كل التضامن مع لبنان

August 4th 2010 | كتبها

 

 

د. إبراهيم علوش

 

السبيل 5/8/2010

 

جاء تصدي الجيش اللبناني لمحاولة التوغل “الإسرائيلية” في الجنوب اللبناني في 3/8/2010 قبل كل شيء رداً على الانتهاكات اليومية للمياه الإقليمية والتربة والأجواء اللبنانية.   فتلك أولاً مسألة شرف عسكري للتأكيد على دور الجيش اللبناني في الدفاع عن سيادة لبنان، عندما يكون ذلك بمتناوله، ولو تعلق الأمر بقطع شجرة زيتون لبنانية واحدة قرب العديسة فحسب، فما بالك مثلاً بحقل غازي ونفطي بالمياه الإقليمية اللبنانية؟! 

 

سياسياً، الجيش اللبناني مدعومٌ بموقف قوي من رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما ظهر بجلاء من بيان الرئيس ميشال سليمان حول الاشتباك الحدودي مع الجيش “الإسرائيلي” حيث “أمر الجيش اللبناني بالتصدي لأي محاولة اعتداء إسرائيلية على لبنان مهما كانت التضحيات”!  ويستحق الرئيس سليمان كل تقدير على هذا الموقف الذي أسس له بكل جدارة سلفه الرئيس أميل لحود.

 

وفي الفترة الماضية تعرض لبنان تكراراً لتهديدات باستهدافه واستهداف مؤسساته، من وزير حرب العدو أيهود باراك مثلاً في مقابلته مع الواشنطن بوست الأمريكية في 26/7/2010، ومن الواضح بالتالي أن القيادة السياسية والعسكرية للدولة اللبنانية استنفرت لاستغلال أي انتهاك جسدي صهيوني، يمكن التعامل معه بالأسلحة الرشاشة وقذائف الأر بي جيه، وهي انتهاكات متكررة ومتوقعة بجميع الأحوال، لإيصال رسالة للكيان بأن التهديد بتدمير المؤسسات اللبنانية ليس لعباً ولهواً. 

 

فتلك رسالة لوزراء اليمين الصهيوني المتطرف والمؤسسة العسكرية الصهيونية بأن لبنان ليس أرضاً مستباحة، وبأن عليهم أن يبتلعوا تهديداتهم بشأنه، فيما أعلن الجنرال غادي أيزنكوت، قائد المنطقة الشمالية في الجيش “الإسرائيلي”، بأن “هذا الحادث معزول، وأن إسرائيل غير معنية بالتصعيد”، فما أجملَ مثل هذا التبدد السريع للنفَس اليهودي المتعالي (دون أن نأمن غدره)!  فيما دعت تسيبي ليفني القيادتين اللبنانية و”الإسرائيلية” إلى التصرف بمسؤولية لتجنب إشعال المنطقة (الجزيرة نت 4/8/2010)… صحيح أنها كانت تحاول، كقائدة للمعارضة، أن تسجل نقاطاً لحساب كاديما، لكن شتان ما بين هذا الخطاب “العقلاني” اليوم وعنجهيتها كوزيرة خارجية لدولة العدو خلال العدوان عام 2006!  

 

عقلانية العدو إذن تنتجها بنادق المقاومين لا تنازلات المفاوضين، مباشرين أم غير مباشرين…  هكذا جاء اليوم الذي يشكو فيه الصقر ليبرمان لبنان إلى مجلس الأمن!

 

ولبنان الذي سبق أن هزم العدو الصهيوني مرتين، عامي 2000 و2006، يستند لذلك الإرث وهو يرد على العدو الصهيوني، فقط لينعش ذاكرته.  طبعاً المفاجئ للعدو الصهيوني هذه المرة أن الرد جاءه من الجيش اللبناني مباشرة، لا المقاومة، وهو ما يمكن رصد تفاعلاته في الصحافة الغربية والصهيونية نفسها التي ذهلت للأمر. 

