من هو أليوت أبرامز، المسؤول الجديد عن ملف الشرق الأدنى وأفريقيا الشمالية في مجلس الأمن القومي الأمريكي؟
مقدمة من الصوت العربي الحر:
تعيد الصوت العربي الحر نشر تقرير “السفير” اللبنانية أدناه عن أليوت أبرامز لسببين: 1) لتعرف العرب أكثر بالهوية الصهيونية العريقة لهذا المسؤول الأمريكي الجديد عن ملف ما يسمى بعملية السلام، 2) لتدفع الجميع، من قوى رسمية وشعبية، بالتفكير العميق بمغزى هذا التعيين عند إدارة الرئيس بوش.
هذا، وقد قمنا بترجمة المقالة، مع الإشارة إلى مصدرها وكاتبها، إلى اللغة الإنكليزية، بعد إضافة مقدمة من لدننا.
ولكننا نود أن نشير في هذه العجالة إلى أننا لا نعتبر أننا نستفيد شيئاً من التمييز بين الصقور والحمائم في الإدارة الأمريكية أو في المجتمع الصهيوني، إلا في الوسائل، أما في الأهداف، فإننا نرى الجناحين يتوجهان بصورة متزايدة نحو المزيد من العداء للعرب والمسلمين وشعوب العالم الثالث. لذلك، نعيد نشر المقالة أدناه لكشف عمق تصاعد العداء الأمريكي-الصهيوني لنا، لا لنمني النفس بأوهامٍ كاذبة حول إمكانية التعاون مع مسؤولين أمريكيين غير أبرامز. فاختيار أبرامز نفسه يأتي كانعكاس لتراكمات سياسية-اجتماعية في أمريكا والكيان الصهيوني، لا نتيجة الصدفة، أو التأثير الصهيوني فحسب. ولا مفر أمامنا من مواجهة الحقيقة بأن أمريكا قد أعلنت الحرب على العرب والمسلمين، وأن شيئاً لن ينجيهم من عواقبها سوى الاستعداد الجيد لخوضها.
مقدمة النسخة الإنكليزية:
تجدون أدناه نص الترجمة الإنكليزية لتقرير من السفير اللبنانية في 4/12/2002 عن تعيين أليوت أبرامز مسؤولاً عن شؤون الشرق الأدنى وأفريقيا الشمالية في مجلس الأمن القومي الأمريكي مؤخراً، حيث سيشرف من موقعه الجديد على ملف “عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية” من بين أشياء أخرى.
وقد يعرف القراء العرب خلفيات الكثير من القضايا المثارة في هذا التقرير، بينما قد لا يألفها الغربيون بالقدر نفسه، مما دفعنا إلى كتابة بعض الملاحظات التوضيحية.
مثلاً، يعتبر أبرامز أن اتفاقات أوسلو وجهود رئيس الوزراء السابق باراك “السلمية” مع الرئيس الأمريكي السابق كلينتون في كامب دايفيد الثاني، تشكل خطراً على أمن “إسرائيل”.
والحقيقة هي أن اتفاقات أوسلو لم تعرض أمن “إسرائيل” للخطر على الإطلاق، بل سمحت بتفكيك الأجزاء القليلة الباقية التي كان يمكن أن “يستعيدها” الفلسطينيون (حسب مرجعية ما يسمى بعملية السلام) من الاحتلال إلى كانتونات صغيرة معزولة عن بعضها تحيط القوات الصهيونية بكل منها مهددةً إياها بخطر إعادة الاحتلال، كما حدث مراراً هذا العام.
أما “جهود باراك السلمية” فتتمثل باستعداده أن يتخلى عن جزءٍ صغير من الأراضي التي أعطاهم إياها اتفاق أوسلو نفسه، مقابل القبول الفلسطيني بسيطرة “إسرائيلية” دائمة على القدس، والتخلي عن حقوق فلسطينية أخرى، على رأسها حق العودة.
أبرامز يعفي الجيش الصهيوني وشارون من المسؤولية عن اجتياح لبنان عام 1982، وعن مجازر صبرا وشاتيلا في أيلول/ سبتمبر في العام نفسه، قائلاً أن المليشيات المارونية اللبنانية، وليس القوات الصهيونية، هي التي ارتكبت عمليات القتل.
ولكن، كما يعرف كل قراء التقرير العرب، كانت قوات شارون تحيط بالمخيمين، بعد انسحاب المقاتلين منهما، وكانت تراقب، بينما دخل عملاؤها من القوات اللبنانية ليقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ العزل، وليمارسوا عمليات الاغتصاب، على مدى يومين كاملين، لا بل أن القوات الصهيونية أطلقت القنابل المضيئة في الليل لتنير الطريق للقتلة.
