استهداف العلماء والباحثين: أبعد من الأثر السياسي الراهن

December 1st 2020 | كتبها

الاستهداف الصهيوني للعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وعدد من العلماء الإيرانيين من قبله، يجب أن يؤخذ في سياقه التاريخي، لا السياسي الراهن فحسب. فكثيراً ما تجد القادة الصهاينة يتبجحون بالتقدم العلمي والتكنولوجي للكيان الصهيوني، لا بل كثيراً ما تجد بعضنا يقارن بتهكمٍ أو أسى، لا فرق، ما بين التقدم العلمي والتقني للكيان الصهيوني مقابل التأخر العلمي والتقني للأمة العربية، من دون أن يأخذ بعين الاعتبار ما يلي:

أولاً، أن تقدم الكيان الصهيوني على محيطه هو قرار غربي، ولذلك قدم الغرب تاريخياً أفضل ما لديه من أدوات إنتاج علم ومعرفة للكيان، وسعى لحجبها عنا في الآن عينه.

ثانياً، أن الغرب عمل على ضرب كل تجربة نهضوية في الوطن العربي بضراوة، منذ تجربة محمد علي باشا في مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر وصولاً إلى القرن الواحد والعشرين، وما تدمير العراق، ومن ثم تدمير عدد من الدول العربية في السنوات الأخيرة، إلا مثالٌ على هذا التوجه، وهي دول سعت بشكلٍ أو بأخر لامتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا.

ثالثاً، أن استهداف العلماء والمفكرين الإيرانيين ظاهرة حديثة، سبقتها ظاهرة استهداف العلماء والباحثين العرب منذ عقودٍ كثيرة، ومن ذلك مثلاً استهداف العلماء والباحثين العراقيين بالمئات بعد احتلال العراق، واستهداف العلماء السوريين بشكلٍ منهجيٍ في خضم “ثورة الحرية” التي اندلعت في سورية منذ عام 2011 (وقبل ذلك أيضاً بالطبع، محمد سليمان في طرطوس عام 2008 مثلاً)، واستهداف العلماء العرب وغير العرب الذين استقدمهم عبدالناصر للعمل على تطوير صواريخ الظافر والقاهر والناصر، واستهداف العلماء المصريين، وغيرهم كثير، ومن يبحث قليلاً في الشبكة العنكبوتية عن العلماء والباحثين العرب الذين تم اغتيالهم طوال القرن العشرين سيجد عشرات الأسماء، وربما المئات ممن نعرف أو لا نعرف عنهم عبر القرن العشرين.

العبرة هي أن التقدم العلمي والتكنولوجي هو مشروع سياسي، لا مشروعٌ فردي، وهو مشروع سياسي قومي بالتحديد، كما أن التأخر، أو الإعاقة والتأخير العلمي والتكنولوجي المتعمد بالأحرى، هو أيضاً مشروع سياسي معادٍ، لا يستهدف العلماء والباحثين والمفكرين كأفراد، بل يستهدف منع الأمم التي يفترض أن تظل تابعة وخاضعة من التطور التطور العلمي والتكنولوجي، ومن امتلاك عناصر القوة العسكرية والاقتصادية.

وبعد ذلك كله تجد الكيان الصهيوني يسوّق تقدمه العلمي والتكنولوجي كـ”جائزة” للتطبيع معه، تصوروا!

إبراهيم علوش

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=4253487238001812&id=100000217333066&notif_id=1606776616822214&notif_t=comment_mention&ref=notif

 

الموضوعات المرتبطة

لماذا خسر “الديموقراطيون” الناخب الأمريكي في الانتخابات الأخيرة؟

  إبراهيم علوش – الميادين نت كان الجمهوريون، عند لحظة كتابة هذه السطور، يعززون تقدمهم على "الديموقراطيين" في مجلس النواب الأمريكي، بـ 211 مقعداً في مقابل 199 للديموقراطيين (أصبحت الآن 212 [...]

أزمة الطرف الأمريكي-الصهيوني على الجبهة اليمنية

إبراهيم علوش – الميادين نت من بين كل جبهات القتال المرتبطة بمعركة "طوفان الأقصى"، لا يوجد ميدان ينخرط فيه البنتاغون والغرب الجماعي بصورةٍ عسكريةٍ مباشرةٍ إلى جانب العدو الصهيوني أكثر من [...]

إلى مقاومي وسائل التواصل والإعلام: الآن وقتكم

إبراهيم علوش – الميادين نت وضع الجنرال الصيني صن تزو، قبل أكثر من 2500 عام، ما يعد حتى اليوم أقدم كتاب في علم الحرب،  بعنوان "فن الحرب" The Art of War. ويتناول صن تزو في الفصل السابع من كتابه، فيما [...]

سيناريوهات تصاعد الصراع من جنوبي لبنان إلى الجولان

إبراهيم علوش – الميادين نت قبل يوم من ارتقاء سماحة السيد حسن نصرالله، نشر مركز أبحاث "إسرائيلي" متخصص في شؤون الجبهة الشمالية اللبنانية والسورية، هو "مركز ألما للأبحاث والتعليم"، [...]

الاستراتيجية الصهيونية في لبنان بين المقاربة العسكرية والمقاربة الأمنية

  إبراهيم علوش – الميادين نت طغى النفس الانتصاري المتغطرس في الإعلام الغربي إزاء حزب الله منذ اغتيال السيد حسن نصرالله وتشكيلة من قيادات الحزب، وخصوصاً جناحيه العسكري والأمني، وتفجير [...]
2024 الصوت العربي الحر.