من الأسير: الوطن أم معاذ؟

December 27th 2014 | كتبها

معاذ الكساسبة

أحمد عدنان الرمحي – لائحة القومي العربي
28/12/2014

لا شك أن مشاعر التعاطف التي يشعر بها المواطن العربي الأردني مع الجندي المأسور معاذ الكساسبة هي نفس المشاعر التي تختلج المواطن العربي السوري حين يشاهد أو يسمع يومياً عن أسر جندي سوري لدى نفس تلك الجماعات المسلحة الظلامية، لكن الفرق بين الحالتين هو أن الجيش العربي السوري يدافع عن أرضه ضد مشاريع التفكيك ويحمي دولته من الانهيار والاختراق، بينما جيشنا العربي يشارك في معركة ليست بمعركته متحالفاً مع عدوة الانسانية، حليفة الكيان الصهيوني الأولى – جيشنا اليوم يصطف في خندق واحد مع جنود قصفوا بغداد ودمروا العراق وفتتوه وشردوا شعبه – مع من قصف ليبيا والسودان – مع من استعدى الأمة وسرق مقدراتها من المحيط إلى الخليج، نظامنا، النظام في الأردن، يتحالف مع منظري نظرية “الشرق الأوسط الجديد” الهادف لتمزيق المنطقة وتفتيت الدول العربية المقسمة أصلاُ تحت عنوان كاذب لطالما تم انتعاله وهو “مكافحة الارهاب”.

من يود أن يحارب داعش فليختر مكانه الصحيح، اي مع الدولة العربية السورية لا مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أسست وحليفتها السعودية للفكر الظلامي، فلا يخفى على أحد أن السلفية الجهادية كانت قد بدأت ارهاصاتها أواخر الثمانينيات حين أغدقت ممالك وإمارات الخليج على ساحات القتال في أفغانستان بالمال و”بالمجاهدين”، بينما تدرب أولئك وتسلحوا من خلال الأمريكان لمواجهة الاتحاد السوفييتي، لتنقلب امريكا وربعها على تلك الجماعات بعد اتمامها المهمة، دون ان تنهيها او تبيدها تمهيداً لليوم القادم المناسب الذي ستحتاج فيه الامبريالية لتلك الآداة مرة أخرى..

من يود أن يحارب داعش، فليحاصر منظريها وقيادييها الأردنيين وما أكثرهم! فهم من يحتلون منابر المساجد بخطابهم الطائفي التكفيري البغيض. من يود أن يحارب داعش ليلقي القبض على منظري ذلك التيار الظلامي ابتداءً من القنيبي صاحب الفيديوهات الشهيرة وانتهاءً بأبو محمد المقدسي وأبو سياف وأبو قتادة الذين تنتشر تصريحاتهم وفتاويهم على صفحات الانترنت ليتم تداولها كالنار في الهشيم … أو على الأقل لتمنع سلطات النظام في الأردن رفع الرايات الداعشية في المسيرات وبيوت عزاء قتلى التكفيريين القادمين من المدن الأردنية ممن قضوا في سورية… أو ليفسر لنا النظام على الأقل تلك التقارير التي تصدر من حين إلى آخر عن معسكرات لتدريب التكفيريين في الأردن قبل تسريبهم إلى سورية!؟ أو ليفسر لنا النظام كيف لأولئك التكفيريين السفر بحرية عبر منافذ الأردن الجوية والحدودية دون حسيب أو رقيب !؟

من جانب آخر لوحظ أن بعض أقطاب ومنظري النظام بدأوا فعلاً بتداول حلول للأزمة تتمثل باطلاق سراح الارهابية “ساجدة الريشاوي” التي خانها حزامها الناسف حين لم ينفجر في أجساد المواطنين العرب الأردنيين يوم 9-11-2005 في مقابل اطلاق سراح الطيار المأسور، مستدلين بحادثة خطف السفير الأردني فواز العيطان حين رضخ النظام لمطالب الخاطفين باطلاق سراح تكفيريين ليبيين مدانين بالإرهاب من سجون الأردن!

ذلك النهج إن اتبع سيجعل من الأردنيين بمواطنيهم ودبلوماسييهم المنتشرين في أصقاع الأرض سلعة رخيصة لكل تكفيري يريد أن يطلق سراح زميل له …

ومن جانب آخر .. هذا النهج إن اتبع قد تكون له آثار أخرى قد تدفع المظلومين لانتهاج الاسلوب ذاته، فقد يفهم البعض ان الوسيلة ذاتها أصبحت نهجاَ مشروعاً، ولربما يدفع ذلك مثلاً مريدي وأقارب الجندي البطل أحمد الدقامسة بأن يخطوا الخطوات ذاتها لاطلاق سراحه خاصة أنه قد انهى محكوميته ولا يزال يقبع في السجون!!..

التحالف مع دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، عدوة البشرية، وبين دولة كالأردن ليس تحالفاً متكافئ بقدر ما هو توظيف سياسي يخدم أعداء الوطن لا الوطن … كم كنا سنكون سعداء لو أن طائرات الجيش العربي كانت تقصف تل أبيب لا سورية … وكم كنا سنشعر بالفخر بذلك الجندي حينها .. أما الآن فلا مشاعر الا الحزن على توريط الأردن وجيشه وطياريه في معارك ليست لنا … ولا مشاعر إلا الأسى على جعل الأردن أسيراً لمشاريع الغرب …

للمشاركة على الفيسبوك:

https://www.facebook.com/419327771412740/photos/a.419967428015441.105198.419327771412740/930026997009479/?type=1

الموضوعات المرتبطة

لعبة “الشرطي السيئ، والشرطي الأسوأ” في الضربة الصهيو-أمريكية على إيران

  إبراهيم علوش – الميادين نت لا يمكن القول إن الضربة الكبيرة التي شنها الكيان الصهيوني على إيران فجر الجمعة كانت غير متوقعة، لا بسبب التهويل والتهديد المستمرين، فهذان كان يمكن تصريفهما في [...]

سيناريوهات حرب أوكرانيا بين الاستنزاف المطول والحل التفاوضي

  إبراهيم علوش – الميادين نت على إيقاع هجمات متبادلة تزداد ضراوةً وعمقاً، يمكن وصف مفاوضات إسطنبول بين موسكو وكييف بأنها مسرحية تؤدى لعيون ترامب فحسب، بطلاها خصمان لدودان لا يطيق أحدهما [...]

مفهوم “السياسة الصناعية” وموسم العودة إلى فريدريك لِست Friedrich List

  إبراهيم علوش – الميادين نت لم يستفز الاستراتيجيين الأمريكيين شيءٌ مثل مبادرة "صنع في الصين 2025"، وهي خطة عشرية أطلقت سنة 2015 أيضاً لتطوير عشرة قطاعات تصنيعية صينية، من بينها الذكاء [...]

الصراع الصيني-الأمريكي من أجل إعادة صياغة المنظومة الدولية

  إبراهيم علوش – الميادين نت كثيراً ما يستفز "برود" الصين، في مواجهة التغول الأمريكي، أنصار التعددية القطبية ودعاة التحرر من الهيمنة الأمريكية حول العالم. فالصين، ثاني أكبر اقتصاد [...]

حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين

  إبراهيم علوش – الميادين نت يصر تقرير في موقع "مجلس الأطلسي" (Atlantic Council)، في 13/5/2025، بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، بأن هدف الزيارة يتلخص بأمرين: أ – عقد صفقات تجارية [...]
2025 الصوت العربي الحر.