لهذا نقول أن تعيين أبرامز، كصهيوني متطرف بأي تعريف يختاره المرء، في موقع يجعله مسؤولاً عن “عملية السلام” يكشف بجلاء أي نوع من “السلام” تريده واشنطن.
الصوت العربي الحر
الرجل الأسوأ في المكان الأسوأ
واشنطن: ابرامز مسؤولاً للشرق الأوسط
في مجلس الأمن القومي الأميركي
تقرير هشام ملحم، مراسل السفير في واشنطن
نقلاً عن السفير اللبنانية، عدد 4/12/2002
http://www.assafir.com/iso/oldissues/20021204/front/145.html
أعلن البيت الأبيض أمس عن تعيين اليوت ابرامز مديرا لقسم الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي، في تأكيد جديد على نمو الخط اليميني المتشدد والمؤيد لاسرائيل في الحكومة الاميركية، ومؤشر إضافي على ميل إدارة الرئيس جورج بوش لإعادة تأهيل بعض أبرز الشخصيات السياسية المثيرة للجدل والمسؤولة عن فضائح خطيرة من بينها فضيحة <<إيران كونترا>> والتي لم تتورع عن تضليل الشعب الاميركي او الكذب على الكونغرس، ومن بينها أبرامز، والتي خدمت في ادارة الرئيس الاسبق رونالد ريغان.
ومع تعيين أبرامز في هذا المنصب الحساس، يتعزز أيضا نفوذ التيار المؤيد لخط الليكود في اسرائيل في هذه الحكومة والذي يحتل مناصب حساسة في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني، وفي وزارة الدفاع. ويعتبر أبرامز من ابرز أنصار خط الليكود المتشدد وتحديدا خط أرييل شارون، وهو معروف بانتقاداته للتيارات اليهودية المعتدلة في أميركا ولحزب العمل في إسرائيل وما يسميه <<تجربة باراك>> في محاولة التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وسخريته من مؤيدي <<عملية السلام>> وانتقاداته حتى لاتفاق أوسلو.
وكان أبرامز قد عُيّن في حزيران 2001 في مجلس الامن القومي كمسؤول عن مكتب <<الديموقراطية وحقوق الانسان والعمليات الدولية>>. وخلال عمله في إدارة ريغان كان أبرامز يصف نفسه بأنه <<مصارع>> يعمل على إنجاح <<مبدأ ريغان>> في اميركا الوسطى والمبني على تقديم الدعم للانظمة العسكرية، او تقديم الاسلحة لتنظيمات مثل <<الكونترا>> في نيكاراغوا (وهو أمر حرمّه الكونغرس) والتي شنت حربا شرسة ضد نظام الساندانيستا اليساري تضمنت انتهاكات صارخة لحقوق الانسان. وكان أبرامز قد اعترف في 1991 بأنه ضلل الكونغرس مرتين خلال شهادات علنية أدلى بها في 1986 حول دوره او معرفته بتزويد الكونترا بالاسلحة بشكل مخالف للقانون الاميركي، كما أخفى معلومات عن الكونغرس حول دوره في الحصول على 10 ملايين دولار من سلطان بروناي لتقديمها الى الكونترا. وكان أبرامز قد التقى السلطان في لندن في 1986 باسم مستعار. ولو لم يتدخل الرئيس جورج بوش (الاب) في ليلة الميلاد في 1992، أي قبل انتهاء ولايته بأيام لاصدار عفو عنه، لكان ابرامز قد اودع السجن بسبب انتهاكاته. وكان أبرامز معروفا ايضا بشراسته في توجيه الانتقادات للذين يشككون بسياسة ريغان، وكان يصفهم بأنهم <<ثعابين>>.
وبعد تعيينه في منصبه في 2001 وصف الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر دور ابرامز المثير للجدل في فضيحة ايران كونترا بأنه <<مسألة تعود الى الماضي>>. ولكن تاريخ وسجل أبرامز غير الناصع لم يناقش آنذاك في الكونغرس، ولن يناقش الآن، لان هذا المنصب في مجلس الامن القومي لا يتطلب تصديق لجان الكونغرس المختصة عليه. وخلال جلسات التحقيق في فضيحة إيران كونترا، تعرض ابرامز لانتقادات حادة، بما فيها قول السناتور الديموقراطي توماس ايغلتون، ان شهادة أبرامز جعلته يقترب من التقيؤ. من جهته وصف الادميرال المتقاعد والديبلوماسي السابق وليام كرو، اليوت ابرامز بالقول <<هذه حية يصعب قتلها>>.
