبي سورية منذ 8/12/2024، يبرز عالياً جبل الشيخ، على وجه الخصوص، أو جبل حرمون بحسب اسمه الكنعاني [...]

هل كل من يناهض حكومة نتنياهو أو إحدى سياساتها مناهضٌ للصهيونية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت تحتكم سياسة الكيان الصهيوني، في علاقته مع المحيط الذي فُرِض عليه، إلى عاملين وجدانيين نقيضين، لكنْ متكاملين، لطالما حكما موقف أهل الغيتو من "الأغيار" خارجه. [...]

روسيا وإيران وغزة والخيوط الرفيعة بين الحقيقة والظلال

  إبراهيم علوش – الميادين نت في بيئة تتسم بالسيولة، وخصوصاً قابلية أجوائها للتحول سريعاً من تصاعد التوترات إلى عقد الاتفاقات، وبالعكس، كما في حالة وقف إطلاق النار في غزة مثلاً، أو [...]
2025 الصوت العربي الحر.