مصر على مسار تصادمي مع الغرب

August 15th 2013 | كتبها

 

 

 

يمكن ملاحظة بعض نتائج الخطوة الضرورية بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وما ترتب على ذلك خلال ال24 ساعة الماضية:

 

– أن الحكم الجديد تخلص من حمولة “البرادعي” الزائدة، وهو إنجاز إيجابي يضاف للإنجاز الأساسي.

– أن القوى الغربية عامة أدانت وشجبت وهددت وقلقت بشكل يذكرنا بالصورة التي بدأت فيها الأحداث في سورية.. ولكن تصاعد التوتر بين الحكم الجديد في مصر والغرب إنجاز إيجابي آخر يفتح الاحتمالات على المزيد من التوتر بين الطرفين..

– وقد برز هنا تصريح طريف جداً هو تصريح الأمين العام لحلف الأطلسي راسموسن الذي عبر فيه عن “قلقه.. من ورود تقارير عن إراقة الدماء” في مصر.  نعم يا روحي؟!  متى تحول حلف الأطلسي لمنظمة سلام عالمي؟!  وهل نسيتم دماء مئات الآلاف التي أراقتها منظمتكم القلقة من إراقة الدماء في العراق وليبيا وأفغانستان ويوغوسلافيا وغيرها؟!

– أن بعض رموز الإخونجة العالميين، مثل الغنوشي وأردوغان وغيرهم، سارعوا للمطالبة بالتدويل عبر تحويل القضية لمجلس الأمن الدولي، وهو ما يؤكد أن تجاوز الدولة الوطنية يمثل عقيدة بالنسبة لهم، إلا إذا كانت دولة يسيطرون عليها، أي إذا كانت دولة غير وطنية.

– أن ردة فعل الإخونجة على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة تمثل بحملة حرق وتدمير شاملة للبلد، حولت بعض مناطق القاهرة في الليل لما يشبه روما في ظل نيرون، لكن نلاحظ هنا بالأخص الهجمات على الكنائس في عموم مصر، مما يؤكد نزعة الإخونجة لتفجير صراع طائفي واستجلاب تدخل دولي، أي لتدمير دولة المواطنة من جذورها.

– ونلاحظ هنا أيضاً سقوط 43 عنصراً أمنياً خلال ال24 ساعة الماضية، حوالي نصفهم من الضباط، وتصعيد الهجوم بالأسلحة على مراكز الدولة في سيناء.  فالمعتصمون أرادوا مجزرة من خلال إطلاق النار على قوات الأمن من بين المعتصمين، وهو السيناريو الذي كان البعض يستهزء به عندما كانت تقول الدولة السورية في بداية الأحداث أنها تعرضت له.

– ومن المفهوم أن محاولة زعزعة الاستقرار أمنياً ستكون الخطوة التالية من خلال الإخونجة أنفسهم أو حلفائهم من الزومبجيين، وهو ما يجب الاستعداد له جيداً، ومن هنا أيضاً ضرورة فرض حظر التجول وحالة الطوارئ مؤقتاً.

– ومن المهم الانتباه أيضاً أن أحداث مصر تبرز حالة حسم في المشهد السياسي العربي كله، لا في مصر فحسب، وأن من جن جنونهم من التوجه لحسم المعركة مع الإخونجة في مصر يصطفون بوضوح مع الغرب ووسائله الإعلامية، وأن وزير الخارجية الأمريكي كيري، بعدما حاول مسايرة الحكم الجديد بمصر، عاد ليصطف بوضوح لا يقبل اللبس ضده ومع الإخونجة.

– وتتأخر روسيا والصين عن المشهد، ولكن إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، ولن يرضى الأمريكان والصهاينة باقل من تسليم الحكم في مصر لليبراليين تابعين كالبرادعي أو للإخونجة، فإن الطريق الوحيد السالك، عاجلا أم آجلاً، أمام الحكم الجديد في مصر سيكون التفاهم مع سورية عربياً، ومع روسيا والصين ودول البريكس دولياً.