وأعلنت مستشارة الأمن القومي كونداليسا رايس مساء الاثنين عن تعيين أبرامز في منصبه الجديد، والذي كان يحتله زالماي خليل زاد، الافغاني الاصل، في سياق عملية اعادة هيكلة لمجلس الامن القومي شملت تعيين خليل زاد كمبعوث خاص للرئيس بوش <<للعراقيين الاحرار>> وذلك في مؤشر آخر على عزم ادارة الرئيس بوش على تعزيز علاقاتها مع المعارضة العراقية تمهيدا للمواجهة المتوقعة مع نظام صدام حسين. وسوف يكون ابرامز في منصبه الجديد مسؤولا عن <<عملية السلام>> والسياسة الاميركية في الخليج. وسوف يساعد أبرامز في منصبه الجديد فلينت افيريت المُعار من وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي ايه) والذي سيكون مسؤولا مباشرا عن قضايا النزاع العربي الاسرائيلي تحت اشراف ابرامز.
ويعتبر ابرامز البالغ من العمر 55 سنة، من ابرز نجوم التيار اليميني المؤيد لاسرائيل والذي برز في أواخر السبعينات كرد على سياسات الرئيس الاسبق جيمي كارتر المعتدلة، ومن بينهم ريتشارد بيرل وجين كيركباتريك وفرانك غافني وغيرهم من الذين نظموا انفسهم في تنظيمات مثل <<لجنة الخطر الراهن>> و<<المؤسسة اليهودية لشؤون الامن القومي>> المعنية بدعم التحالف الاميركي الاستراتيجي مع اسرائيل. ونشر أبرامز عددا من الدراسات والكتب من بينها كتاب <<الايمان او الخوف: كيف يمكن لليهود البقاء على قيد الحياة في اميركا المسيحية>> دعا فيه الى حماية الهوية اليهودية في اميركا من خلال التركيز على الولاء الديني لليهود وليس على عرقهم. ويعتبر ابرامز من أبرز دعاة انشاء <<التحالفات مع الاميركيين المعمدانيين، وهي الفئة المسيحية الاكثر دعما لاسرائيل>> كما جاء في مقال كتبه بعد انتخاب الرئيس بوش. وفي المقابل وجّه ابرامز انتقادات قاسية للكنائس المسيحية الاخرى التي تجرّأت برأيه على انتقاد ممارسات اسرائيل ضد الفلسطينيين او التي تؤيد الفلسطينيين في حقهم بالاستقلال.
وكان ابرامز قد انتقد سياسة ايهود باراك في الانسحاب من لبنان وخلال مفاوضات كامب دافيد مع الفلسطينيين ورأى انها تهدد أمن اسرائيل. كما هلّل ابرامز لانتخاب شارون واعتبره رفضا لخط باراك وانتصارا للديموقراطية الاسرائيلية ولمفهوم الامن من خلال القوة. وانتقد ابرامز الاميركيين الذين ينتقدون اسرائيل وينسون برأيه انها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط التي تحيط بها <<ممارسات العصابات>>. وطالب ابرامز يهود اميركا بالاستفاقة من سباتهم بعد عقد من الوهم (في اشارة الى عقد التسعينيات في اعقاب اتفاق اوسلو) لكي يواجهوا الواقع، وهو ان القيادة الفلسطينية لا تريد السلام مع اسرائيل، ولكي يدركوا <<ان السلام لن يحدث>>.
ووجه ابرامز التوبيخ للقيادات اليهودية الاميركية التي تواصل الدعوات للسلام والتسويات مع الفلسطينيين، وطالبها <<بالتوقف عن الدعوات للمفاوضات، وبأن تقدم (لاسرائيل) كبديل عن ذلك شيئا ابسط وله قيمة أكثر: التضامن والدعم>>. وأضاف ابرامز في مقال نشره بعد فوز شارون ان <<سنوات الضغط الاميركي على اسرائيل والتي تزامنت مع الغمز لعرفات وتحويل الانظار عن انتهاكاته للاتفاقات التي وقعها يجب ان تنتهي>>. كما دافع ابرامز عن شارون بما في ذلك دوره خلال غزو لبنان في 1982 مشيرا الى ان ميليشيا المسيحيين الموارنة هم الذين قاموا بأعمال القتل وليس الجنود الاسرائيليين تحت أمرة شارون. وبعد ان اشار الى استقالة شارون بعد التحقيقات في اسرائيل، قارن بينه وبين ونستون تشرشل، الذي لجأت اليه بريطانيا لمواجهة هتلر على الرغم من الكارثة العسكرية التي تسبب بها في الحرب العالمية الاولى عندما حاول اقتحام غاليبولي في تركيا في 1915، معتبرا ان شارون انقذ اسرائيل كما انقذ تشرشل بريطانيا.
هذا هو سجل الرجل الذي اختاره الرئيس جورج بوش ليشرف على <<عملية السلام>> بين اسرائيل والعرب.