جبل المكبر: من بهاء عليان إلى فادي قنبر

January 11th 2017 | كتبها

إبراهيم علوش

إعلان مجموعات الشهيد بهاء عليان مسؤوليتها عن عملية الدهس البطولية التي قام بها الشهيد فادي قنبر في جبل المكبر في القدس يظهر أن تلك العملية تمثل امتداداً طبيعياً لعمليات الطعن وإلقاء الحجارة وغيرها من أشكال المقاومة التي يتولاها شباب مستقلون فعلياً، حتى لو تبنى هذا الطرف أو ذلك مسؤولية العمليات البطولية التي يقومون بها، مع كل الاحترام والتقدير والإجلال لكل جهة تقدم أي مساعدة من أي نوع لمنفذي تلك العمليات. لكن ما نتعامل معه هنا في الحقيقة هو مبادرات مقاوِمة للشباب الفلسطيني، شباب عاديون قد يعيشون أنماط حياة مختلفة.

نموذج الشهيد بهاء عليان بالتحديد يؤكد هذه النقطة. فالشهيد البطل بهاء عليان قضى عن اثنين وعشرين عاماً في عملية طعن وإطلاق نار في حافلة للمستعمرين في 13 تشرين أول 2015 قُتل فيها 3 منهم وجُرح ثمانية، وكان مع الشهيد عليان في تلك العملية الأسير المحرر بلال أبو غانم، الذي كان يحمل مسدساً، والذي يقضي الآن 3 مؤبدات وستين عاماً في سجون العدو الصهيوني. وكان بهاء يحمل سكيناً كبيرة.

بهاء وبلال كلاهما من سكان جبل المكبر حيث جرت عملية الدهس التي نفذها الشهيد البطل فادي قنبر. وهذه المرة سقط أربعة من جنود الاحتلال وجُرح عشرات، وأداة تنفيذ العملية وطريقتها وعنوان “بهاء عليان” يظهر أننا نتعامل مع مدرسة عربية فلسطينية خاصة بشباب المقاومة… تستخدم كل وأبسط الوسائل لإدامة حالة الاشتباك الميداني مع العدو الصهيوني، وتخوض الصراع من بوابته المبدئية السليمة: استهداف الجندي والمستوطن الصهيوني، لا فرق!

بهاء عليان، في هذا السياق، لم يكن مجرد رقم. بل نشط في سلسلة من المبادرات الثقافية منها أطول سلسلة قراءة حول أسوار القدس شارك فيها أكثر من سبعة آلاف شخص ودخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية. كما دشن مجموعة البهاء التي ضمت منتدىً شبابي ومطبعة، وكان نشيطاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واشتهر قبل استشهاده بمنشور يحمل عنوان “الوصايا العشرة لأي شهيد” كانت الوصية العاشرة منها: «لا تجعلوا مني رقماً من الأرقام، تعدّوه اليوم وتنسوه غداً». ومن المؤكد أن فادي قنبر، من سكان جبل المكبر أيضاً، كان لسان حاله يقول وهو ينفذ عمليته: لم ننسك يا بهاء!

وعملية الدهس التي نفذها فادي قبل ثلاثة أيام تثبت بدورها أن بهاء عليان ليس مجرد رقم… ويذكر أن فادي طلب من أمه أن تساعده بإغلاق أزرار قميصه وهو خارج من المنزل لتنفيذ عمليته قائلاً لها: “زبطليلي اياهم أنا رايح على عرس”.

ونحن نقول أن ذاكرة المقاومة، وذاكرة شعبنا، لن تنسى بهاءً أو فادي… ولن تنسى الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني.

ونضيف أن مثل هذه العملية وغيرها ليست مجرد “رد طبيعي على جرائم الاحتلال”، كما ذهب البعض، إنما هي الرد الطبيعي على الاحتلال نفسه، كأم الجرائم…

للمشاركة على فيسبوك:

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1595078017175770&id=185865588097027

الموضوعات المرتبطة

تفكيك الهوية والجغرافيا في مصطلح “الشرق الأوسط” ومشتقاته

  إبراهيم علوش – الأسبوع الأدبي* نشأت مصطلحات الشرق الأدنى، والأوسط، والأقصى، في مطابخ الاستعمار البريطاني في القرن التاسع عشر في سياق الصراع الدولي آنذاك بين الإمبراطورية البريطانية [...]

استمرار الحرب يُدخِل الاقتصاد “الإسرائيلي” في دورة تآكل

    إبراهيم علوش – الميادين نت من انخفاضٍ معدلات نمو الاقتصاد، وارتفاعٍ العجز الحكومي والدين العام وتكاليف الحرب ذاتها، إلى شلل الشمال و"إيلات" اقتصادياً، إلى إفلاس آلاف الشركات [...]

تناقض ترامب مع مشروع العولمة هو ما دفع الدولة العميقة إلى السعي لتصفيته

الشأن الاقتصادي في ميزان الانتخابات الأمريكية المقبلة    إبراهيم علوش – الميادين نت 12/7/2024 تقول استطلاعات الرأي إن المسائل الاقتصادية تتبوأ مراتب أعلى في سلم اهتمامات الناخب العادي [...]

قراءة في خلفيات الانتخابات الأمريكية المقبلة وآلياتها

  إبراهيم علوش – الميادين نت يمثل تاريخ الـ 5 من تشرين الثاني / نوفمبر المقبل لحظةً مفصليةً للتيارات المتصارعة في إطار النظام السياسي الأمريكي، فهو التاريخ الذي يجري فيه انتخاب رئيس [...]

هل ستشتعل جبهة لبنان، وكم سينخرط الأمريكي فيها؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت     أكدت الإدارة الأمريكية، مجدداً، لوفدٍ زائرٍ من كبار مسؤولي الكيان الصهيوني، بأنها مستعدة بالكامل لدعم حليفتها في حال اندلاع حرب شاملة على الجبهة [...]
2024 الصوت العربي الحر.