 

إجمالاً، لم ينجلي الغبار عن المشهد المصري بعد، ولا يزال عدداً كبيراً من الاحتمالات قائماً، لكن الأمور تسير باتجاه إيجابي عامة حتى الآن.  وننتظر بعد الاستقرار حسم المعركة مع الفلول ومع كل مظاهر التبعية والتطبيع في مصر.

 

لم يكن ثمة مفر من قيام الحكم الجديد في مصر من حسم حالتي اعتصام رابعة العدوية والنهضة إذا ما أراد الحفاط على استقرار الدولة والتمكين لنفسه والتخلص من بؤرة الاستقطاب السلطوي القائمة على ثنائية مركزي القوة: الجيش من جهة، وجماعة “الإخوان المسلمين” من جهة أخرى.  وهي ثنائية مكررة في عدة دول عربية بالمناسبة، وتعكس بدرجة ما صراعاً ما بين الدولة الحديثة من جهة، ومشروع ما قبل الدولة أيديولوجياً من جهة أخرى، أي مشروع التفكيك المتقاطع مع برنامج العولمة والصهينة في المنطقة: “الشرق أوسطية”، أو مشروع ما بعد الدولة من منظور السياسة الراهنة.  ونذكر أن أزمة الدولة القطرية العربية، القائمة على حدود التجزئة الاستعمارية، شكلت بيئة خصبة لنمو النزعات المعادية ثقافياً للحداثة، كما نذكر بأن تجاوز أزمة الدولة القطرية لا يمكن أن يتم في إطار مشروع “وطني ديموقراطي”، أي في كل قطر عربي على حدة، فهو لا يمكن أن يتم إلا في كنف مشروع دولة الوحدة القومية التي تنحل فيها دول التجزئة القطرية.

 

 

 

إبراهيم علوش

 

للمشاركة على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=704828406201064&set=a.306925965991312.96654.100000217333066&type=1

 

الموضوعات المرتبطة

لماذا خسر “الديموقراطيون” الناخب الأمريكي في الانتخابات الأخيرة؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان الجمهوريون، عند لحظة كتابة هذه السطور، يعززون تقدمهم على "الديموقراطيين" في مجلس النواب الأمريكي، بـ 211 مقعداً في مقابل 199 للديموقراطيين (أصبحت الآن 212 [...]

أزمة الطرف الأمريكي-الصهيوني على الجبهة اليمنية

إبراهيم علوش – الميادين نت من بين كل جبهات القتال المرتبطة بمعركة "طوفان الأقصى"، لا يوجد ميدان ينخرط فيه البنتاغون والغرب الجماعي بصورةٍ عسكريةٍ مباشرةٍ إلى جانب العدو الصهيوني أكثر من [...]

إلى مقاومي وسائل التواصل والإعلام: الآن وقتكم

إبراهيم علوش – الميادين نت وضع الجنرال الصيني صن تزو، قبل أكثر من 2500 عام، ما يعد حتى اليوم أقدم كتاب في علم الحرب،  بعنوان "فن الحرب" The Art of War. ويتناول صن تزو في الفصل السابع من كتابه، فيما [...]

سيناريوهات تصاعد الصراع من جنوبي لبنان إلى الجولان

إبراهيم علوش – الميادين نت قبل يوم من ارتقاء سماحة السيد حسن نصرالله، نشر مركز أبحاث "إسرائيلي" متخصص في شؤون الجبهة الشمالية اللبنانية والسورية، هو "مركز ألما للأبحاث والتعليم"، [...]

الاستراتيجية الصهيونية في لبنان بين المقاربة العسكرية والمقاربة الأمنية

  إبراهيم علوش – الميادين نت طغى النفس الانتصاري المتغطرس في الإعلام الغربي إزاء حزب الله منذ اغتيال السيد حسن نصرالله وتشكيلة من قيادات الحزب، وخصوصاً جناحيه العسكري والأمني، وتفجير [...]
2024 الصوت العربي الحر.