 

وهنا يمكن أن نسجل أن الجيش اللبناني حمى المقاومة سياسياً بتجشمه عبء الدفاع عن سيادة لبنان بالنيابة عنها، حتى لا يقال أنها افتعلت معركة قبيل موضوع المحكمة الدولية والقرار الظني بشأن اغتيال رفيق الحريري، كما أشار السيد حسن نصرالله مساء يوم 3/8/2010، لكن الجيش كان يستند بشكل غير مباشر أيضاً، وهذا هو الأساس، للقوة النارية والعمق الإستراتيجي للمقاومة، في تصديه التكتيكي للتوغل “الإسرائيلي” على طريق العديسة وكفركلا.

 

وإذ باءت قوى 14 آذار بالفشل، وانفرط عقدها، وانشق عنها بعض أركانها، وفشل مشروع تفجير لبنان واستئصال المقاومة داخلياً، بات لا بد من اللجوء لقرار دولي لعزل المقاومة سياسياً والتهيئة لاستئصالها بأدوات خارجية أساساً، ومن هنا لا يجوز الفصل ما بين الاستفزازات “الإسرائيلية” المتصاعدة وقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري الذي يبرر لها فعلياً، ويمهد للمزيد منها.

 

وحتى إشعارٍ أخر، تبقى كل محكمة وشرعية دولية مذنبة ومدانة مسبقاً حتى يثبت العكس، وتبقى مرجعيتنا مصلحة الأمة لا القرار الدولي. 

 

أخيراً، تحية حارة لمسؤول الموقع اللبناني الذي ركز القناصة الذين اصطادوا الضابطين “الإسرائيليين” الواقفين حوالي 300 إلى 400 متر داخل فلسطين المحتلة لمراقبة عمل جنودهم الذين دفعوهم للأراضي اللبنانية، فتلك ضربة معلم موهوب بالتكتيكات العسكرية بلا أدنى شك.    

 

alloush100@yahoo.com

 

الموضوعات المرتبطة

“الهوية اليهودية”: قومية أم دينية؟  

إبراهيم علوش – الميادين نت تاريخياً، نحا الخطاب المقاوم في فلسطين باتجاه تصنيف اليهود أتباعاً لديانة سماوية فحسب، لا مشكلة معهم جوهرياً بصفتهم تلك، وباتجاه تركيز بوصلة التناقض الرئيس نحو [...]

اليهودية، الصهيونية، ومسألة “إسرائيل الكبرى” عقائدياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت تقبع، بين جولات الصراع مع العدو الصهيوني، مسألة جوهرية، يتحرج كثيرون من الخوض فيها، على الرغم من أنها تمثل رافعة أيديولوجية لزعزعة استقرار المنطقة من المنظور [...]

“إسرائيل الكبرى” بين الجغرافيا السياسية والأيديولوجيا

  إبراهيم علوش ربما تبدو مقولة "إسرائيل الكبرى" شطحة أيديولوجية تعتنقها قوى وشخصيات متطرفة تتموضع في أقصى يمين الحركة الصهيونية، وربما تبدو تلك المقولة نبتاً شيطانياً يرعاه أمثال "الحزب [...]

المنظومة الليبرالية في الغرب في مواجهة “أزمة غزة” داخلياً

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان مهماً جداً الربط الذي أقامه المناضل جورج إبراهيم عبدالله، في حواره الخاص مع قناة الميادين في 3/8/2025، بين ظاهرة تصاعد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، [...]

ماذا يريد الكيان الصهيوني في سورية؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت من بين مئات الأميال المربعة الجديدة التي احتلها الكيان الصهيوني جنوبي سورية منذ 8/12/2024، يبرز عالياً جبل الشيخ، على وجه الخصوص، أو جبل حرمون بحسب اسمه الكنعاني [...]
2025 الصوت العربي الحر.