يا وجع العراق…

June 29th 2013 | كتبها

 

أنهى مجلس الأمن اليوم العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ العام 1990 بموجب الفصل السابع، أي الذي يتيح استخدام القوة لتطبيقها.  وقد كانت العقوبات على العراق أقسى عقوبات تعرضت لها دولة عالم ثالث، وفي لحظة انهيار الكتلة الاشتراكية، والتحاق دول العالم قاطبة بالقطب الأوحد الأمريكي، أو السعي لعدم استثارته أو دخول مواجهة مباشرة معه، فحمل العراق في تلك اللحظة التاريخية عبء كل العالم على كاهله. 

 

وقد تبع العدوان على العراق في العام 1991، الذي دمر عشرة آلاف مشروع اقتصادي، حصاراً ظالماً استمر ثلاثة عشر عاماً، وتبع ذلك غزو العراق وتدميره في العام 2003.  وعلى الرغم من احتلال العراق، وتأسيس سلطة تابعة للاحتلال فيه، فإن العقوبات لم ترفع حتى اليوم (28/6/2013)، أي بعد أكثر من عشرة سنوات من الاحتلال، وهو درسٌ لكل من يستدعي تدخلاً أجنبياً لأية دولة عربية أو عالم ثالثية. 

 

كذلك يفترض بالعراق المدمى، بعد 23 عاماً من الحصار والدمار، أن يستمر بدفع التعويضات للكويت حتى العام 2015، وهو ما يمثل جريمة بحق الإنسانية، لا بحق العراق والأمة العربية فحسب. 

 

وكان يفترض بالدول التي حاصرت العراق ودمرته، والتي قامت قواتها بغزوه، والتي عبثت أجهزتها الأمنية باستقراره الأمني والمجتمعي، أن تقوم هي بدفع التعويضات للعراق، وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية، عدوة العرب وشعوب الأرض الأولى، ودول حلف الناتو، ودول قطر والسعودية والكويت وتركيا، التي انطلقت قوات الغزو من أرضها أو سمائها أو مائها، وإيران التي أمعنت في تدميره بعد الاحتلال وظاهرت على احتلاله وتفكيكه بعقلية ثأرية تنطلق من اعتبارات لا علاقة لها حتى بأمنها القومي، ولا علاقة لها بالتأكيد باعتبارات مناهضة الإمبريالية والصهيونية…

 

وإذا كانت إيران حليفاً اليوم في معركة سورية، وللتحالف استحقاقاته، وإذا كان التناقض الرئيسي، وسيبقى، مع الإمبريالية والصهيونية، قبل أي طرف أخر، ونحن لسنا ممن يضلون البوصلة، وممن يتلهون عن العدو الأكبر والأخطر، فإنني أود كمواطن عربي عادي، وكقومي عربي، أن أؤكد أن ما جرى للعراق سيبقى جرحاً غائراً في نفوسنا، لن ننساه أبداً، وأن أؤكد أن الدول والقوى التي تواطأت على العراق، وعلى رأسها الإمبريالية والصهيونية واذنابهما من حكام بعض الأقطار العربية والإسلامية، ممن يقودون اليوم حملة التدمير ضد سورية، وقبلها ضد ليبيا، سوف يبقى لنا دينٌ كبيرٌ في عنقها، لن نصفح عنه أبداً، لأنه حق لأمة، لا حق للعراق فحسب.  

 

ولسوف يأتي يومٌ تدفع فيه الإمبريالية والصهيونية الثمن الغالي على الجرائم التي ارتكبتها بحق العراق وفلسطين وسورية وليبيا والأمة العربية عامة وشعوب العالم الثالث.  ونحن لن ننسى ولن نغفر واحدة من أكبر الجرائم في تاريخ العرب، الجريمة المرتكبة بحق العراق الأرض والشعب والدولة والقيادة والنهرين.

 

إبراهيم علوش

 

للمشاركة على الفيسبوك:

 

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=679167602100478&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

 

الموضوعات المرتبطة

المنظومة الليبرالية في الغرب في مواجهة “أزمة غزة” داخلياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان مهماً جداً الربط الذي أقامه المناضل جورج إبراهيم عبدالله، في حواره الخاص مع قناة الميادين في 3/8/2025، بين ظاهرة تصاعد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، [...]

ماذا يريد الكيان الصهيوني في سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت من بين مئات الأميال المربعة الجديدة التي احتلها الكيان الصهيوني جنوبي سورية منذ 8/12/2024، يبرز عالياً جبل الشيخ، على وجه الخصوص، أو جبل حرمون بحسب اسمه الكنعاني [...]

هل كل من يناهض حكومة نتنياهو أو إحدى سياساتها مناهضٌ للصهيونية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت تحتكم سياسة الكيان الصهيوني، في علاقته مع المحيط الذي فُرِض عليه، إلى عاملين وجدانيين نقيضين، لكنْ متكاملين، لطالما حكما موقف أهل الغيتو من "الأغيار" خارجه. [...]

روسيا وإيران وغزة والخيوط الرفيعة بين الحقيقة والظلال

  إبراهيم علوش – الميادين نت في بيئة تتسم بالسيولة، وخصوصاً قابلية أجوائها للتحول سريعاً من تصاعد التوترات إلى عقد الاتفاقات، وبالعكس، كما في حالة وقف إطلاق النار في غزة مثلاً، أو [...]

هل الحديث عن “شرق أوسط جديد” سابقٌ لآوانه؟

      إبراهيم علوش – الميادين نت يقف الطرف الأمريكي-الصهيوني هذه الأيام حائراً أمام معضلة كبيرة: إذا كان محور المقاومة قد سُحِق فعلاً، وصولاً إلى إيران الشهر الفائت، كما يزعم ترامب [...]
2025 الصوت العربي الحر.